-A +A
ريهام زامكه
دعوني أعترف لكم بأني لم أكن من الطالبات المجتهدات في أيام الدراسة على الإطلاق، ولم أكن أيضاً من البليدات، كنت (ما بين البين) أقف في المنتصف، وكنت جداً سعيدة بهذا الإنجاز الذي يحسب لي في مسيرتي العلمية.

فعلى الأقل لم أرسب في حياتي إلا مرة واحده أتذكرها جيداً، حين نادوا على مجموعة من الأسماء وكان من ضمنهم اسمي، فشعرت لوهلة بالفخر والاعتزاز ووقفت بكل شموخ و(نفشت ريشي) ظناً مني أنهم سوف يكرمونني لأني ودون شك من ضمن الطالبات الأوائل المتفوقات.


لكني في الواقع انصدمت حين سمعت المعلمة تنادي على اسمي وتقول: «راسبة، وتنقل للدور الثاني»!!

لا أخفيكم اسودّت الدنيا في عيني ونقلوني بالفعل، لكن للدور الأول حيث غرفة الإخصائية الاجتماعية (ليسعفوني).

كانت هذه أول وأكبر صدمة ومصيبة في حياتي، وبصراحة ليس حُباً بالغاً في العِلم والتَعلم والدراسة، لكنها بالنسبة لي كانت مسألة (برستيج) لا أكثر ولا أقل!

بعدها ومع مرور السنوات أصبح لديّ مناعة، وأذكر خلال مرحلة الدراسة الجامعية كانت عقدتي في الحياة مادة دمها ثقيل كاسمها (الإحصاء) وكالأستاذة التي كانت تُدرسها الله لا يذكرها بالخير.

لقد حملت تلك المادة المشؤومة أكثر من مرة، لدرجة كرهتني في نفسي، وكنت في كل مرة أحاول أن أجتهد وأدرسها بشكلٍ جيد وأفهمها (لأتخلص منها) لكن دون فائدة، إلى أن قررت أن أدخل الاختبار للمرة الثالثة -أعتقد- بالحظ ودون أن أذاكر وكنت أقول لنفسي خلاص يا بنت حليّ و(زيّ ما تجّي تجي) !!

الغريب أنني قد نجحت (على الحُركرك) في تلك المرة، ووالله كنت أسير في امتحان المادة على مبدأ (حقرا بقرا)، وطبعاً يعرف الطلاب والطالبات هذه الطريقة جيداً ويفهموني.

بعدها (ما صدقت على الله) أني تخرجت، وتلاشى حلمي بأن يصبح قبل اسمي (حرف الدال)، وتنازلت عن تلك الأمنية وقلت الفكة من جُحا غنيمة، ومن هذه الجامعة التي استنزفت كل طاقاتي اللوذعية.

ويا روح ما بعدك روح، أتذكر زميلة لنا كانت (مقطعه) الكُتب، ومتفوقة جداً ودائماً هي من الأوائل على مستوى المنطقة، لكنها كانت (كريهة) لا تغششنا ولا تنطق بأي كلمة أو تساعدنا بشيء!

درست (الفالحة) وسهرت الليالي وحصلت على الدرجات العليا، وهي الآن تبيع (ورق عنب) بالانستقرام.

وعلى كل حال؛ اليوم عاد حلمي (بحرف الدال) يراودني، بعدما (وزنّي) الشيطان وأغراني خبراً قد قرأته في أحد المواقع الصفراء عن دُكان يبيع (الشهادات الوهمية المضروبة) أياً كانت سواءً بكالوريوس أو دبلومات أو درجات عُليا كالماجستير والدكتوراه وبأسعارٍ رمزية!

دفعني فضولي للاطلاع على قائمة الأسعار ووجدت أرخص (بكج) بقيمة 49 ألف ريال، والحمد لله معي (الألف ريال) وباقي ثمانية وأربعون.

وإلى أن تتيسر ويفرجها الله دفعتها لهم كعربون وتقدمت وطلبت واحد ماجستير في الصحافة، وواحد دكتوراه في الإعلام، واثنين (شاورما) لحم بس بدون ثوم!