-A +A
علي فايع
أشياء عرفتها عن الدكتور عبدالعزيز السبيل الإنسان الذي تولى وكالة الوزارة للشؤون الثقافية وحقق فيها العديد من الإنجازات التي يشكر عليها، فكرمه نادي الرياض الأدبي الأسبوع الماضي، ولعلّ هذا المقال يتّسع لذكر أهمّ تلك الأشياء التي عرفتها عنه، منها أنه لم يكن يتحدث عن نفسه، لا بصفته ابناً لإمام الحرم المكي الشريف، ولا بصفته حاصلاً على درجة الشرف الأولى في قسم اللغة العربية في ثلاث سنوات ونصف، ولا بصفته الدارس في جامعات الغرب، ولا بصفته الناقد والأستاذ الجامعي الذي يشهد له طلابه بالعدل، والأمانة، وحسن التدريس، والوفاء بمتطلبات العمل، والتواضع الجمّ، والشعور بالمسؤولية، وتشجيع طلابه، والدفع بهم للقراءة والاطلاع، وإبداء الرأي، دون تبرّم، وتمكينهم من الحوار والنقاش دون ضجر أو ملل. والدليل على أنّ الدكتور عبدالعزيز السبيل (الذي سعدت بأن كنت أحد تلاميذه) لا يتحدث عن نفسه، أنني تفاجأت وأنا أقرأ في الكتاب الذي أعده الدكتور عبدالله الحيدري عن الدكتور السبيل بمناسبة تكريمه، بالعديد من المعلومات المهمة والمثيرة في حياته كعمله في الإذاعة السعودية معداً ومقدماً للعديد من البرامج الإذاعية التي حاور فيها أدباء كباراً كمحمد حسن فقي وحسين عرب ومحمد أحمد جمال في سنّ مبكرة من حياته، إضافة إلى تقديمه برنامجاً إذاعياً بعنوان «أغنية وشاعر» وهو ابن إمام الحرم المكي الشريف، وكان يختار في هذا البرنامج الإذاعي إحدى الأغاني الشهيرة باللغة العربية الفصحى ويعرّف بشعرائها.

لقد كان الدكتور عبدالعزيز السبيل أنموذجاً فريداً من أبيه الذي كان يستعين به في البحث عن موضوع داخل كتاب


أو معنى كلمة في القاموس المحيط، كما قال الحيدري في كتابه لقد كانت الثقافة بالنسبة للدكتور عبدالعزيز السبيل همّاً، وعليه فقد كان يبحث عن منتج ثقافي جاد إبّان عمله وكيلاً للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة والإعلام؛ ولعلّ أهمّ تجربة خاضها في هذا الجانب كانت ملفّ الأندية الأدبية التي اصطدم فيها بمزاجية الأديب السعودي، فخُذِل كما أظنّ، لأنّ الأنشطة الثقافية في هذه المؤسسات الرائدة تحوّلت إلى ما كان يصفه الدكتور السبيل في إحدى مقالاته بالألعاب النارية التي تبهر وتسعد للحظات، لكنها سرعان ما تتلاشى من الوجود، فلا تثير أسئلة في الواقع ولا تضع لبنة صغيرة في البناء الثقافي الذي يطمح إليه المشتغلون بهذا الهمّ.

alma3e@