-A +A
عبدالعزيز آل غنيم الحقباني

‏بدا العد التنازلي الحقيقي لأصعب الأيام التي يواجهها قطب أمريكا الشمالية، حيث الانتخابات الأمريكية والمقرر موعدها الثلاثاء القادم بتوقيت واشنطن دي سي، ومع تزايد حدة الشغب في بعض الولايات وتزايد حالات الإصابة بـ«كوفيد19»، يصعب القول من سيكون المرشح ومن سيكون الخاسر.

‏التاريخ يشهد، فعلا يشهد التاريخ في حقبة آخر خمسة رؤساء (عدا بوش الأب) جميعهم تمت إعادة انتخابهم منذ ريغان وكلينتون وبوش الابن وأوباما إلى ترمب وفرصه الكبيرة جدا، لكن إلى الآن يصعب تحديد الفائز، حتى أن استطلاعات الرأي الأمريكية ووسائل الإعلام اليسارية واليمينية ترجح وصول بايدن وهاريس للبيت الأبيض، لكن لا يمكننا الاعتماد على استطلاعات الرأي بعد ما حدث في 2016 عندما تفوقت هيلاري في الاستطلاعات بأكثر من 14 نقطة قبل يومين من الانتخابات، ولكن خسرت خسارة موجعة ومؤلمة لها ولحزبها، وكسب ترمب الذي لم يتوقع انتصاره أحد.

وتزايدت حدة الفضائح على بايدن، ووتيرة الاتهامات المتبادلة، حيث اتهم المرشح الديموقراطي بايدن ترمب بالتهرب الضريبي، وأعاد ترمب قائلا بسخرية: كيف لملياردير أن يسدد 750 دولارا فقط؟ وعاد واتهم ترمب الآخر بصفقات فساد مع الصين وأوكرانيا تخص ابن جو بايدن، هنتر بايدن، حيث كشفت مصادر موثوقة تسريبات للابتوب الخاص لهنتر الذي يحمل بداخله صفقات وإيميلات فساد، وهذه كانت خطة ترمب، حيث ينشر إيميلات بايدن الفاسدة والخارجية الأمريكية تنشر إيميلات هيلاري المتآمرة في آن واحد.

‏الغريب في هذا الأمر، بلد الديموقراطية الأول لم يسلم من هذا، ولم يسلم من الكذب والإهانات وتبادل الاتهامات، كما علق ترمب أن أمريكا ليست لديها حرية تعبير وحرية صحفية، إنما فقط لديها حرية نشر الشائعات والكذب والتحريض على المظاهرات والشغب من خلال حركة «حياة السود مهمة» التي انطلقت بتحريض من الديموقراطيين، وتحريضا من «الفريق» الأعضاء في الكونغرس اليساريين المعروفين جدا.

‏ومع توتر الموقف، قام مجلس الشيوخ بتحقيق أجراه الجمهوريون برئاسة السيناتور تيد كروز لجاك دورسي الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لتويتر، حيث اتهم الأول الأخير بأنه يسعى من خلال تويتر لمساعدة بايدن في حملته الانتخابية، كما أنه ألغى «الريتويت»، وحذف تغريدة لصحيفة نيويورك بوست تكشف بها حقيقة بايدن وابنه بالأدلة والبراهين، إلا أنه عندما سُئِلَ أجاب بأن سبب حذفه هو الاختراق، وأن سياسة تويتر تمنع نشر المحتوى الذي يشمل الاختراق، «وتغاضى كثيرا عن التحريض وحسابات نشر الفوضى وحسابات الدواعش وغيرها»، حين سئل عما إذا كان يملك دليلا على الاختراق، ورد قائلا إنه لا يملك.

‏توتر الأمور يجعل من المواقف أكثر سخونة، وأكثر متعة سياسية للساسة، حيث إن المواقف بحدتها ليست فقط في أمريكا، إنما وصلت لأوروبا والشرق الأوسط وآسيا، فشهدت هذه الانتخابات أكبر تدخلات خارجية من إيران وروسيا والصين، واتهم ترمب بتدخلات روسيا، واتهم بايدن بإيران والصين حيث إن إيران صرحت مرارا وتكرارا بتهديد ترمب وحكمت عليه بالقبض والسجن منذ فترة بعد مقتل سليماني، ويبقى السؤال الصعب: مع من تقف المملكة العربية السعودية؟.

‏الغريب والعجيب أن المتطرفين اليساريين العرب مهتمون بالانتخابات الأمريكية أكثر من الأمريكيين أنفسهم ويدعمون بايدن أكثر من الديموقراطيين أنفسهم، ويظنون أن فوز بايدن سيجعل العلاقات الأمريكية-السعودية سيئة جدا، فيما أن السعودية بلسان قادتها تؤكد استمرار علاقاتها السياسية التاريخية مع من يختاره الشعب الأمريكي، سواء أكان جمهوريا أم ديموقراطيا، محافظا أم ليبراليا، فالعلاقات السعودية-الأمريكية إستراتيجية وقديمة جدا، حيث أسسها الملك المؤسس طيب الله ثراه والديموقراطي فرانكلن روزفلت، ولا حق لأحد أن يزايد أو يغالط على علاقاتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية، وما يحصل في موسم الانتخابات يبقى في الموسم، ولن يؤثر كثيرا إن وصل المرشح للبيت الأبيض.