-A +A
حمود أبو طالب
هي فضيحة تأريخية بامتياز ووصمة عار كبيرة تلحق بكل الصامتين العرب عما يمثل احتلال دولة أجنبية لدولة عربية لا تشترك معها في حدود أو جوار إقليمي، وإنما نقلت عدتها وعتادها ومرتزقتها جواً وبحراً على مرأى العالم إلى ليبيا لتدعم حكومة عميلة فقدت شرعيتها وسوّغت احتلال الأجنبي ومنحته حق الحديث والتفاوض باسمها، وتواطأت معه للتحرش بأكبر دولة عربية تمثل العمق التأريخي وصمام الأمان العربي، ولها مواقف مشرفة في نجدة أي بلد عربي يتعرض لاعتداء أو حتى تهديد.

الكرامة العربية المهدرة في أكثر من بلد، ولا أقول دولة لأن بعض البلدان لا تتوفر فيها أدنى مقومات الدولة الوطنية، أغرت دول الأطماع الإقليمية مثل إيران وتركيا أن تتمادى في تدخلها، وما تفعله تركيا الآن تجاوز التدخل إلى إعلان الحق التأريخي في بسط نفوذها على ليبيا كما يتحدث أردوغان بكل وقاحة وصلف، بعدما احتل مناطق في شمال سوريا والعراق وتمكن من إنشاء قاعدة في قطر وتسلل إلى مناطق أخرى في أفريقيا ويحاول التحكم في مجريات الأمور في تونس عن طريق حزب النهضة الإخواني الموالي لنظامه، لكن الأمر مختلف جداً بالنسبة لمصر، فالتطاول عليها والتحرش بها لن يكون نزهة لأردوغان، وجاء خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي يوم السبت الماضي كبطاقة حمراء لتركيا بعد تحديده للخط الأحمر في سرت والجفرة الذي حذر بشدة من تجاوزه.


وقد قامت المملكة فوراً بإعلان موقفها الواضح القوي المتضامن مع مصر في حفظ أمنها ودعمها لمبادرتها للحل في ليبيا ودعم مطالبها بوقف التدخل الأجنبي وإخراج المليشيات الإرهابية والمرتزقة الذين أحضرتهم تركيا، فعلت المملكة ذلك لأنها تدرك جيداً المخاطر التي تهدد الأمن العربي ولأنها ترجمت عملياً حرصها على حمايته بوقفتها القوية ضد محاولة إيران بسط نفوذها في اليمن، وسعيها المستمر لدعم القرار الوطني في أي دولة عربية ومقاومة الأطماع والتدخلات الأجنبية، وكذلك فعلت دولة الإمارات بإعلان تضامنها مع مصر، لكن البقية من المحيط إلى الخليج مازالوا محتجبين عن المشهد، وكأن لا شيء يحدث، بينما هناك زلزال يحيط بهم، ويُخشى أن يقولوا بعد فوات الأوان: أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض.

لا بد أن تتوقف البلطجة التركية، وسيكون الدرس المصري أول خطوة شجاعة لردع وتحجيم حاكم مغرور أهوج تساعده حفنة من العملاء.

كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com