-A +A
حمود أبو طالب
«لقد أحزننا دخول المملكة العربية السعودية في مناورات مشتركة مع اليونان، كنا لا نريد أن نرى السعودية تتخذ مثل هذا القرار، سنناقش هذا مع السعوديين ونعتقد أنه ما كان يجب أن يحدث».

هكذا صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليثبت مجدداً افتقاره إلى أبسط قواعد الدبلوماسية وضوابط التعامل مع الدول ومخاطبة قادتها، ويثبت كذلك استفحال داء الغرور في نفسه، وهلوسات العظمة التي تسيطر على فكره، والمشكلة أنه أدلى بهذا التصريح بعد وقت قصير جداً من تصريح عبر فيه عن رغبته في ترميم علاقات بلده بالمملكة ومصر، لتتضح حالة الفصام التي يعيشها، والتناقض الفاضح في مواقفه وتصرفاته.


عندما تشترك المملكة في مناورات عسكرية مع اليونان أو غيرها فذلك قرار سيادي لا دخل لأي دولة به، هذا ما يجب أن يفهمه أردوغان، والمملكة لا تقوم بذلك لأهداف عدوانية ضد أي جهة، وإنما لرفع جاهزية قواتها التي تتمثل مهمتها الرئيسية في الدفاع عن أمنها وسيادتها وحدودها، وليس للتدخل في شؤون الدول الأخرى لأهداف توسعية مثلما يزج أردوغان بالجيش التركي في بؤر الصراع. وإذا كانت علاقة تركيا متوترة مع اليونان فلا دخل للمملكة بذلك، فتلك قضية أخرى تخص تركيا وحدها، وسببها السياسات الرعناء لأردوغان، وعدم احترامه حسن الجوار والمعاهدات والاتفاقيات بين الدول.

لقد خسر أردوغان أوراقاً كثيرة تجعل موقفه مهزوزاً في الداخل ومضطرباً في الخارج، وكل ذلك بسبب أوهام التوسع والتفوق والسيطرة التي تعبث بخياله. لقد عادى وتربص بدول مهمة مثل مصر والمملكة، وها هو يحاول ممارسة تكتيك جديد بمخاطبته ودها، لكنه ما لبث أن فضح نفسه سريعاً بمثل هذا التصريح الأحمق، وأثبت أنه لا مصداقية له ولا يمكن الوثوق به طالما لم يراجع حساباته ويغير سلوكه في التعامل مع دول محترمة وقوية وقادرة على اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحتها دون الإضرار بمصالح الآخرين.

نصيحتنا لك يا أردوغان ألا تتهور وتناقش السعوديين في قرار سيادي يخصهم، وإذا كنت حزيناً بسبب قرارهم فاحزن لوحدك، وبصمت.

كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com