-A +A
حمود أبوطالب
ذات زمن، في أول زيارة لجزيرة فرسان، وفي الطريق من الميناء إلى المدينة تسمرت عيناي على لوحة تقول: انتبه أمامك غزلان، خطفتني هذه العبارة وحفرت حروفها في وجداني، وخلقت بيني وبين هذه الجزيرة بكل ما فيها مودةً حميمة، تجعلني أحرص على زيارتها في أي مناسبة، وأستمتع بصحبة الناس الأنقياء والطبيعة الساحرة.

هذه المرة أزورها برفقة صحب أعزاء من الأدباء والمثقفين والإعلاميين لحضور ملتقى فرسان الشعري الذي يقام ضمن موسم جازان الشتوي، وفرسان هي نبع شعر لا ينضب، كل ما فيها ينطق شعراً جميلاً، وقد تفضلت اللجنة المنظمة بترتيب جولات سياحية في أنحاء الجزيرة، بحرها وجزرها وشواطئها وآثارها، ليتجدد في ذهني السؤال الكبير المزمن: أينكم عن فرسان؟


نعرف أن فرسان تطورت كثيراً لناحية الخدمات، وأصبحت فيها كل المرافق الأساسية، لكننا نتحدث عن فرسان الكنز السياحي الذي لم يتم الالتفات له بشكل جاد ومؤسسي بحسب مقتضيات صناعة السياحة الحديثة. وحين أقول أينكم عن فرسان فأنا أقصد الجهات المسؤولة عن التخطيط للاستثمار السياحي الحقيقي ووضع إستراتيجية تحول فرسان إلى وجهة سياحية عالمية كما هو حال مشروع البحر الأحمر وغيره من المشاريع السياحية الضخمة التي يجري العمل الآن على تنفيذها. إن منطقة جازان بطبيعتها المتنوعة جبلاً وسهلاً وبحراً أصبحت ذات ميزة سياحية نوعية فريدة، لكن فرسان عالم سياحي قائم بذاته يندر وجوده على ضفاف البحر الأحمر، وربما في المنطقة العربية، وهي جزيرة مأهولة تضج بالحياة وليست مثل الأماكن الأخرى التي تحتاج استصلاحها من الصفر، هي فقط تحتاج توظيف إمكاناتها بشكل متطور من خلال استثمارات سياحية متخصصة وذات خبرة.

وفي هذا السياق، نود الإشارة إلى جانبين مهمين، فجزيرة فرسان بها كنوز أثرية لا حصر لها لكنها مهملة إلا من اهتمامات شخصية مثل المتحف الذي أنشأه الأستاذ إبراهيم مفتاح في منزله وبجهده الشخصي. إن فرسان تحتاج إلى متحف يضم آثارها ويحفظها من الاندثار. ونتمنى أن تبادر هيئة الآثار للاهتمام بهذا المطلب. أما الأمر الآخر فهو الحاجة الملحة لزيادة عدد رحلات العبارات من جازان إلى فرسان والعكس، وربما إدخال عبارات ذات سعة أكبر، لبينما يتم الوصول مستقبلاً إلى وسيلة نقل أخرى مثل الطيران المائي الذي عرفت أنه قيد الدراسة الآن.

فرسان جميلة وأهلها أجمل، وتستحق كل الاهتمام.