-A +A
مشعل العقيل
تحدث الخطيب في الجمعة الماضية عن فضل الزواج والحكمة من مشروعيته وكانت في خطبته نقاط مهمة، ولكن استوقفني بأنه وصف حال الزواج وعمم ذلك الوصف الوردي واعتبر خلاف تلك الصورة مجرد حالات شاذة ونسب لا تذكر، ولا أجد ذلك يتناسب مع الواقع الذي نراه والأرقام التي نشاهدها، فنقرأ عن ارتفاع معدلات الطلاق التي وصلت في آخر تقرير شهري صادر من وزارة العدل لشهر جمادى الآخرة أكثر من 6000 صك طلاق، ونلاحظ أيضا بأن معدلات العنف الأسري قد تصل إلى 25% سواء كان العنف لفظياً أو جسدياً، ونلاحظ الكثير من الحالات أصبح لديها فوبيا من الزواج بسبب الخبرات التي عاشتها في طفولتها أو ما شاهدته من خلال تجربة زوجية مؤلمة، ولا أرى بأن الطلاق في حد ذاته مشكلة تؤدي إلى القلق والخوف من الزواج، ولكن ما يسبقه وما يصاحبه من معاناة وتعنيف وتهديد ومساومة يجعل منه تجربة مريرة يخشى الشخص الوقوع فيها.

هنالك جهود حكومية مميزة في السنوات الأخيرة قامت من أجل تحسين مستوى الخدمات التي تساهم في استقرار الأسرة لتتواءم مع رؤية المملكة 2030 التي جعلت الإنسان محور التنمية، وكان من أهمها مجلس شؤون الأسرة؛ وهي مؤسسة وطنية أنشئت بقرار من مجلس الوزراء في عام 1437، ويتكون المجلس من لجان عدة تهتم بكبار السن والطفولة والمرأة، ويعمل بها العديد من المختصين وذوي الكفاءات، ونلمس التغييرات بالفترة الأخيرة من خلال تعديل الكثير من الإجراءات القضائية في الطلاق والحضانة والتي خففت من المعاناة، ولا يزال هنالك بعض الصعوبات والتجاوزات قائمة، وقد يتطلب تغيير ذلك المزيد من الوقت وإلى تضافر الجهود ما بين جهات حكومية عدة.


الزواج مرحلة جديدة بمهام مختلفة لا ينبغي أن تنبني على مبدأ الخطأ والصواب الذي كثيراً ما يصبح ضحيته أطفالاً لا حول لهم ولا قوة، فلذلك كان الإعداد لهذه المرحلة مهماً جداً من خلال التثقيف والتوعية ابتداءً من اختيار الزوج أو الزوجة وعدم الاندفاع والانسياق وراء المعايير الواهية، ومروراً بإيضاح الحقوق والواجبات بالإضافة الى مهارات التعامل مع المشاكل والخلافات الزوجية، والتعرف على المبادئ الأساسية في تربية الأطفال، فهذا الجانب الوقائي قد يقلل من الخلافات، وبالأخص إذا أصبح منهجاً جامعياً يتم إدراجه لجميع التخصصات ويقوم على إعداد مفرداته مختصون من تخصصات عدة اجتماعية ونفسية وقانونية.

والنقطة الأخرى التي استوقفتني مما ذكره الخطيب كانت أن الرجل أو المرأة اللذين لم يتزوجا لن يجدا من يدعو لهما بعد وفاتهما، وأجد في ذلك اجتهاداً في الدعوة إلى الزواج بالترهيب، ولا أرى فيه منطقية لمناقشة من عزف عن الزواج، بل يفاقم من وضع من تعاني من فوبيا الزواج، ويجعل الذي لم يكتب له الإنجاب يعيش حالة من القلق والتوتر، بالإضافة إلى أن الاختيارات المبنية على دافع الخوف كثيراً ما تؤثر سلباً على الشخص حتى وإن حققت مقاصدها.