-A +A
طارق الحميد
في الأزمات يعيد الإنسان اكتشاف نفسه، وكذلك الدول، مثلها مثل الأفراد، وما بعد الأزمات، ليس كما قبلها، وخصوصا مع جائحة فايروس كورونا المتجدد الذي قذف بدول العالم إلى مجهول لا نعلمه، لكن بالأزمات فرص، وهذا ما يدركه القادة، والقيادة روح قائدها.

أكتب والسعودية تجاوزت الأسبوع الأول من العزل، وقد قررت المحافظة على التفاؤل، والتأمل، وأقنعت أطفالي أن نقوم بمشاهدة حقب سابقة عن بلادنا لا يعرفونها، وذلك عبر اليوتيوب، حيث نشاهد تاريخ دولتنا، وملوكنا، ومدننا، قصتنا، وفنانينا، وحتى نجوم كرة القدم، وكانت متعة لا توصف، وفي غمرة متعتهم، وتساؤلاتهم تساءلت مع نفسي: من يصدق أن هذه السعودية اليوم؟


صحيح أن العالم في حيرة، وكل أزمة علمتنا أن العالم بعدها غير، وبالتأكيد أن عالم ما بعد كورونا المستجد سيكون غير. لكن هناك أمر جيد، رائع مريح، وهذا ليس حديثا عاطفيا، بل حقيقة، هل تعلم قارئي العزيز ما هو؟

السعودية، ومنذ ما يزيد على أسبوع، تعيش في العالم الافتراضي، وأداؤها رائع. التعليم يتم عبر الإنترنت. البنوك تعمل عبر التطبيقات، وكذلك النظام العدلي، نعم المؤسسات القضائية، وكذلك وزارة الداخلية، وكافة مؤسسات الدولة الحكومية.

والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل تستطيع طلب جل احتياجاتك عبر التطبيقات المتاحة، فمن كان سيصدق ذلك، لو كتبتها، أو كتبها غيري، قبل شهرين، بأن السعودية تستطيع أن تعيش، كأجهزة دولة رسمية، أو قطاع خاص، عبر الإنترنت، أو التطبيقات، كما نلاحظ اليوم؟ خذ نموذجا سعوديا مشرفا في هذه الأزمة، وهو أداء وزارة الصحة، وزيرها، طاقمها، ميدانيا، وإليكترونيا، لا تملك إلا أن تفخر بهم، وبعملهم.

ولذا فمن رحم الأزمات يولد الأمل، نحن اليوم أمام سعودية متطورة، متحفزة، وكما يقال فإن رب ضارة نافعة حيث إن السعودية، قائدة قمة العشرين، تقوم إمكانياتها عمليا بالتجربة الآن وهي تسير للوصول إلى رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 2030. ولا تأخذ برأيي، قارئي العزيز، بل قس على تجاربك.

اليوم سفاراتنا تفعل المستحيل بكل مكان، وتتواصل مع خارجيتنا التي تعمل من المنازل. وكذلك باقي الأجهزة الحكومية. والحديث الآن عن أول قمة افتراضية، عبر الإنترنت، لقادة العشرين في بلادنا.. نعم هي ثورة، إذا قلتها قارئي العزيز بينك وبين نفسك.

لذلك علينا أن نتفاءل، فلو دفعت بلادنا مليارات الدولارات لإجراء اختبار استعداد السعودية لمرحلة الدولة، والإدارة، الإليكترونية، أو الافتراضية، فربما لم يتسن لها ما تحقق الآن.

وعليه هي أزمة محبطة، لكن بلدنا تعيشها قوية، وستخرج منها أقوى.

* كاتب سعودي

tariq@al-homayed.com