-A +A
منى المالكي
دعتني صديقتي الأسبوع الفائت لمناسبة، وكان الحديث يدور حول التحولات المباركة التي نعيشها الآن وبالذات في موضوع المرأة، لفت نظري التغييرات الصادمة- بالنسبة لي على الأقل- من هذه المشاركة السريعة في تقبل هذه التغييرات بل والتغني بها بفرح وسعادة!

سيتساءل البعض ولماذا كل هذا العجب؟ سأجيب ولكن من البدايات، فعندما كان الحديث -سابقا- عن المرأة كانت صديقتي العزيزة أول من يعارض ويصرخ برفض قيادة المرأة للسيارة مثلاً، لأصدم ليلتها بإعلانها وبكل فرح عن هدية زوجها -المتشدد جدا- سابقا بشرائه سيارة لابنته حتى ترتاح من السائق ومشاكله.


عندما عدت لمنزلي عاد لي شريط الذكريات السابق وكيف كنت أدخل معارك كلامية تصل إلى القطيعة من البعض -لفترة- نتيجة أفكاري التي لا يُسمح أن تسمعها الفتيات الصغيرات حتى لا ينحرفن!

تلك الأفكار أصبحت متواضعة الآن مع مشروع الحلم السعودي -تمكين المرأة- كان السؤال المؤرق لي: هل كانت أقنعة أُستبدلت بأقنعة؟! أم هي نظرة الأعم الأغلب! أم هو اقتناع بعد زوال «الغفوة» هذه الأفكار التي عشتها والأسئلة المقلقة المحيرة لا بد أن تكون مثار دراسات اجتماعية وسياسية ونفسية لعدة أسباب أهمها - في نظري- عدم الوقوع في أخطاء الماضي، كيف؟! أجيب فأقول: أن يكون الواقع الإنساني الحقيقي الذي نعيشه الآن واقعاً قوياً متجذراً ليس هشاً كخطاب «الغفوة» الذي ظهرت هشاشته وزيفه وضلاله.

ما نعيشه اليوم لا بد أن يحمي نفسه بنفسه من أفكار ضالة نعيش غواياتها بين فترة وأخرى من خلال سنابات مشاهير اقتاتوا على فكر صحوي زائف سابق.

الخطاب التنويري الذي نعيشه الآن تخدمه قيادة سياسية قوية، العمل معاً هو الهدف الذي نسعى إليه لتجذيره في عقول الجيل القادم، وهذه مهمة تضطلع بها «القوة الناعمة» هذه القوة التي لا بد أن تستعين بعقول ثقافية حقيقية عاصرت المرحلتين وتعرف خطورتها. الرهان الحقيقي لوزارة الثقافة هو نشر خطاب قوي يؤسس لهذه التغييرات من خلال مؤسسات المجتمع المدني، والاستمرار في ربط الماضي الرائد برموزه المقاومة لفكر الغفوة وعدم نسيانها لا بد أن تبقى حية في نفوس الشباب حتى تمحو تلك الرموز (من ورق) التي صنعها فكر الغفوة.

* كاتبة سعودية

monaalmaliki@