-A +A
طلال صالح بنان
لرؤساء الدول حصانات وامتيازات، عادةً ما يُنص عليها الدستور.. ويجري على إلزامها العرف، وتُحترم من قبل القانون الدولي. العفو، سواءً كان سامياً أم رئاسياً، بين هذه الامتيازات الحصرية لرؤساء الدول، بوصفهم رمز السيادة الرفيع للدولة. في الأصل: لا يلجأ رؤساء الدول لاستخدام حقهم السيادي في العفو، خارج اعتبارات منطق الدولة. وعادةً ما يكون العفو في مواجهة أحكام قضائية نافذة، إما بالإعفاء من العقوبة.. أو تخفيض مدتها وشكلها. ونادراً ما يكون العفو استباقاً لقضايا «جُرْمِية» قد يُساءل مرتكبوها مستقبلا. كما أنه يُتحرج من استخدام حق العفو في القضايا المتصلة بالحق الشخصي. وفي النظم الفيدرالية، يقتصر حق العفو، لرئيس الدولة، على القضايا التي يحكمها القانون الفيدرالي، حصرياً.

هناك جدلٌ في الولايات المتحدة، حول احتمال لجوء الرئيس ترمب لاستخدام حق العفو الرئاسي، للعفو عن بعضٍ من مستشاريه ممن يقضون فترة عقوبة.. أو لحمايةِ بعض رموز إدارته، الذين يتوقع أن يُلاحقوا قضائيا، أو حتى لحمايته هو نفسه وأفراد أسرته، من أيةِ ملاحقاتٍ قضائيةٍ مستقبلية.


تاريخياً: استخدم الرؤساء الأمريكيون حق العفو الرئاسي هذا، ولأسبابٍ مختلفة. إلا أنه لم يحدث أن استخدم رئيسٌ أمريكيٌ حق العفو الرئاسي، لنفسه.. أو لأسبابٍ سياسة، فيها شبهة الحماية من الملاحقة القانونية لأشخاصٍ لم يتسن رفع قضايا فيدرالية ضدهم أثناء حكمه، بغرضِ حمايتهم من أية مساءلة قانونية محتملة، مستقبلاً. في الثامن من سبتمبر ١٩٧٤ أعفا الرئيس جيرارد فورد (١٩٧٤ – ١٩٧٧) عن الرئيس ريتشارد نيكسون (١٩٦٩ – ١٩٧٤)، وذلك ضمن صفقةِ استقالةِ الأخيرِ من منصبه.

في ما يخص الجدل حول احتمال لجوء الرئيس ترمب لحق العفو الرئاسي لصالحه أو لصالح أسرته، فإن هذا لم يكن له سابقة، إلا في حالة تكرار عفو الرئيس فورد عن الرئيس نيكسون، وذلك بأن يستقيل الرئيس ترمب ويصدر العفو من قبل نائبه (مايك بِنْس)، بعد أن يصبح الأخير رئيساً، بوقتٍ كافٍ، قبل العشرين من يناير القادم.

ليس متوقعاً أن يلجأ الرئيس الأمريكي، لمثل هذا «السيناريو»، لأن ذلك لا يتوافق مع شخصيته، وإن كان الأقرب أن يصدر هو العفو عن نفسه وعن أفراد أسرته، مع ما في ذلك من سابقةٍ دستوريةٍ وقانونيةٍ وسياسية.. وقد لا يصمد مثل هذا العفو الرئاسي «الشخصي» أمام التحدي بدستوريته، في ما بعد، مما قد يفقده الغرض منه. كما أن مثل هذا العفو لا ينسحب إلا على الجرائم الفيدرالية فقط. فكما أنه لا يصح قضائياً أن يحكم القاضي في مسألةٍ تخصه، لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يصدر عفواً عن نفسه، كما يذهب من يشككون في مثل هذا الإجراء من الناحية الدستورية.

الرئيس ترمب، ربما هو في خطر رفع الحصانة الرئاسية، وكذا امتيازات الرؤساء السابقين، عند نهاية ولايته. وربما هذا، من جهةٍ، قد يفسر رفضه نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة.. وما قيل عن عزمه عدم حضور مراسيم تنصيب الرئيس الجديد.

كاتب سعودي

talalbannan@icloud.com