تجربة الرئيسين عبدالفتاح السيسي ورجب أردوغان السياسية والاقتصادية تستحقان التأمل، فالدولتان متشابهتان وربما تعرض بلداهما لظروف متشابهة، كلاهما يطلان على البحر الأبيض المتوسط، كلاهما يعدان بوابة على أوروبا، تركيا لآسيا، ومصر لأفريقيا، ولديهما مخزون سكاني كبير، الطبقة المهنية العاملة في البلدين ماهرة ومتنوعة، وهناك بنية اقتصادية قديمة وذات إرث عميق، الاختلاف أن نجم مصر صاعد سياسيا واقتصاديا، ونجم تركيا في الطريق إلى الأفول.
بدأ عبدالفتاح السيسي تجربته لبناء الجمهورية المصرية الثانية منذ عام 2013، وبقي طوال عامين متتاليين يحاول إطفاء الحرائق التي أشعلها تنظيم الإخوان الإرهابي في الثياب المصرية بهدف اغتيالها، وإعادة احتلاله لمصر عبر الإرهاب والتفجيرات واستباحة الدماء.
لكن ذلك لم يوقف عزيمة السيسي عن خوض أصعب المعارك، التي كانت بلا شك المعركة الاقتصادية، مع بلد بلا موارد ثابتة ومخزونه من النفط والغاز محدود، والبنية التحتية متهاوية، وهجرة متزايدة للمدن وعزوف عن الحياة في الريف الزراعي، والطبقة المتوسطة تتآكل، ونسبة الفقر في تزايد، وقناة السويس مصدر العملة الصعبة بالكاد تعمل.
قرر السيسي تعويم الجنيه أمام الدولار هي قصة «عبور» أخرى، من الممكن أن تنقل مصر من ضفة الضعف إلى ضفة الدولة القوية، قرار جريء وخطير، لكنه أول طريق الإنقاذ الاقتصادي والتحول من دولة فاشلة إلى نمر اقتصادي، والمضي في طريق إصلاح وعر يحتاج إلى تضحيات كبرى، في بلد عرف التضحيات من أجل بلاده فلا أقل من تضحيات اقتصادية ومعيشية مؤقتة، والسيسي ومصر مستعدان لدفع فاتورة عودة القاهرة لتضيء الشرق من جديد.
السيسي لم يكتفِ بذلك بل أعاد تحديث البنية التحتية، التي يعلم كل الاقتصاديين أنها طريق التنمية الأسرع، فهي المشغل الأكبر لمعظم الشركات والمولد الأعظم للوظائف.
في السياسة انتقل السيسي إلى المنطقة الآمنة، وهي منطقة تعني الحفاظ على المصالح المصرية بحرفية وبعمليات جراحية تفتح الطرق أمام السياسة المصرية، في ليبيا والسودان وإثيوبيا وسوريا وأخيرا استعادة الدور المصري في الملف الفلسطيني.
أردوغان في المقابل استلم بلدا قابلا للنجاح وضع أسس انطلاقته الرؤساء تورغت اوزال، وسليمان ديمريل، وأحمد نجدت، مع رغبة شعبية تسندها طموحات واسعة من قطاعات رجال الأعمال والمصنعين للالتحاق بأوروبا، ما دفع الأتراك لتبني «منفيستو» النجاح الأوروبي، الذي يعتمد على تبني الآلية الإدارية والتشريعات ونظام الجودة الأوروبي للصعود إلى الاتحاد الأوروبي، كان قرار الطبقة الحاكمة قبله بلا شك، وحصد نتائجها أردوغان، لكن هذه التجربة سرعان ما تعرضت للاغتيال، بعدما ابتليت منذ عام 2010 بمغامرات أردوغان وطموحاته الشخصية، وأحلام رومانسية مجنونة لاستعادة امبراطورية ماتت وأصبحت عدما.
مرسلا جيوشه ومرتزقته إلى شمال سوريا، وليبيا وأذربيجان والصومال، وهذه ليست معارك مجانية، إنها فواتير ضخمة، سدد ثمنها الاقتصاد والشعب التركي، ليحول بلاده من مركز مالي وسياحي وصناعي إلى دولة مترنحة تذوب عملتها تحت وطأة الدولار، وعزوف المستثمرين وتدهور الاقتصاد والسياحة.
إنهما تجربتان ملفتتان، تستحقان التأمل، كيف انتشل السيسي دولته المصرية من براثن الإرهاب والفقر والضعف الاقتصادي، وكيف ضيع أردوغان مكاسب بلاده التي دفع ثمنها الأتراك طوال عقود قبل وصوله لسدة الحكم.
بدأ عبدالفتاح السيسي تجربته لبناء الجمهورية المصرية الثانية منذ عام 2013، وبقي طوال عامين متتاليين يحاول إطفاء الحرائق التي أشعلها تنظيم الإخوان الإرهابي في الثياب المصرية بهدف اغتيالها، وإعادة احتلاله لمصر عبر الإرهاب والتفجيرات واستباحة الدماء.
لكن ذلك لم يوقف عزيمة السيسي عن خوض أصعب المعارك، التي كانت بلا شك المعركة الاقتصادية، مع بلد بلا موارد ثابتة ومخزونه من النفط والغاز محدود، والبنية التحتية متهاوية، وهجرة متزايدة للمدن وعزوف عن الحياة في الريف الزراعي، والطبقة المتوسطة تتآكل، ونسبة الفقر في تزايد، وقناة السويس مصدر العملة الصعبة بالكاد تعمل.
قرر السيسي تعويم الجنيه أمام الدولار هي قصة «عبور» أخرى، من الممكن أن تنقل مصر من ضفة الضعف إلى ضفة الدولة القوية، قرار جريء وخطير، لكنه أول طريق الإنقاذ الاقتصادي والتحول من دولة فاشلة إلى نمر اقتصادي، والمضي في طريق إصلاح وعر يحتاج إلى تضحيات كبرى، في بلد عرف التضحيات من أجل بلاده فلا أقل من تضحيات اقتصادية ومعيشية مؤقتة، والسيسي ومصر مستعدان لدفع فاتورة عودة القاهرة لتضيء الشرق من جديد.
السيسي لم يكتفِ بذلك بل أعاد تحديث البنية التحتية، التي يعلم كل الاقتصاديين أنها طريق التنمية الأسرع، فهي المشغل الأكبر لمعظم الشركات والمولد الأعظم للوظائف.
في السياسة انتقل السيسي إلى المنطقة الآمنة، وهي منطقة تعني الحفاظ على المصالح المصرية بحرفية وبعمليات جراحية تفتح الطرق أمام السياسة المصرية، في ليبيا والسودان وإثيوبيا وسوريا وأخيرا استعادة الدور المصري في الملف الفلسطيني.
أردوغان في المقابل استلم بلدا قابلا للنجاح وضع أسس انطلاقته الرؤساء تورغت اوزال، وسليمان ديمريل، وأحمد نجدت، مع رغبة شعبية تسندها طموحات واسعة من قطاعات رجال الأعمال والمصنعين للالتحاق بأوروبا، ما دفع الأتراك لتبني «منفيستو» النجاح الأوروبي، الذي يعتمد على تبني الآلية الإدارية والتشريعات ونظام الجودة الأوروبي للصعود إلى الاتحاد الأوروبي، كان قرار الطبقة الحاكمة قبله بلا شك، وحصد نتائجها أردوغان، لكن هذه التجربة سرعان ما تعرضت للاغتيال، بعدما ابتليت منذ عام 2010 بمغامرات أردوغان وطموحاته الشخصية، وأحلام رومانسية مجنونة لاستعادة امبراطورية ماتت وأصبحت عدما.
مرسلا جيوشه ومرتزقته إلى شمال سوريا، وليبيا وأذربيجان والصومال، وهذه ليست معارك مجانية، إنها فواتير ضخمة، سدد ثمنها الاقتصاد والشعب التركي، ليحول بلاده من مركز مالي وسياحي وصناعي إلى دولة مترنحة تذوب عملتها تحت وطأة الدولار، وعزوف المستثمرين وتدهور الاقتصاد والسياحة.
إنهما تجربتان ملفتتان، تستحقان التأمل، كيف انتشل السيسي دولته المصرية من براثن الإرهاب والفقر والضعف الاقتصادي، وكيف ضيع أردوغان مكاسب بلاده التي دفع ثمنها الأتراك طوال عقود قبل وصوله لسدة الحكم.