-A +A
حمود أبو طالب
الكثيرون كانوا يترقبون ماذا ستقرر المملكة من إجراءات للحد من وصول وانتشار فيروس كورونا، فيهم المخلصون ذوو النوايا الطيبة الذين يرجون لهذه البلاد وزوارها الخير، وفيهم الذين يتمنون حدوث الضرر لها والوقوع في مأزق القرار لكي يزايدوا ويتاجروا بموضوع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ويعيدوا استهلاك النغمة الرديئة التي يستحضرونها كلما ازدادت أحوالهم سوءاً.

حسناً، ماذا فعلت المملكة كدولة ذات قرار وصاحبة سيادة ومسؤولية عن مواطنيها بالدرجة الأولى، وعن المقيمين فيها وزوارها ومئات الملايين من المسلمين الذين يؤدون مناسك العمرة والحج والزيارة، باعتبارها مسؤولة عن الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وسلامة من يقصدها أمنياً وصحياً منذ لحظة قدومه إلى لحظة مغادرته. الذي فعلته أنها لم تتخذ قرارات انفعالية سريعة كردود أفعال مرتبكة غير ناضجة، ولا هي تأخرت كثيراً بسبب التردد والحيرة والتوجس ووضع اعتبارات لا قيمة لها في الحسبان.


المملكة بدأت رصد الوضع العالمي لفيروس كورونا لحظة بلحظة وتقييمه على مدار الساعة من خلال أجهزة وإدارات متطورة بشرياً وتقنياً، مرتبطة بالمرجعيات الصحية العالمية، ترك لها السياسي اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب بناء على المعطيات المتوفرة. تم اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة في المنافذ، وصدرت قرارات تتعلق بفحص أو عزل القادمين من بؤر العدوى، وتغيرت اشتراطات التنقل والسفر بين الدول الخليجية وغيرها عندما دعت الحاجة، لكن القرار الأكبر والأشجع كان تعليق العمرة والزيارة ثم إخلاء صحن الطواف والمسعى مؤقتاً لدواعي الوقاية، واستمرار تقييم الوضع واتخاذ ما يلزم بحسب الضرورة.

هذه القرارات لم تأخذ في الاعتبار سوى صحة وسلامة المواطنين وزائري المملكة وعموم المسلمين القادمين للعمرة بغض النظر عما سيقوله المرجفون والمزايدون وسماسرة الشعارات، وقد لقيت القرارات ترحيب المرجعيات الدينية والصحية والسياسية من مختلف أنحاء العالم لأنها تعكس الالتزام بالمسؤولية والنهوض بها والقدرة على التعامل مع نتائجها وتبعاتها بكفاءة وشجاعة.

الدولة الناضجة التي تعرف معنى أن تكون دولة، ليس لديها ما تخفيه، ولا تتأخر أو تتردد في اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com