-A +A
حمود أبو طالب
نحتاج مع الأحداث والمنعطفات والتحولات السياسية الهامة إلى الخطاب الرسمي الذي يوضح الحقائق والمواقف ويزيل الضبابية والتكهنات، فمهما كانت اجتهادات المراقبين المهتمين إلا أنه في النهاية لا يمكن الاعتماد عليها كلياً، ولا بد بالضرورة من خروج المسؤولين الرسميين إلى الجمهور لوضع النقاط على الحروف وتحديد المواقف الرسمية تجاه القضايا المطروحة.

ولذلك كنا بحاجة إلى مثل المقابلة التي أجرتها قناة العربية مع سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان مساء الجمعة الماضية للحديث عن ملفات مهمة في وقت مهم، فقد كانت هناك تساؤلات لبعض المراقبين تجاهها تنبع من أهمية المملكة ومحوريتها في تلك الملفات وتأثير مواقفها في مجرياتها ومساراتها. كنا نتطلع مثلاً إلى تصريحات بشأن مستجدات العلاقات السعودية الأمريكية مع الإدارة الديموقراطية الجديدة وما يثار بخصوصها عطفاً على ما حدث في العالم العربي خلال فترتي حكم الرئيس الديموقراطي أوباما، أو تعطيل التقارب النسبي الذي حدث مع إدارة ترمب. وكنا بحاجة إلى معرفة الرأي الرسمي بخصوص ملفات إقليمية مهمة كالملف اليمني والعراقي والإيراني والتركي واللبناني، وكذلك ملف المصالحة مع قطر وملابساته وبعض التفاصيل التي يتوق المراقبون لمعرفتها بشأن اتفاق العلا، وكذلك ملف التطبيع العربي مع إسرائيل، وغير ذلك من الملفات التي يتشابك فيها المحلي والإقليمي بالدولي.


لقد كانت مقابلة مفيدة جداً رغم قصر وقتها، فقد استطاع وزير الخارجية بلغة دبلوماسية مختصرة لكنها متقنة وواضحة ومباشرة من تحديد التوجه العام للسياسة السعودية تجاه تلك الملفات، ومواقفها منها ورؤيتها حيالها. وقد أكد سمو الوزير الطبيعة المتزنة الهادئة للدبلوماسية السعودية، وحكمتها وبعد نظرها، وأيضاً التمسك بثوابتها التي تحرص على استمرارها.

لقد كانت المقابلة بمثابة خارطة طريق للسياسة السعودية موجهة لكل الذين يريدون معرفة طبيعتها وتوجهاتها مع ما يحدث الآن، وهي كفيلة بالإجابة على كثير من التساؤلات المهمة، ولعلها تكون دليلاً إرشادياً للذين لا يعرفون جيداً طبيعة السياسة السعودية.

habutalib@hotmail.com