-A +A
بشرى فيصل السباعي
صدقت الحكمة القائلة «يوجد موسى.. في قصر كل فرعون»، وتشير إلى كون النبي موسى نشأ في قصر فرعون الذي من تخوفه من نبوءة أنه سيولد ولد يهودي يكون سبب نهاية ملكه وحياته أمر بقتل كل المواليد الذكور لليهود، ومع هذا نجا الولد المقصود بالنبوءة ونشأ في قصر فرعون، والتاريخ في كل المجالات أثبت صحة هذه الحكمة، وآخر مثال على صحتها تمثل في «جيمس» ابن «روبرت مردوخ» فرعون الإعلام اليميني عالميا الذي كان له الدور الأكبر في صعود التيارات اليمينية بأمريكا وبريطانيا وأستراليا وعموم الغرب وتبعا له بقية العالم، ويمتلك أكبر إمبراطورية إعلامية وصحافية في العالم وأشهر وسائل الإعلام التي أسسها قناة فوكس الأمريكية التي كانت سبب وصول التيار اليميني المتطرف للرئاسة. وبنى روبرت مردوخ إمبراطوريته الإعلامية على صحافة الإثارة الفضائحية المبتذلة «التابلويد»، والاتجاه اليميني المتطرف الذي يقوم على إثارة نعرات العصبيات ونشر نظريات المؤامرة ومعاداة العلم، وكلاهما يخاطب النزعات الغرائزية اللاواعية البدائية لدى البشر. وأعلن جيمس استقالته في يوليو 2020 من إدارة إمبراطورية والده الإعلامية والصحافية، رغم أنه كان الابن المفضل لدى والده وقدمه والده على أخيه الأكبر في المناصب، ونشر بيانا رسميا ذكر فيه أن سبب استقالته اختلافه مع السياسات التحريرية بإمبراطورية والده بعد أن فشل في تغييرها بسبب معارضة والده، متخليا بذلك عن نصيبه فيها وفي إرث والده. وصرح جيمس بعد الأحداث الدامية لاقتحام الغوغاء المؤيدين للتيار اليميني مبنى الكونجرس ومقتل ستة أشخاص، أن وسائل إعلام والده أطلقت ما وصفها بـ«القوى الشريرة والسياسة المسمومة التي تهدد بقاء الديمقراطية بأمريكا والغرب»، وشبهها بالنازية «وأدت لصنع تيار نظريات المؤامرة والتيار المعادي للعلم» وأنها لا بد أن تخضع للمحاسبة على ذلك. وكان الخلاف بينه وبين والده قد احتدم بعد حرائق الغابات ببلده الأصلي أستراليا مطلع 2020، التي أجمع العلماء على أن سببها التغيرات المناخية الناتجة عن الاحتباس الحراري، لكن وسائل إعلام والده روجت نظريات المؤامرة عن قيام أطراف خفية بإشعال الحرائق عمدا لتقويض التيار اليميني بأستراليا، كما روجت لنظريات المؤامرة عن كورونا ولقاحها مع أن روبرت كان من أوائل من أخذوا اللقاح مما تسبب بموت الكثير من المكذبين لحقيقة الوباء تأثرا بوسائل إعلام مردوخ. وأسس جيمس مع زوجته مؤسسة معنية بنشر الديمقراطية والعلم والتوعية بالمعلومات الصحيحة المضادة للأكاذيب التي تنشرها إمبراطورية والده الإعلامية، وتبرع لأبرز الجماعات الحقوقية المضادة للتيار اليميني في أمريكا وغيرها.

كاتبة سعودية


bushra.sbe@gmail.com