-A +A
منى العتيبي
منذُ سنةٍ وأكثر، تضخَّم عند الأغلب ترديد كلمة «الإيجابية» حتى أصبحت تُستخدم في مكاتب وممرات أعمالنا كأسلوب عمل ومنهج حياة، وهذا الأمر أراه جيداً إلى حدٍّ ما.

فالإيجابية مطلب في النظر إلى الأمور، وإحدى أدوات الاستبشار بالخير وأساليب الدافعية نحو التقدم، ولكنها مؤخراً انزلقت إلى مآخذ أخرى أراها بوجهٍ قبيحٍ يستدعي السلبية؛ فقد أصبحت غطاءً لكثيرٍ من الأمور الخاطئة والفاسدة أحياناً، ويخرج من ثوبها الأعمال المترهلة بحجة كن إيجابياً واقبل العمل.


فقد يأتي أحدهم وينتقد أحد الأعمال والمشاريع، ويرفض أن يخرج المشروع بشكله النهائي المترهل، ويضغط عليه أعضاء الفريق بحجة السلبية ونصف الكأس المليان، ويخرج بعدها العمل الفاشل وتقع الخيبة، وإلى آخر الحكايات المكرورة التي نعيشها.

كما نرى البعض يرفض الاستماع إلى الرأي الفطين بحجة «كن إيجابياً» فهو يدرك تماماً أن رأي الآخر ونقده في محله، لكنه يغطي الموضوع بالسلبية، ويتهم الآخر؛ ليدفع عن نفسه خطأه الفادح.

كم فقدنا -بحجة الإيجابية (المتضخِّمة في الوهم)- الكثيرَ من المصداقية والواقعية.. والكثير من الفرص التطويرية والعديد من الأشخاص المتفردين المميزين!

في موقع التواصل الاجتماعي وجدت إحداهن تسمي نفسها في حساب «سناب شات» فلانة الإيجابية، وشرعتُ في الدخول إلى حسابها ورأيت الإيجابية ترقص وجعاً! ورأيت فلانة تشتم وتتحدى وتتوعد وتشتكي من ظلم الأيام، ثم تقرر أن تعيش الإيجابية برقصة! يا ترى كم من أبنائنا وبناتنا يتوقعون بأن الإيجابية رقصة و«طقة» رقبة؟!

ختاماً.. أعرف جيداً أن النظرة الإيجابية ضرورة لنستمر ونبقى نجدف معها بقواربنا نحو شواطئ الأمان، ونعيش حالةً من الرضا، ولكن لها وجهها الآخر من الخداع والوهم؛ لذلك لنكن إيجابيين بواقعيةٍ تامةٍ وبعيداً عن الوهم.

كاتبة سعودية

monaotib@

Mona.Mz.Al@Gmail.Com