-A +A
عبدالرحمن الطريري
يأتي العيد هذا العام في منتصف شهر رمضان المبارك، حين يحتفل السعوديون بمرور خمس سنوات على إطلاق رؤية المملكة 2030، ويتزامن ذلك مع ظهور سمو سيدي ولي العهد عبر شاشة روتانا خليجية بهذه المناسبة.

لماذا للسعوديين ومن يحبهم أن يحتفلوا بعد خمس سنوات؟ السبب الحقيقي خلف ذلك في وجهة نظري أن الرؤية قضت على فكرة المستحيل، حيث رسمت خطاً واضحاً نحو تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتمادية على النفط، وكانت من المتانة بمكان للتكيف مع الصدمات وأبرزها جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط.


وبالحديث عن النفط لعلنا نبدأ من الطاقة، حيث شهدت المملكة أكثر من إعلان عن زيادة الموجودات المؤكدة من الغاز والنفط، بالتزامن مع إطلاق مشاريع الطاقة المتجددة في سكاكا ودومة الجندل، سعياً للوصول إلى إنتاج نصف الطاقة الكهربائية المطلوبة من مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة لطرح جزء من شركة أرامكو للاكتتاب العام، مما مثّل توازناً بين العناية بميزة نوعية للمملكة والمسير بخط موازٍ للمستقبل اقتصادياً وبيئياً.

وكان لافتاً أن يطلق سمو ولي العهد مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، لتثبت المملكة أن الصورة الذهنية حول المنتجين بأنهم أكثر من يسيئون للبيئة غير صحيحة، وربما لو نظرنا لمدى التزام الدول بتقليل الأضرار البيئية، لوجدنا بعض الدول الصناعية المستوردة للنفط هي الأسوأ عالمياً.

كما تبرز مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» ذهنية العمل المشترك التي تؤمن بها قيادة المملكة، حيث المستقبل لتضافر الجهود وتكاملها، وهو ما برز أيضاً عبر رئاسة المملكة لقمة العشرين، من خلال دعم تأجيل مستحقات الديون تخفيفاً للأضرار الاقتصادية على الدول الأكثر فقراً، والدعوة لوصول عادل للقاح للجميع وبسعر معقول.

هذه الرؤى البيئية لا تخرج عن مظلة تحسين جودة الحياة لسكان المملكة، ورفع نسبة ممارسي الرياضة، بالإضافة لتنويع وتعزيز فرص الترفيه، وقد شهدنا تغيراً نحو ممارسة طبيعية في وطننا، كانت حتى سنوات خلت أحلام يقظة، لا يمكن أن تتحقق إلا خارج الوطن، فقد شهدنا الحفلات الغنائية للمطربين السعوديين، وفتحت قاعات السينما أبوابها، وشهدنا كيف احتفى بها السعوديون بكل رقي وتحضر، بعكس حملات التشويه التي قادتها الصحوة.

اليوم يستمتع السعوديون وسكان المملكة عامة بمناطق لم يكتشفوها من قبل، من شواطئ البحر الأحمر الخلابة، مروراً بجمال العلا الذي يسلب الألباب، إلى الجنوب الآسر بطبيعته وطقسه البديع، وعدد من المناطق التي لا يتسع لها مقال، ونشهد مشاريع البنية التحتية تسابق الزمن في كل المناطق، وخلال ثلاثة أعوام سنشهد قفزة في البنية التحتية ستنعكس بكل تأكيد على السياحة.

والسياحة كانت قطاعاً لا يخطر على البال بعيداً عن السياحة الدينية، لكننا وجدنا التأشيرات السياحية تقارب نصف المليون تأشيرة، والإقبال كبير جدّاً من مختلف الجنسيات، وكانت الثقافة السعودية من مأكل ومشرب وأزياء وموسيقى، وقبل ذلك كله حُسن الاستقبال وابتسامة الاحتفاء، عوامل جذب كافية تجعل زيارة المملكة من الصعب أن تمحى من الذاكرة.

كان رهان سمو ولي العهد على الشباب السعوديين في محله، ووجدتها في الوجوه في أماكن عدة تعمل على تحقيق مستهدفات الرؤية، حيث تجد جيلاً يثق في قيادته ويدرك إدراكاً عميقاً أنه محظي بكونه في مرحلة استثنائية من تاريخ وطنه، ونشعر جميعاً بفخر أن يكون لنا دور بسيط للغاية في هذا الحلم الكبير.

ختاماً يجب أن لا ننسى أن رحلة المملكة نحو رؤيتها لم تتم والمملكة بجوار دول إسكندنافية، بل إن السعودية تعمل على رؤيتها بالتزامن مع تحديات أمنية عبر صواريخ ومسيرات إيرانية تأتي عبر الحوثيين وغيرهم من الأذرع، وتأتي على شكل مخدرات مدسوسة في الفواكه من نظام الأسد ودويلة حزب الله.

ولهذا يحتفل السعوديون بخمس سنوات على طريق الرؤية، فالأحلام السهلة لا تثير حماستهم.