-A +A
حمود أبو طالب
قدَرُ الكبار أن تكون مسؤولياتهم كبيرة، وهذا ما ينطبق على المملكة عندما تأتي رئاستها لمجموعة العشرين في هذا الظرف الاستثنائي الذي يهدد العالم صحياً واقتصادياً، ويعصف بكثير من منجزاته ويخلخل قدراته على مواجهة الأزمات الكبرى المفاجئة. إن فكرة المملكة لعقد قمة افتراضية في هذا الوقت وحرصها على إتمامها بسعيها للتواصل مع كل دول المجموعة والمنظمات الدولية ذات العلاقة لضمان عقدها في أسرع وقت لهو دليل على أن مفهوم المملكة لرئاسة المجموعة ليس تشريفياً أو شكلياً روتينياً، وإنما مسؤولية كبيرة أمام العالم وشعوبه.

وبقراءة لكلمة خادم الحرمين الشريفين في القمة، نجد ما يؤكد أن المملكة تستشعر كل الأخطار التي سببتها جائحة كورونا على العالم، وتضع رؤية حكيمة لتجاوزها بالتدابير السريعة وطويلة الأجل لتفادي الآثار والتبعات التي حدثت إلى الآن، والتي سوف تستجد على المدى القريب والبعيد. في الكلمة نجد أن المملكة تنظر إلى العالم بمنظور شامل هي جزء منه، وليس بمنظور محصور في كونها إحدى الدول الكبرى اقتصادياً من خلال مجموعة العشرين فقط، فقد أكد الملك سلمان، أن «من مسؤوليتنا مد يد العون للدول النامية والأقل نمواً لبناء قدراتهم وتحسين جاهزية البنية التحتية لديهم لتجاوز هذه الأزمة وتبعاتها».


لقد بادرت المملكة منذ بداية الأزمة بالسعي المخلص لتقليل آثارها، فمن ناحية كونها أكبر الدول المصدرة للبترول في منظمة أوبك حاولت بكل الوسائل حفظ التوازن وتجنيب الانهيارات في السوق البترولية العالمية حتى لا تتأثر عجلات التنمية في مجتمعات العالم رغم أنها لن تتأثر كثيراً لتمتعها بمزايا تدعم اقتصادها واستمرارها في تنفيذ برامجها التنموية. وفي جانب آخر، قامت بدعم منظمة الصحة العالمية مالياً لرفع قدرتها على مواجهة الوباء واستحداث برامج مكافحة تستفيد منها كل دول العالم، كما قدمت دعماً كبيراً لبعض الدول التي تأثرت بالوباء بسبب قدراتها الطبية المتدنية واقتصاداتها المهزوزة، وشاركت بقية الدول بالمعلومات والخطط والاحترازات والتدابير التي اتخذتها.

لقد وجه خادم الحرمين الشريفين في كلمته نداءات مخلصة مؤطرة بالإنسانية، ومنطلقة من الشعور بالمسؤولية كزعيم دولة تشترك مع العالم في مواجهة ظرف تأريخي غير مسبوق.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com