-A +A
حسين شبكشي
الدبلوماسية الهادئة تبنى بخطوات محسوبة وهذا ما يمكن أن يلخص الانطباع الذي حصل بعد انقضاء قمة جدة الأخيرة بنجاح لافت ومهم. فليس خافياً على أحد أن الكثيرين من المتابعين سواء أكانوا من ضمن معسكر المتفائلين أو المتشائمين لم يكن يتوقع حصول قمة بهذا المستوى ولا بالتالي نجاحها. فالسعودية حققت أهدافاً مهمة تحسب لدبلوماسيتها الهادئة ومن أهمها إعادة إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة التواجد والتواصل مع منطقة الشرق الأوسط بدلاً من الانسحاب منها وأهمية التواصل مع السعودية كنقطة ارتكاز محورية في المنطقة.

وهذا الإنجاز المهم يأتي بعد مرحلة مضطربة في العلاقات بين البلدين كما هو معروف، وبالتالي يكون لهذا الإنجاز معنى أبلغ وأعمق.


ويضاف هذا الإنجاز المهم إلى سلسلة أخرى من الإنجازات الدبلوماسية السعودية التي يتابعها الكثيرون ولعل من أبرزها ما تم تحقيقه في قمة العلا وبدء صفحة جديدة بين الدول المعنية لا تزال تحصى خيرات ما تم التوصل إليه وقتها.

أنتمي إلى جيل يدرك تماماً أهمية وميزة علاقة قوية ومستقرة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، فهذه العلاقة كانت لها مزايا عديدة في الطفرة الاقتصادية والتطور الاستثماري والنقلة النوعية في التعليم الجامعي والقيمة المضافة في مجالات الطب والتقنية الحديثة والبحث العلمي.

ولكن قمة جدة أوضحت أن هناك وقائع جديدة مطلوب أن تؤخذ في عين الاعتبار أهمها أن دول المنطقة تغيرت والمنطقة نفسها تبدلت ووقائع وضع الطاقة وأمنها تفرض أمراً آخر على الأرض.

نالت قمة جدة الكثير جداً من المراقبة والتحليل والتدقيق المستحق في شأنها ومحاولة تفسير وتأويل كل صغيرة وكبيرة، إلا أن أهم ما أنجز في قمة جدة هو أنه بداية كتابة فصل جديد في العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بعد جمود وشبه انقطاع وهذا بحد ذاته إنجاز مهم يحسب للدبلوماسية السعودية الهادئة.

تنظيم السعودية لقمة جدة الناجحة وتأمين الحضور القوي لضيوفها من المشاركين فيها واختيار عنوان ذكي لها مفاده أن الأمن والتنمية هما محورا مستقبل المنطقة، كل ذلك جعل من قمة جدة نقلة نوعية في الرسالة الدبلوماسية السعودية وهذا بلا شك سيحسب لها.