-A +A
بيان محمود زهران
وصف القرآن الكريم الزواج بـ«الميثاق الغليظ»، جاء هذا الوصف البالغ القوة لتأكيد الالتزام والحفاظ على ذلك الميثاق والوفاء به من لحظة توقيع عقد النكاح، ويسبق ذلك مرحلة الخطبة التي يتقدم فيها الرجل للمرأة بنية الزواج منها، وقد حدد النظام السن القانونية للزواج وفق المادة التاسعة من نظام الأحوال الشخصية بمنع توثيق الزواج لمن هم دون سن الثامنة عشرة، سواء كان رجلاً أو امرأة، وبعد إتمام السن القانونية وتأهيل الطرفين والاستعداد لتوقيع هذا الميثاق قد يتم الزواج وقد لا يتم لأسباب قد تعود لأحد الطرفين، ولهما الحق الشرعي والقانوني لإتمام الخطبة بالزواج أو العدول عنه. ولتفادي وقوع الظلم والإجحاف على أحدهما في حالة فسخ الخطبة، ولمعالجة الخلافات التي قد تحدث، فقد فرّق المنظم بين الهدايا التي قد تُقدم من الطرفين بمرحلة الخطبة، وما دفعه الخاطب تصريحاً أو عرفاً على أنه «مهر»، والأصل أن جميع ما يُقدم خلال الخطبة يعد هدايا. وفيما يتعلق بالهدايا فليس لمن عدل عن الخطبة الرجوع في الهدية التي قدمها، وللطرف الآخر أن يسترد منه ما قدمه من هدايا أو بقيمة مثلها ما لم تكن مما يستهلك بطبيعتها على سبيل المثال «الحلوى، العطور، منتجات التجميل»، أما فيما يتعلق بدفع المال كـ«مهر» فللخاطب في كل الأحوال استرداده سواء كان العدول عن إتمام الزواج منه أو من المخطوبة، وفي حالة وفاته يحق لورثته المطالبة بما سلم بعينه إذا كان قائماً أو بمثله أو بقيمته.

هناك حالات أخرى لم يتطرق لها نظام الأحوال الشخصية كونها تخرج عن اختصاص محكمة الأسرة، وبصفتي محامية تردني تلك الحالات، وغالباً ما تكون معاملات مالية بين الطرفين، كأن يستغل أحدهما الآخر عاطفياً في تلك المرحلة ويقترض منه مبلغاً من المال، أو يوهمه بمشروع اقتصادي لتنمية المال وضمان حياة كريمة بعد الزواج، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى ارتكاب جرائم إساءة سمعة أو التشهير أو الابتزاز للكيد بالطرف الآخر أو بسبب عدوله عن الخطبة، وفي تلك الحالات لا تكون محكمة الأسرة هي جهة اختصاص، وتُكيف القضية وجهة الاختصاص حسب مُعطياتها ووقائعها، فإذا كانت قرض مبلغ مالي فتنظُرها المحاكم العامة، وإذا كانت مكتملة الأركان على أنها جريمة نصب واحتيال أو جريمة ابتزاز أو تشهير وإساءة سمعة فتنظرها المحاكم الجزائية وتعد من قبيل الجرائم التي يحكمها القانون الجنائي.


في ضوء تلك الحالات والوقائع المختلفة وتجنب الآثار القانونية المترتبة عليها جاءت الأنظمة في المملكة العربية السعودية مترابطة ومتكاملة ومتخصصة ودقيقة لتضمن حماية الفرد والمجتمع وتحقيق العدالة.