-A +A
أحمد العبدالقادر
حين يتحدث رجل التاريخ فإن الجميع سينصت. حين يتحدث الحكيم فإن الآفاق ستفتح والمدارك تتوسع. وحين يتحدث السياسي الخبير، فحتماً سيأخذ الجميع الأمر على محمل الجد.

وحين يتحدث الملك سلمان بن عبدالعزيز فإن العالم بأسره يتوقف ليسمع ويفهم ويجب أن يستوعب. الملك الذي جمع التاريخ والحكمة والسياسة والعزم والحزم.. والطمأنينة.


خطاب الملك سلمان الذي وجهه للشعب السعودي والمقيمين في المملكة العربية السعودية دون التفرقة في «مرحلة صعبة في تاريخ العالم» يجعل كبرى قيادات العالم تطرق له السمع وتتمنى لو كانت تملك جزءا من حكمة (ملك المملكة العربية السعودية) التي تحتضن الجميع.

من منظور اتصالي؛ يمكنني القول بأن هذا هو أفضل خطاب قد ألقي من قادات العالم خلال هذه الأزمة. لقد طمأن المقيم قبل المواطن، والمتفائل قبل المتشائم، والصغير قبل الكبير، والمسؤول قبل المكفول والمعافى قبل المريض. لقد كان سبباً -بعد الله عز وجل- في نزول السكينة على كل من يقطن هذه الأرض الطيبة المباركة.

لقد بدأ -أيده الله- بكلمة مباشرة لا تحتمل التأويل: «أؤكد لكم حرصنا الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم». اتصالياً؛ بداية كهذه كفيلة ببث الطمأنينة والثقة في النفوس من أن أعلى سلطة في (الأرض الطيبة) حريصة على استقرار الأوضاع ومنع حدوث أزمة غذائية أو صحية أو معيشية.

هذه رسالة لكل العالم وليس لنا نحن القاطنين في (الأرض الطيبة)، في ظل خطابات أخرى مروعة وأخرى مهددة وخطابات في الغرب وأقصى الغرب تتهرب من المسؤولية وتبث الخوف.

ثم كان لابد من وضع الأمور في نصابها والإقرار بأن ما يحدث يشكّل (مرحلة صعبة في تاريخ العالم) ولكن المسلم يؤمن ويثق في زوال الأخطار، فذّكر -خادم الحرمين الشريفين- الجميع بكلام الله عزّ وجلّ «فإن مع العُسرِ يُسراً • إن مع العُسرِ يُسراً». وهي رسالة أخرى مباشرة لضبط النفس واستيعاب خطورة هذه المرحلة واتباع ما تصدره الدولة من أوامر وقوانين كي ينتهي هذا العُسر. ولذلك فقد شدد -أيّده الله- على أن «المملكة مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة، والحدّ من آثارها، مستعينة بالله تعالى، ثم بما لديها من إمكانات، في طليعتها عزيمتكم القوية في مواجهة الشدائد بثبات المؤمنين العاملين بالأسباب». هذه كلمات قائد وليست كلمات إنشائية شاملة يقولها مسؤول. ثلاثة رسائل مباشرة تعزز مفهوم الترابط بين الدولة والمواطن؛ أولها أن الدولة «مستمرة» ولن تتهاون في اتخاذ ما يلزم للحدّ من آثار هذا المرض الجائح. ثاني الرسائل هو تعزيز الثقة في قاطني المملكة -مواطنين ومقيمين- لاستثارة العزيمة والثبات. ثالثها وهي الأهم؛ الأخذ بالأسباب وهي تلك الأسباب الاحترازية التي يجب على الفرد القيام بها للحد من انتشار هذا المرض.

ثم أرسل -حفظه الله- رسائل ذات مدلولات إنسانية وتلامس المشاعر وتبعث بالفخر لكل المعنيين وهم:

المتعاونون أو (الواجهة المشرّفة)/‏ وهم أولائك الذين أفصحوا عن وجهات سفرهم، سواء لدول ممنوعة أو دول انتشر بها الوباء، وكذلك الذين التزموا بالحجر.

العاملون/‏ وهم الجهات الحكومية التي تبذل كل الإمكانيات لاتخاذ التدابير الضرورية وفي مقدمتها وزارة الصحة. وهذه شهادة شكر لكل منسوبي وزارة الصحة الذين يبذلون جهوداً مضاعفة لتنفيذ الإجراءات (للمحافظة على صحة المواطن والمقيم).

أخيراً، ختم قائدنا الحازم خطابه بالتشديد على صعوبة هذه المرحلة التي قد تكون أكثر صعوبة، مطالباً الجميع بالتحلّي بالصلابة وقوة العزيمة والأهم «الإحساس بالمسؤولية»، وهذا يشكل حجر زاوية هذا الخطاب السديد، فالأمر، كل الأمر، يعتمد على «إحساسنا بالمسؤولية الجماعية» كي نتخطى جميعاً -مواطنين ومقيمين- هذه الجائحة التي استسلمت لها دول كثيرة، منها دول تمنّى مواطنوها قائدا يحتذي بسلمان الاطمئنان!

* كاتب سعودي

c_A7md@