-A +A
حمود أبو طالب
صعُب علي كثيراً أن أتخيل ٩٠ شخصاً يسكنون في شقة من غرفتين كما هو منشور في تويتر بعد أن استجدت معلومات أن ٧٠ إلى ٨٠٪؜ من الإصابات كانت لغير سعوديين، ومن العمالة المتكدسة في مواقعها. حسناً، إذا كان يستحيل استيعاب شقة صغيرة لذلك العدد، فلنأخذ نصفه، أو حتى ثلثه، أي ثلاثين شخصاً، فكيف لا نتصور أن وضعاً كهذا لا يكون البيئة المثالية لانتشار فايروس كورونا أو غيره من الأمراض، ولعل ما يؤكد لنا خطورة هذا الوضع المنتشر بين العمالة الأجنبية هو الاضطرار إلى نقلهم للسكن المؤقت في ٣٠٨ مدارس بمناطق المملكة، ما يعني أنه وضع عام في كل منطقة.

هذا جانب، وتبقى جوانب أخرى غير التكدس لا تقل أهمية تتعلق بوعي هذه العمالة بحقيقة ما يحدث هنا. هؤلاء غالباً يعيشون عالمهم الخاص المنفصل عنا، تواصلهم الدائم مع بلدانهم وليس مع البلد الذي يقيمون فيه، يهمهم معرفة ما يحدث هناك وليس ما يحدث هنا، ولا نتوقع أنهم حريصون أو قادرون مثلاً على متابعة تعليمات الجهات المعنية في المملكة بخصوص تفاصيل الوباء وطبيعة الوقاية والاحترازات. حاجز اللغة والانفصال الاجتماعي وأسباب أخرى تلعب دوراً إضافياً في ازدياد نسبة الإصابات بينهم، إنها أسباب يتعلق بعضها بهم، وبعضها بجهات عملهم، وأخرى بعزلتهم، إضافة إلى التقصير في تطبيق الاشتراطات المتعلقة بظروف السكن والبيئة التي يعيشون فيها.


وهنا نتساءل هل تقوم السفارات والقنصليات بدور مساند للجهات الحكومية بتثقيف وتوعية جالياتهما بحقيقة ما يحدث وما هو مطلوب منها. لا شك أن لديهم إدارات إعلامية تتابع وترصد الأخبار والمستجدات في هذه الأزمة، ونأمل أنها تقوم بنشرها في حساباتها على مواقع التواصل ليتاح للجميع الاطلاع عليها، على الأقل نستطيع بذلك إيصال المعلومات المهمة لهم. لكن الأهم من كل ذلك هو بحث جميع الأوضاع المتعلقة بالعمالة الأجنبية بعد هذه الأزمة لنضمن أن وجودها لا يشكل عبئاً إضافياً علينا في أزمات قد تحدث مستقبلاً لأي سبب.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com