أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1366.jpg&w=220&q=100&f=webp

أحمد العبدالقادر

البروليتاريا

لقد تعلمت معنى جديداً للضعف، ليس الوهن، ليس الانكسار ولا الانحسار ولا (الكمكمة) أو (التقوقع) وبالتأكيد ليس الموت، فهذا الأخير شجاعة.

(بروليتاريا).. هكذا أُصبح من الطبقة التي تردد كلمات دخيلة كالماركسية والبورجوازية وغيرهما من مصطلحات خاوية لا تحمل معنى.

البروليتاريا ليست مرادفة للضعف في حقيقتها، ولكن ضمنياً هي كذلك، هي تعني تلك الطبقة التي تبيع جهدها، سواء كان الفكري أو الثقافي أو العضلي، ولا تملك أي وسائل إنتاج. بالرغم من أن الكلمة قد ظهرت في القرن التاسع عشر بواسطة شيوعيّ؛ إلا أنها تصف حال «الموظف» في شكله الحديث.

نحن نبيع جهدنا دون أن نكون أصحاب المصلحة. المهندس يتعلم بجهد حتى يرى صنيعه يُباع تحت اسم شركة لا يملك منها شيئاً. الطبيب والمصمم والمسوّق والمحلل والرياضي وحتى «المستشار» جميعاً ضعفاء، جميعهم بروليتاريون يخدمون فكرة «الكوسموبوليتية» التي يزرعها أصحاب الأعمال في رؤوسهم. وهذه كلمة أخرى تعلمتها وتعني حرفياً «مشاركة الكون»، حيث يبرز أصحاب المصلحة مثل هذه الشعارات كفريق العمل الواحد، المشاركة في الأعمال والمشاركة في الإنجاز والمشاركة في الأرباح. رغم جهلك التام بجهدك مقارنة بجهدهم، ومنجزك مقارنة بمنجزاتهم وأرباحك بالنسبة لأرباحهم، إنهم مخادعون حين يلقنونك (الترابط، التواصل، والمشاركة).

إنهم «ماركسيون» مخادعون، يعظمون ثرواتهم بجهد البروليتاريين ثم يعيشون في أبراج عاجية ويحكمون العالم بفكر «الرأسمالية» حتى تكون رقماً وجهدك يساوي حفنة من المال.

إن انقطع جهدك تكون رقماً لا يجدر حسابه، رقمٌ سلبي أو على أفضل تعبير تكون «صفراً على الشمال»!

هكذا أكون قد استنفدت كل المصطلحات التي يرددها أولئك القوم الذين يظنون أنهم من طبقة «برجوازية»!
00:07 | 18-05-2021

بين جوردن وإثراء.. وطني عانق السماء

في أكتوبر من العام ٢٠١٥، وفي ورشة عمل في مدينة ترييستي، الواقعة على البحر الأدرياتيكي في الشمال الشرقي من إيطاليا؛ كنت مزمّلاً بمعطف من الصوف في الزاوية الخلفية من القاعة. خمسة وعشرون سيدة ورجلاً من أكثر من عشرين دولة يجلسون أمامي يستمعون لمحتوى الورشة التي يقدمها الدكتور جوردن رفقة ثلاثة خبراء آخرين في إدارة المعارض والحشود. الدكتور جوردن بالذات، رجل إنجليزي تجاوز الستين من العمر وبخبرة تتجاوز الثلاثين عاماً في المتاحف وإدارة المعارض. لقد كان رمزاً حتى بالنسبة لبقية الخبراء. في تلك الأثناء، وحينما كنت منزوياً في الزاوية ممسكاً بكأس الشاي الورقي، وإذ بالدكتور جوردن يشير نحوي. أعترف، كنت شارداً نحو المرسى الذي تطل عليه القاعة. كنت أفكر، لماذا لا نملك مرسىً مشابهاً؟ لماذا تتفوق علينا هذه المدينة البعيدة عن العمران والتمدن؟ لماذا أكبر منطقة ساحلية بالمملكة، لا تمتلك مرسى كهذا؟ شريطنا الساحلي يمتد لقرابة 700 كليومتر، وليس هناك مرسى للعامة؟

حين أشار الدكتور جوردن نحوي والتفتت القاعة، وخزني (دييقو) - البرازيلي الذي يشبه صديقي بندر- فنظرت نحو الشاشة...

مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في تصميمه النهائي يتوسط الشاشة، محاطاً ببضعة صور ومعلومات. تمعنت أكثر والصمت يحف المكان - أو هكذا خيّل إليّ- وإذ بالعنوان (تجارب عالمية ناجحة).

تحدث الدكتور جوردن بإعجاب عن (إثراء) وذكر بأنه كان أحد المستشارين الذين عملوا مع فريق المشروع لتقديم التصاميم الداخلية المقترحة وأبرز الأقسام، وأولها (المتحف)!

أسهب كثيراً في الحديث، والجميع يلتفت نحوي بإعجاب بين الحين والآخر. أخيراً نطقت: أتعلمون بأني أطل على هذا المبنى من غرفة نومي؟

تمتم الجميع إعجاباً وربّت (دييقو) على كتفي: كم أنت محظوظ بدولتك..

منذ تلك الشريحة المعروضة وحتى كتابة المقال، وأنا على تواصل مع جلّ الزملاء الذين شاركوني ورشة العمل. زودتهم برابط حفل الافتتاح حين شرف مولاي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- المنطقة الشرقية، وفي كل مناسبة كبيرة أزورهم بروابط ومقاطع ومنشورات.

لقد زرت إثراء قرابة عشر مرات وفي كل مرة أقوم بتوثيق الزيارة وإرسالها لهم والدكتور جوردن.

هذا الأخير أرسل لي خلال فترة الحظر من جائحة كورونا ما يلي:

صديقي العزيز أحمد، أتمنى أنك في تمام الصحة والعافية وأن تكون ومن تحب بعيدين عن هذه الجائحة التي عصفت بنا هنا في لندن. لقد خسر الكثير وظائفهم وأغلقت المتاحف أبوابها، ونجلس خوفاً في منازلنا. أصبحت أقرأ كثيراً، حتى أنني عدت وقرأت الملف الخاص بـ(إثراء) ثم وبتسلسل غير محسوس أصبحت أقرأ عن السعودية وعن الإصلاحات والمشاريع الكبرى. كم أنت محظوظ ببلدك يا أحمد. متأكد من أنك لم تفقد وظيفتك كما حدث لجل الشباب هنا في أوروبا. وطنك أفضل بكثير من البلدان التي تدعي التقدم. وطنك يصنع للغد وبلدان أخرى تعود للوراء دون أن تشعر. أتمنى أن نلتقي قريباً في مشروع كبير، قد يكون مواطناً سعودياً من يديره. ستصبحون منارة كإثراء!

لقد كان محقاً، بلدي في رئاسة العشرين، وإثراء أصبحت منارة ثقافية عالمية، والمشاريع الكبرى باتت أكثر من أن تُحصر!

كاتب سعودي

C_A7md@
00:11 | 3-11-2020

سلمان الاطمئنان

حين يتحدث رجل التاريخ فإن الجميع سينصت. حين يتحدث الحكيم فإن الآفاق ستفتح والمدارك تتوسع. وحين يتحدث السياسي الخبير، فحتماً سيأخذ الجميع الأمر على محمل الجد.

وحين يتحدث الملك سلمان بن عبدالعزيز فإن العالم بأسره يتوقف ليسمع ويفهم ويجب أن يستوعب. الملك الذي جمع التاريخ والحكمة والسياسة والعزم والحزم.. والطمأنينة.

خطاب الملك سلمان الذي وجهه للشعب السعودي والمقيمين في المملكة العربية السعودية دون التفرقة في «مرحلة صعبة في تاريخ العالم» يجعل كبرى قيادات العالم تطرق له السمع وتتمنى لو كانت تملك جزءا من حكمة (ملك المملكة العربية السعودية) التي تحتضن الجميع.

من منظور اتصالي؛ يمكنني القول بأن هذا هو أفضل خطاب قد ألقي من قادات العالم خلال هذه الأزمة. لقد طمأن المقيم قبل المواطن، والمتفائل قبل المتشائم، والصغير قبل الكبير، والمسؤول قبل المكفول والمعافى قبل المريض. لقد كان سبباً -بعد الله عز وجل- في نزول السكينة على كل من يقطن هذه الأرض الطيبة المباركة.

لقد بدأ -أيده الله- بكلمة مباشرة لا تحتمل التأويل: «أؤكد لكم حرصنا الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم». اتصالياً؛ بداية كهذه كفيلة ببث الطمأنينة والثقة في النفوس من أن أعلى سلطة في (الأرض الطيبة) حريصة على استقرار الأوضاع ومنع حدوث أزمة غذائية أو صحية أو معيشية.

هذه رسالة لكل العالم وليس لنا نحن القاطنين في (الأرض الطيبة)، في ظل خطابات أخرى مروعة وأخرى مهددة وخطابات في الغرب وأقصى الغرب تتهرب من المسؤولية وتبث الخوف.

ثم كان لابد من وضع الأمور في نصابها والإقرار بأن ما يحدث يشكّل (مرحلة صعبة في تاريخ العالم) ولكن المسلم يؤمن ويثق في زوال الأخطار، فذّكر -خادم الحرمين الشريفين- الجميع بكلام الله عزّ وجلّ «فإن مع العُسرِ يُسراً • إن مع العُسرِ يُسراً». وهي رسالة أخرى مباشرة لضبط النفس واستيعاب خطورة هذه المرحلة واتباع ما تصدره الدولة من أوامر وقوانين كي ينتهي هذا العُسر. ولذلك فقد شدد -أيّده الله- على أن «المملكة مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة، والحدّ من آثارها، مستعينة بالله تعالى، ثم بما لديها من إمكانات، في طليعتها عزيمتكم القوية في مواجهة الشدائد بثبات المؤمنين العاملين بالأسباب». هذه كلمات قائد وليست كلمات إنشائية شاملة يقولها مسؤول. ثلاثة رسائل مباشرة تعزز مفهوم الترابط بين الدولة والمواطن؛ أولها أن الدولة «مستمرة» ولن تتهاون في اتخاذ ما يلزم للحدّ من آثار هذا المرض الجائح. ثاني الرسائل هو تعزيز الثقة في قاطني المملكة -مواطنين ومقيمين- لاستثارة العزيمة والثبات. ثالثها وهي الأهم؛ الأخذ بالأسباب وهي تلك الأسباب الاحترازية التي يجب على الفرد القيام بها للحد من انتشار هذا المرض.

ثم أرسل -حفظه الله- رسائل ذات مدلولات إنسانية وتلامس المشاعر وتبعث بالفخر لكل المعنيين وهم:

المتعاونون أو (الواجهة المشرّفة)/‏ وهم أولائك الذين أفصحوا عن وجهات سفرهم، سواء لدول ممنوعة أو دول انتشر بها الوباء، وكذلك الذين التزموا بالحجر.

العاملون/‏ وهم الجهات الحكومية التي تبذل كل الإمكانيات لاتخاذ التدابير الضرورية وفي مقدمتها وزارة الصحة. وهذه شهادة شكر لكل منسوبي وزارة الصحة الذين يبذلون جهوداً مضاعفة لتنفيذ الإجراءات (للمحافظة على صحة المواطن والمقيم).

أخيراً، ختم قائدنا الحازم خطابه بالتشديد على صعوبة هذه المرحلة التي قد تكون أكثر صعوبة، مطالباً الجميع بالتحلّي بالصلابة وقوة العزيمة والأهم «الإحساس بالمسؤولية»، وهذا يشكل حجر زاوية هذا الخطاب السديد، فالأمر، كل الأمر، يعتمد على «إحساسنا بالمسؤولية الجماعية» كي نتخطى جميعاً -مواطنين ومقيمين- هذه الجائحة التي استسلمت لها دول كثيرة، منها دول تمنّى مواطنوها قائدا يحتذي بسلمان الاطمئنان!

* كاتب سعودي

c_A7md@
00:16 | 23-03-2020

الاحتباس الحضاري!

انقلب العالم رأساً ولم يعد أصغر فرد فيه يرى العالم كما كان يراه قبل الحملات المنظمة التي تحدثت عن ضرر (الاحتباس الحراري) على هذا الكوكب. ورغم ضعف الحملات وتوَهانها في عالم بات مشغولاً بالإنترنت والتقنيات الحديثة في الألعاب والسيارات والمدارس والشوارع وكل مناحي الحياة؛ إلا أن الجميع بات يدرك حقيقة التأثير السلبي للإنسان على الأرض، حتى أولئك الذين يصدحون بعدم اكتراثهم. وفي خضم كل ذلك، كان المجتمع السعودي أحد أقل الأمم التي يدرك مواطنوها خطورة الأمر- ربما بسبب أننا نعيش في المنتصف تماماً- وربما لأننا كنا محبوسين حضارياً!

كان المجتمع السعودي يشتاط ويثور لمناقشة مسألة إفطار من لم يبلغ الحلم، أو هل يجوز الترحم على المشرك، ولكنه لم يكن ليعرف معنى (ما) لـ«الاحتباس»، حتى أولئك المتعلمين لم يكونوا ليناقشوا الأمر بجدية. بعيدون جداً كنّا عن الحضارة. كنا نعاني من متلازمة الغفوة العقلية، مستسلمين - إرادياً وغير إرادياً- لكل من يتحدث باسم الدين حتى باتت الحياة محصورة بين أمر شيخ وفتوى مستشيخ. نشأت أجيال -بين بداية السبعينات وبداية التسعينات- على الخنوع التام أمام أصحاب الأفكار المتطرفة والأيديولوجيا التي نشأت نتيجة للخطابات الخارجية التي كانت ترى في مجتمعنا أرضاً خصبة لنشر أفكارهم وتنفيذ مخططاتهم.

نشأتُ كسواي في تلك البيئة التي وضعت حدوداً ضيقة للتفكير وتقنين الأفكار الإنسانية لما يخدم تلك الأجندة. كثيرٌ ممن أعرف انجرف نحو تلك الأيديولوجيا تماماً كما ذكرها أستاذي عبدالله ثابت في روايته (الإرهابي 20). كنت على وشك السقوط في ذلك الوحل لولا مشيئة الله ثم بقرارات جريئة من حكومة المملكة صاحبة النظرة الحكيمة. ومن فضل الله أن الأمر لم يدم لأكثر مما كان يطمح له الطامعون فينا؛ حتى جاء القائد الحكيم الملك سلمان ليقضي تماماً على ذلك الوجود المقيت. وجاءت قرارات ولي عهده المجدد محمد بن سلمان الذي أجهز تماماً على بقايا تلك الأفكار ومنح المجتمع السعودي ما يستحق. عدنا مسرعين نحو القمة، وبتنا قبلة للأمم في النمو والازدهار والتجدد والتحضّر. أصغرنا الآن بات يعرف كل شيء عن كل شيء. مواليد الألفية الثالثة باتوا يتنافسون -عالمياً- على إيجاد حلول تنقذ الكوكب. بات لأبنائنا كوكيبات تحمل أسماءهم. بات الشاب السعودي علَماً بارزاً في كل المجالات العلمية. بات أقراني أهراماً عالية في الطب وريادة الأعمال والابتكار والتقنية والثقافة والإعلام. بتنا جميعاً نحاول إيجاد الحلول الحقيقية لإنقاذ العالم، وسوف نفعل ذلك في القريب.
01:52 | 2-03-2020

ناصر الجهني.. عِطرُه ما يزالُ حيّاً (!)

ثماني ساعات فقط هي حصيلة لقائي الوحيد بالدكتور ناصر الجهني، رحمه الله وأكرم مثواه وأسكنه الفردوس الأعلى. كان ذلك قبل أربعة أعوام في رحاب جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بتنسيق من الزميلين الرائعين صلاح سندي، وعلي مكي.

كان لقاء الدكتور ناصر -الذي قدم رفقة الأستاذ العزيز سعد الخشرمي- حميماً للغاية. لن أنسى كلماته لي وكلمات سعد خلال تلك الزيارة. لقد كان لقاؤه مفصلياً بالنسبة لي. منذ ذلك الحين تغير تفكيري!

لقد كان كلقاء جلال الدين الروميّ بشمس التبريزي.

كنت كالهائم قبل ذلك اللقاء. كنت أشبه بالغريق في بحرٍ من الماديات. كان فيلسوفاً مكيّاً يجلس على الأرض وأنا بجانبه. يخاطبني تماماً كابنه!

ابتسم في وجهي بعد طول شرود وقال: أنت تذكرني بابن أختي. إنه يشبهك كثيراً، تتحدث بذات الطريقة، حتى أنك أعسر مثله تماماً.

فرحت كثيراً بهذه الملاحظة وهذا التشبيه، رغم كراهيتي للمقارنات!

تطورت علاقتنا بعد ذلك. قمت بإضافة حسابه في تويتر، وفعّلت التنبيهات. بعد بضعة أشهر -وحين كنت منهمكاً في زيارة مهمة لأحد الوزراء- وإذ بتنبيهات تويتر لا تتوقف. خشيت جداً أن يكون أحدهم (هشتقني) رغم أن حسابي (غير مؤثر) ولكنها إحدى نِقم تويتر، يفاجئك بكل ما هو غير متوقع.

كان الدكتور ناصر حينذاك قد كتب تغريدة مديح فيّ ربما لا أستحقها. وانهالت عليّ الإضافات وعبارات الثناء ممن أعرف وأجهل. لقد صنع يومي، فنسيت إصابة ركبتي وأنا أعرج ماشياً بين مباني كاوست، حتى أني نسيت الوزير!

في أحد الأيام، وفي تغريدة للدكتور؛ ذكر بأنه يعشق عطراً وقد وضع صورة له. كتبت له وعداً بأن أحضره، وقد تكبدت زوجتي عناء اللحاق بي في أحد المجمعات العملاقة في جدة. كانت في شهرها الخامس، تحاول مواكبة خطواتي وأنا أبحث عن العطر في تلك المتاجر المتناثرة. أخيراً حصلت عليه وابتعت بطاقة كتبت عليها فوراً.

هاتفت الدكتور بعد بضعة أيام فأجاب: أنا ونزيهة في مصر. أهاتفك حين نعود ونتشرف بدعوتكم في منزلنا.

الأستاذة نزيهة التي خصّها في تويتر بالبايو: «زوجتي هي حياتي»، كانت نسخة من الدكتور ناصر. أعتز بمعرفتها كثيراً رغم أن مشيئة الله لم تكتب لي لقاءها.

مضى عام ونصف قبل أن يهديني كتاباً كنتُ قد أبديت إعجابي به. لم تصله زجاجة العطر، وحين عزمت على الإصرار على الدكتور أن يرسل لي عنوانه، كان قد توقف عن التغريد، قبل أن تأتيني رسالة من السيدة نزيهة تخبرني بإصابته بالسرطان. بكيت كثيراً حينها وأنا أحاول الرد. بكيت وأنا أعرفه، لن يستسلم! حاولتُ التخفيف عني قبل زوجته العزيزة. انتهزت فرصة تواجدي في جدة -وقد عدت للعمل في المنطقة الشرقية- واتصلت به. أردت أن أزوره وزجاجة العطر في حقيبتي، ولكنه لم يجب!

رحل الدكتور ناصر وترك لي زجاجة العطر؛ مغلفة وعليها بطاقة مكتوبة بقلم أزرق:

«من (أخو ناصر)

إلى (أخو أحمد)..»

لكنّ عطره ما يزالُ حياً يملأ المكان والزمان بعبقه الفريد الذي لا يموت!
01:28 | 16-02-2020