-A +A
عبداللطيف الضويحي
لم يكن مطلوبا من سكان كل حي أن يكونوا مهندسين أو أخصائيين اجتماعيين أو بيئيين، ليدركوا أهمية النادي الاجتماعي وقيمته النفسية والاجتماعية والحضارية في كل حي سكني. ولم يكن مطلوبا من سكان الأحياء الإسهام بوضع أهداف وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، وأهداف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وأهداف وزارة الثقافة، ووزارات وهيئات أخرى، لكي يتحملوا مسؤولية حجم الفاقد الاجتماعي والنفسي والحضاري جراء غياب وتغييب النادي الاجتماعي عن ثقافة أحيائنا السكنية.

تتعاظم أهمية النادي الاجتماعي بتعقد الحياة نفسها، ولم تتعقد الحياة وتتداخل مثلما تعقدت وتداخلت أثناء فترة جائحة كورونا. فالناس يعانون نفسيا واجتماعيا إلى اليوم، بل تعاني الناس بسبب الاعتماد المفرط على الأجهزة الذكية والتي تسببت بإيجاد كائنات فردية معزولة حتى في المنازل، من هنا تتزايد الحاجة للنادي الاجتماعي في كل حي سكني.


الكل من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية يدعي معرفتها بأهمية وقيمة ومردود النادي الاجتماعي، لكنهم يتنكرون له في أهدافهم وخططهم؟ فهل لا يزالون يجهلون المعنى الحقيقي للنادي الاجتماعي وأهميته في الحي السكني؟ ولماذا يتوفر الحي السكني على كل الاحتياجات الفردية، لكنه يفتقر لتلبية الحاجات الجماعية لسكان الحي؟ هل يعقل أن نطالب بوزارة أو هيئة جديدة فقط لكي نضمن أن يجد النادي الاجتماعي مرجعية تتبناه وتؤمن بأهدافه؟ هل يعقل أن غياب النادي الاجتماعي عن أحيائنا السكنية نتيجة لتعذر الحاضنة والمرجعية لفكرة النادي؟

هل غياب النادي الاجتماعي عن أحيائنا السكنية دليل على غياب التنسيق بين الأجهزة الحكومية؟ أم أن النادي الاجتماعي غاب عن أحيائنا السكنية لغياب المجتمع المدني الحقيقي وعدم انخراط القطاع الثالث في حياتنا الحقيقية؟ هل يمكن أن يكون غياب النادي الاجتماعي عن أحيائنا السكنية دليلا على غياب أو ضعف المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص؟ أم أن غياب النادي الاجتماعي عن أحيائنا السكنية يكشف الفجوة العميقة بين القطاع الحكومي والقطاع التجاري والقطاع الثالث؟

إن النادي الاجتماعي النابع من حاجة سكان الحي واحتياجهم لا يقل أهمية عن كثير من المؤسسات والأعمال والنشاطات الحالية التي تقف وراءها مؤسسات حكومية أو جمعيات أهلية أو أرباب المسؤولية الاجتماعية، لكن مشكلة النادي أنه ضحية الحرس القديم للتنمية.

هؤلاء الحرس القديم ينتمي بعضهم لثقافة «الاستراحات»، أي أن أفراد الأسرة لا يرتبط بعضهم ببعض إلا داخل البيت، أما خارج المنزل فكل فرد يبحث مع أصدقائه عن استراحة. البعض الآخر من حراس التنمية ينتمي لثقافة العشيرة، أي أن الحياة والنشاط الاجتماعي للأسرة لا يكون إلا مع الأقارب وأسر الأقارب.

أما ثقافة النادي الاجتماعي في الأحياء السكنية تتطلب مؤسسات عصرية ووعيا عصريا وثقافة عصرية لا تعتبر النادي الاجتماعي ترفا ولا تعده كرما، إن قام به البعض سقط عن الآخرين. بهذا المعنى يعد النادي الاجتماعي ضحية مركبة لسوء التخطيط البلدي والحرس التقليدي للتنمية، وغياب التنسيق بين القطاع الحكومي والقطاع التجاري والقطاع الثالث.