-A +A
منى العتيبي
تزامنًا مع قرب اليوم العالمي للعنف ضد المرأة صادف ذلك انعقاد المؤتمر العلمي لتمكين المرأة في عهد خادم الحرمين الشريفين، الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على مدار يومين متتابعين برعاية صاحبة السمو الأميرة فهدة بنت فلاح آل حثلين، والذي يؤكد دعم القيادة الرشيدة -حفظها الله- للمرأة، وتقدير دورها في خدمة المجتمع وتنميته الشاملة.

ومن باب إحقاق الحق سعدت جدًّا بالتنظيم المبهر للمؤتمر والإعداد الجيد والتنوع في الأطروحات العلمية والثقافية والفكرية، الموضوعية في طرحها والشاملة لكافة مجالات التنمية الاجتماعية والوطنية والحضور الذي شمل كلا الجنسين من النساء والرجال. كما أبدعت اللجان العلمية والإعلامية في التنظيم رغم كثافة الحضور، فشكرًا جميلاً يليق بمنسوبي جامعة الإمام محمد بن سعود.


وبمناسبة ذلك سأخصص مقالتي هذه للتنبيه إلى العلاقة المتينة بين التمكين والتكوين؛ حيث جاء تمكين المرأة السعودية بقرار وبدعم كامل من حكومتنا الرشيدة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والقيادات السعودية، وشاهدنا منذ يومها حضور المرأة وتمكينها في المؤسسات الحكومية والخاصة وميادين العمل المتنوعة وبهذا قطع موضوع تمكين المرأة شوطًا كبيرًا لا يمكن إجحافه، ولكنني أرى أن هذا التمكين ينقصه «التكوين»، التكاملية من جهة الأسرة أولاً والمجتمع ثانيًا، بالنسبة للأسرة فهي الركيزة الأولى في صناعة التكوين الأول لتمكين المرأة وإعدادها نحو ذلك، فكيف لامرأة هُزمت شخصيتها في منزلها وبين أفراد أسرتها أن تكون مستعدة للتمكين خارج أسوار أسرتها؟! وكيف لامرأة مسلوبة الحقوق وجاهلة بالواجبات داخل نطاق أسرتها أن تتمكن من التمكين وقد تضيع بين أوراق الحقوق والواجبات؟! وكيف لامرأة نُزعت منها قوتها الفكرية والثقافية أن تواجه تحديات التمكين على أرض الواقع؟! لا أعتقد أنها ستكون جاهزة للتمكين وهي في بيتها لا تملك حقها في الرأي والمشورة.

أما التمكين من المجتمع لا بد أن يأتي بالقناعة التامة والإيمان المحفوف باليقين بأهمية تمكين المرأة ودورها التنموي وأحقيتها في التنافسية لصناعة ريادتها، فبهذه القناعة المكتملة حينها يتخلص المجتمع من ظاهرية التمكين وبالتالي إعطاء المرأة صلاحياتها في مجالها التمكيني كما جاء في القرار الحكومي، فهناك بعض المؤسسات نجد تمكين المرأة بها مشلولاً ينقصه تمكينها من الصلاحيات التي تُسلب منها نتيجة عدم القناعة المجتمعية بتمكينها أو الشك في قدرتها أو الخوف من التنافسية!

وهذا الحديث عن التمكين والتكوين يقودني إلى الدور المهم الذي يلعبه الإعلام في تعزيز دور المرأة التنموي وضرورة تكوينها فكريًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا؛ لتكون جاهزة لمرحلة التمكين منها: رفع مستوى الوعي في ضرورة مساهمتها في صنع القرار، أيضًا المساهمة في نشر ثقافة الحوار بين الثقافات المختلفة وتبسيطه وإشراك الأسرة وأفراد المجتمع في ذلك من خلال إعداد البرامج المختصة، ولعل برنامجًا مثل برامج المسابقات التي يحضر فيها أفراد الأسرة كشركاء في المنافسة لأسرة أخرى يعزز ويقدم رسالة إعلامية بضرورة شراكة المرأة في المشورة والقيادة حين تقود فريق أسرتها وغيرها من البرامج. كما ينبغي على الإعلام تنمية الوعي لدى الشعوب، وتحفيز الشّباب على تنمية المجتمع والتّعاون لأجل نهضة البلاد حتى يظهر لنا جيلٌ يؤمن بأن التمكين يبدأ من التكوين.

ختامًا أقول: إن تكوين المرأة في الأسرة والمجتمع من الضروريات التي تستطيع بهما المرأة تحقيق النجاح في التمكين، فلن ينجح التمكين إلا بالتكوين السليم.