-A +A
محمد مفتي
انطلاقاً من رؤية المملكة 2030 للتحول نحو مجتمع ذكي وحديث من خلال رقمنة الخدمات الرسمية والتحول بالكامل للحكومة الإلكترونية، تطلق العديد من الوزارات الكثير من التطبيقات التي تسهم كل منها في تفعيل خدمة ما أو إطلاق عدد من الخدمات لتسهيل حياة المواطنين والتيسير عليهم، وتتنوع تلك الخدمات وتتعدد فمنها ما يخص الأحوال المدنية كتطبيق «أبشر»، ومنها ما يخص الأمن كتطبيق «كلنا أمن»، ومنها ما يخص التأمينات الاجتماعية مثل تطبيق «تأميناتي»، وغيرها الكثير مما يشمل حياة كل المواطنين سواء ما تعلق منها بتوفير الخدمات أو تيسير المعاملات، أو التبليغ عن التجاوزات، أو كل هذه الخدمات مجتمعة.

إن هذه الرؤية تهدف لتحديث المجتمع وتوعية المواطنين مع توطين التكنولوجيا وإدخالها كمكون أساسي من مكونات المجتمع السعودي الحديث، وبخلاف ذلك فإن رؤية 2030 تهدف لنشر الثقافة الذكية بين المواطنين، وهو الأمر الذي يتم من خلال إطلاق تلك التطبيقات التي يعتبر أغلبها خدمياً، يهدف لتسهيل حياة المواطنين وتوفير الكثير من المشاق على الأجهزة الحكومية في نفس الوقت، وهي المشاق التي كان ينتج أغلبها عن التعامل الورقي والتكدس والازدحام وما يستتبعهم من مشكلات عديدة ومتنوعة.


ومن الملاحظ واللافت للانتباه أن الحكومة الإلكترونية بالمملكة تتطور طوال الوقت، فكلما استجد حدث أو شأن جديد ظهر تطبيق جديد لحل المشكلة الحديثة وتخفيف أثرها على المواطنين، ولعل جوهر العالم الرقمي يتمحور حول فكرة التطوير تلك، ويتركز على الكيفية التي من خلالها يمكن للدولة حل المشكلات المستجدة من خلال الوسائل التقنية الملائمة، ولو لاحظنا على سبيل المثال سبب إطلاق تطبيق «توكلنا» فسنجد أن إطلاقه في البداية كان نتيجة لجهود الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي لمواجهة فايروس كورونا والإسهام في الحد من انتشاره، من خلال إدارة عملية منح التصاريح إلكترونياً للمواطنين خلال فترة حظر التجول، لكن التطبيق تم تطويره مؤخراً بشكل إيجابي كونه يهتم بتوثيق كل ما يتعلق بالمواطن كالهوية الوطنية ورخص القيادة ورخص سير المركبات بحيث لا يحتاج المواطن والمقيم لحمل البطاقات نفسها والتي قد تكون عرضة للضياع.

مع بداية الانطلاق نحو تعميم كافة التعاملات الإلكترونية بالمملكة نكون قد قطعنا شوطاً طويلاً بالفعل من رقمنة كافة الخدمات وتحويل المجتمع لآخر ذكي وحديث متطور في آن واحد، وقد حققت الخدمات الإلكترونية نجاحاً باهراً وأثبتت قدرتها الفائقة على تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها منذ البداية، ولعل تطبيق Mada Pay والذي يتيح خدمة الدفع عبر أجهزة الجوالات الذكية، يمثل أيضاً مرحلة جديدة وواعدة في طريق أتمتة جميع المعاملات المالية، دون الحاجة لاستخدام البطاقات البلاستيكية المعتادة والتقليدية المعرضة للضياع، فالتطبيق الذي يتمتع بأعلى معايير الأمان وتشفير المعلومات الخاصة، يتيح لعملاء البنوك حفظ جميع بطاقاتهم البنكية داخل تطبيق واحد يتمكنون من خلاله من دفع قيم مشترياتهم عبر المتاجر المختلفة.

لاشك في أنه كلما تمتعت الخدمات التي يتم توفيرها بسهولة الاستخدام والأمان والشمول شاع انتشارها وتم الإقبال على استخدامها من الجميع، فتصميم التطبيق على سبيل المثال يجب أن يتصف بالسهولة والوضوح وعدم التعقيد، كما أنه يجب أن يشتمل على أقصى درجات الأمان الاحتياطية سواء خلال الاستخدام أو عند حدوث أي ظرف طارئ كسرقة الهاتف المحمول أو ضياعه لأي سبب، كما أن أهم صفة يجب أن يوصف بها هو الشمول، بحيث يجب أن يتمكن المستخدم من استخدام الخدمة المتوفرة في جميع عملياته المالية سواء كانت إلكترونية أو مباشرة، بدون تحديد حد أقصى، ولعل توفير الخدمات الإلكترونية على هذا النحو سيشجع على التوقف عن الدفع ببطاقات الائتمان على نحو مباشر، وسيسهم في التخلص من عيوب ومثالب تلك البطاقات.

من المؤكد أنه مع انتشار الخدمة الذكية وشيوعها على نطاق واسع سنكون قد انتقلنا لمرحلة أخرى جديدة من التحديث والتطور التقني، والذي سيؤسس بدوره لمرحلة جديدة في مجتمعنا للانتقال الكامل نحو مجتمع رقمي ذكي وحديث، وبتحقيق خطوة جديدة مثل تطبيق «توكلنا» من المؤكد أنه ستليها في المستقبل خطوات أخرى على نحو متعاقب وسيتم من خلالها التحول الحقيقي والفعلي للمجتمع الذكي المأمول، وسيتم تحقق الرؤية الإستراتيجية كما هو مخطط لها بحلول الموعد المرتقب بمشيئة الله.