-A +A
منى المالكي
يقول درويش «لا أُريدُ منَ الْحُبِّ غَيْرَ الْبدَايَةِ» وكأن البداية في الحب هي النشوة التي يريد وبعدها يبدأ الاعتياد الذي يصفه إحسان عبدالقدوس أنه هو الحب أيضا! كما كتب ذلك في مقدمة روايته الجميلة «أنف وثلاث عيون»، فهل اختلاف درويش وعبدالقدوس هو شرارة البداية في تعريف الحب؟!

وتتكرر البدايات دائما فنعد أنفسنا مع كل بداية أن نتجنب حماقاتنا الصغيرة، ولكن نجد أننا نعيد ذات البداية بتفاصيلها بحماقاتها بنجاحاتها بفرحها بخيباتها في كل مرة ويعلو لماذا؟! أسئلتنا الحائرة!


تحفل صفحات التواصل الاجتماعي ولقاءات الأصدقاء ووصايا الأمهات مع بداية كل عام جديد بذات التهنئة وذات النصيحة ونفس الأمنيات وتكرر الطقوس في بداية كل عام وكأن الاحتفاء بالبداية هو اللذة فقط وما عدا ذلك ما هو إلا برواز لتظهر الصورة أحلى!

كذلك يعج تراثنا بمقولات تؤكد على أن العاقل من اتعظ بغيره وكأن التحذير من بدايات جرّت على أصحابها المتاعب والتنبيه على ذلك واجب، فهل اتعظ الإنسان بذلك التاريخ العظيم من الحروب والخراب والدمار، هل علم ذلك الكائن الذي يجرب أسلحته دائما وفي كل حضارة بشرية على أخيه في الإنسانية أن الكل سيذهب للجحيم ذاته ولكن كلا بطريقته!

لن ننكر أبدا أن التجريب متعة في ذاته والدخول لعوالم جديدة واكتشاف مساحات غريبة وارتكاب حماقات كل ذلك يكسب الإنسان تجربة، فلماذا نحذر من خوض غمار مغامرات لعل وعسى أن يسلك الجديد طريقا غير طريق من سبقه فيعود بالهداية لمن بعده!

البعض يرى أن البداية ما هي إلا تكرار فلا مبالاة ولا اهتمام! هنا تفقد الدهشة متعتها وعندها يبدأ مسلسل الخيبات الدائمة لأن الدهشة متعة الحياة، فالأطفال في فرح دائم لأنهم يكتشفون كل يوم شيئا جديدا وتعلو الدهشة وجوههم، ولذلك من يتمتع بالدهشة والرغبة في الاكتشاف والمغامرة نصفه بأن روحه طفولية جميلة محلقة نحو عوالم جديدة مبهرة!

بدأنا بالأمس عاما جديدا نسأل الله أن يعم السلام العالم وأرواحكم الطمأنينة، ولكن كيف ستكون البداية؟!