-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
من المشاكل التي تواجه الإنسان في هذا الوجود أن حياته محدودة ومعدودة بسنوات وأيام، بل وثوان، لا يملك مهما بلغ من أسباب القوة والتقدم أن يزيد فيها لحظة واحدة.

ولكن، ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أن يبسط له رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه». فالأثر هنا هو الأجل على نحو ما أورد الإمام النووي رحمه الله، وبسط الرزق: توسيعه وكثرته، وقيل: البركة فيه، وأما التأخير في الأجل ففيه سؤال شهور، وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة، لا تزيد ولا تنقص، «فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ» (الأعراف 34). وللعلماء آراء حول إطالة العمر المعنية في الحديث الشريف، منها أن هذه الزيادة تتحقق بالبركة في عمره، والتوفيق للطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك.


منها كذلك أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك، فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه، فإن وصلها زيد له أربعون، وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك وهو معنى قوله تعالى: «يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ»، (الرعد 39) فيه النسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قدَرُه ولا زيادة، بل هي مستحلة وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة وهو مراد الحديث.

كيف تطيل عمرك الإنتاجي؟ ولعل أبرز ما جاء في سبل الإطالة ما يلي:

أولا: إطالة العمر بالأخلاق الفاضلة، إذ أوضح النبي صلى الله عليه وسلم إمكانية إطالة العمر بالحرص على بعض خصال الخير والبر على نحو ما ورد في حديث صلة الرحم، وقد أكد ذلك حديث عبدالله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلة الرحم تزيد في العمر»، وقد صحح الشيخ الألباني -رحمه الله- هذا الحديث.

وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها إنه أعطي من الرفق حظه من الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار.

ثانيا: ثمة وسيلة أخرى لإطالة الأعمار تتمثل في الأعمال ذات الأجور المضاعفة كالصلاة في الحرمين الشريفين، فالصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في ما سواه وفي المسجد النبوي أفضل من ألف صلاة في غيره، وكذلك المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد لأفضليتها بخمس وعشرين أو سبع وعشرين درجة، وكلها عمليات حسابية بسيطة، ندرك من خلالها كيف يمكن أن نضاعف ساعات عمرنا.

ونلاحظ في معاملاتنا اليومية بعض الموظفين في الأجهزة الإدارية بالدولة يتأفف من لجوء الناس إليه لقضاء حوائجهم، على الرغم من أنه يتقاضى راتبه من أجل قضاء هذه الحوائج. وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بشر أولئك الذين يقضون حوائج الناس بالثواب المضاعف في الحديث الشريف الذي رواه الطبراني وحسنه الألباني: «ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في المسجد شهرا» فما بال هؤلاء يتأففون؟! فقضاؤك لحاجات الناس يمنحك من الثواب ما لا يمكن أن تحققه في «العمر الاعتيادي» الذي يعيشه الإنسان.

فهل نستفيد من كل هذه «المغريات» و«الفرص» التي نطيل بها أعمارنا؟! فلنبدأ جميعا في استغلال هذا «الأوكازيون» عزيزي القارئ... أطال الله عمرك.

كاتب سعودي

Dr.rasheed17@gmail.com