-A +A
بشرى فيصل السباعي
في مقال سابق، تناولت النتائج التي أعلنتها وزارة التعليم السعودية لاختبارات «TIMSS» لقياس جودة تعليم الرياضيات والعلوم، وأيضا نتائج البرنامج الدولي لتقييم الطلبة «PISA» حيث حصلت السعودية على نتائج «أقل من المتوسط» بجميع المجالات العلمية والأدبية، وكالعادة لا أورد نقداً لأي ظاهرة بدون طرح أسبابها من منطلق الدراسات العلمية بالإضافة للحلول مدعمة بالمصادر وعناوين الدراسات العلمية باللغتين العربية والإنجليزية، لكن تفاجأت بأن صحفاً إلكترونية سعودية اقتبست بشكل غير صحيح زعماً عن المقال انتشر عنوانه بمواقع التواصل ووصل الأمر لأن كتاباً حتى بصحيفة عكاظ كتبوا مقالات مضادة وهجومية بناء على الاقتباس الخاطئ ولم يلزموا أنفسهم التصرف وفق أصول المنهجية الفكرية الموضوعية والنزاهة الصحفية بالتحقق من المصدر ومطالعة السياق الذي نسب إليه الاقتباس، والذي هو تماماً على مثال من يقتبس الآية القرآنية مجتزأة «لا تقربوا الصلاة» ليجادل ويستنكر النهي عن الصلاة، ولذا مقالي هذا لن يتضمن رداً على مضمون الاقتباس الخاطئ الذي كان محور الهجوم لأنه لم يرد بمقالي أصلا، وعلى نطاق أوسع رأينا من حاول قتل مفكرين أفنوا عقوداً بتأليف كتاب علمي لأنه قرأ عنواناً تحريضياً عنه على مثال الاقتباس المجتزأ «لا تقربوا الصلاة»، وتأخرت بالرد لأني أصبت بإحباط وشعور بعدم جدوى الرد والجدل لافتقار الصحف الإلكترونية المرخصة لأصول النزاهة الصحفية، وبسبب عدم إلزام بعض الكتاب أنفسهم بأصول المنهجية الفكرية الموضوعية والنزاهة الصحفية مقابل تملقهم للتيار الشعبوي/ ‏الديماغوجي المعادي لكل ما يمت للطرح الموضوعي والعلمي بصلة مما لا يطري «غرور الأنا» الفردي والجمعي اللاعقلاني والذي رأينا تداعياته وثماره الخطيرة في ما حصل بأمريكا من اعتداء غوغائي شعبوي/ ‏ديماغوجي على مؤسسات الدولة؛ ممثلة بمبنى الكونجرس من قبل من تم تملق تأييدهم من الغوغاء بالشعارات والدعوات والمزاعم المطرية لغرور الأنا اللاعقلاني، مقابل شيطنة كل من يمثلون صوت الوعي والحقيقة الموضوعية والعلمية وفبركة نظريات مؤامرة مجنونة عنهم وجعلهم بمثابة أعداء للشعب وخطر وجودي، وهذا الأمر ذاته سبب استعصاء محاولات محاصرة وباء كورونا؛ لأن هذا التيار شكك بمصداقية مئات آلاف الأطباء والعلماء من أنحاء العالم وزعم أنهم جميعا مشاركون في مؤامرة تمثيلية كبرى لفبركة وجود وباء، حتى وصلنا لمرحلة لا يملك فيها العقل الموضوعي إلا الرد على كل هذا بقول الشاعر «وليس يصح في الأفهام شيء.. إذا احتاج النهار إلى دليل» ويبقى التعويل الأكبر هو على وعي الفرد مهما افتقرت وسائل الإعلام والصحافة والمحسوبين عليها لأخلاقيات النزاهة المهنية.

كاتبة سعودية


bushra.sbe@gmail.com