-A +A
عبدالله الجنيد
انتقلت الأردوغانية من سياسة الحدود المفتوحة أمام اللجوء غير المشروط للسوريين إلى أداة ابتزاز سياسي بتهديد جوارها الأوروبي بإغراق شواطئها باللاجئين في حال فشل أوروبا الاعتراف بمشروعية الاستحقاقات الأردوغانية في الأرض والموارد خارج حدود تركيا الطبيعية. وها هو الرئيس أردوغان يتخبط من جديد في التعاطي مع شأن اللجوء السوري من توظيفه سياسياً في اجتزاء قسم من شمال سوريا ليلحقه بلواء الاسكندرون، إلى التسليع السياسي لمعاناة اللاجئين السوريين عبر الترحيل القصري أو إلغاء الإقامات الممنوحة لهم على الأراضي التركية.

الأردوغانية هي المنعطف الأخطر في تاريخ تركيا الحديثة منذ نهاية الحرب الباردة، فقد فقدت تركيا حيوية دورها الجيوسياسي وهي الرابط بين آسيا وأوروبا، وتراجع نموها الاقتصادي والاجتماعي بعد أن تحولت من ديمقراطية حقيقية إلى شكل من أشكال ديمقراطية الدكتاتور. وتلك الرؤية خلقت حالة احتقان في عموم علاقاتها بجوارها الجيوسياسي والدولي.


العبثية الأردرغانية حولت تركيا الواعدة من بيئة جاذبة للاستثمارات إلى أخرى طاردة نتيجة عدم الثقة في مستقبل تركيا الاقتصادي أو استقرارها السياسي. وشهدت العلاقات الخليجية التركية أدنى حالاتها خلال السنوات العشر الأخيرة نتيجة لتلك السياسات العبيثة والعدائية تجاه دولة مركزية بحجم المملكة العربية السعودية وكتلتها السياسية. هذه الحالة تُرجمت اجتماعياً من قبل محازبي الأردوغانية باستهداف بعض السائحين من دول مجلس التعاون، ذلك بالإضافة لحالة من الإحساس بانعدام الأمن نتيجة التصعيد في الموقف السياسي من قبل الإعلام الرسمي التركي تجاه دول بعينها.

إعادة بناء جسور الثقة مع جوارها الجيوسياسي هي مسؤولية تركيا أولاً وأخيراً، إلا أن حدوث مثل ذلك في ظل الأردوغانية أمر مستبعد. فها هو الرئيس أردوغان يتجاوز على أهم مبادئ حسن الجوار عبر التنقيب عن الثروات الطبيعية في المياه الاقتصادية الخالصة لقبرص. ويتدخل بشكل سافر في الأزمة الليبية عسكرياً رغم آثار ذلك السلبية على آفاق الحلول السياسية والإرادة الوطنية الليبية.

وإن كانت هناك صورة أكثر بشاعة وقتامة للأردوغانية من كل ما تقدم، فهي بالتأكيد توفيره الغطاء السياسي والدعم اللوجستي والمعنوي لتنظيم داعش من نقل أعضائه بين مسارح الصراع في الشرق الأوسط (سوريا والعراق) وشمال أفريقيا (ليبيا وتونس). فإن الاشتراك في جريمة قتل ما تجاوز نصف مليون سوري لا يمكن أن تؤسس لعلاقات طبيعية بين العالم العربي وتركيا. ويستوجب الأمر ما هو أبعد من ذلك عبر إجراءات قانونية لمحاسبة تركيا والرئيس أردوغان ورهطه أمام العدالة الدولية على جرائمهم في حق الإنسانية، وإلزام تركيا دفع التعويضات المناسبة لكل ضحايا الأردوغانية.

* كاتب عربي

aj_jobs@