أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/878.jpg&w=220&q=100&f=webp

علي فايع

الاستسلام للواقع في «ثرثرة خلف المحراب» !

في مجموعته القصصية «ثرثرة خلف المحراب» الصادرة حديثاً بالشراكة بين نادي الحدود الشمالية والانتشار العربي يستسلم القاص والإعلامي حسين السنونة للواقع؛ فيتحول من صناعة نصّ قصصي لا فت إلى نقل الواقع بتفاصيله الدقيقة. لا يعني هذا أنّ النصوص القصصية التي نشرها السنونة في هذه المجموعة، وكتبها في أوقات مختلفة لا تصلح أن تكون قصصاً إبداعية، ولكنها كما أظنّ كانت بحاجة إلى الخروج من دائرة الكتابة العاطفية والانفعالية إلى الكتابة الإبداعية التي تحوّل الفكرة إلى نصّ، والنصّ الواقعي إلى نصّ إبداعي مواز لهذا الواقع ومختلف عنه !

ما لفت انتباهي في هذه المجموعة التي كتبت بعض نصوصها في عام 1999م أنها لو كتبت اليوم لما كان لها قارئ، وإن وجد فسيطوي صفحاتها الأولى معتذراً بعدم إكمال قراءتها، ليس لأنها لم تكتب بشكل دقيق أو جيد فقط، ولكن، لأنها كتبت في موضوعات لم تعد تحمل تلك الحساسية التي كانت تحملها في زمنها الذي كتبت فيه، فالمرأة التي كتب عنها عام 1999م نصاً قصصياً تحت عنوان «أجساد ثملة» لم تعد هي المرأة التي تعيش بيننا اليوم، كما أنّ الحياة التي كانت بائسة في نصه القصصي في ذلك التاريخ بالتحديد لم تعد هي الحياة اليوم، ولا التعصّب الديني الذي كان معضلة وحيدة في نصّ السنونة القصصي !

أعلم أنّ هذا الكلام ربما لا يرضي الصديق السنونة الذي تأمل في قراءتي لهذه المجموعة خيراً كثيراً، وربما سيغضب من هذا الرأي، ولكنّ الواقع يفرض علينا الاعتراف بأنّ مشكلة نصوصنا القصصية أنها تستسلم للواقع بشكل كبير، ولا تستشرف المستقبل، كما أنّ المقدمة التي كتبها الشاعر والناقد السوري يوسف إسماعيل شغري لهذه المجموعة فيمكننا الحوار حوله بأنّ الصدق الذي يلتقطه شغري في نصوص السنونة يمكن التعبير عنه بالعفوية التي تثقل النصّ القصصي أكثر من خدمته، إلاّ أنني أتفق معه ـ كقارئ ـ في أنّ الانطلاقة الفعلية لهذه النصوص كان المحرك لها البيئة المحلية والواقع الاجتماعي الذي يتصوره الكاتب، لكنه ليس بالضرورة أن يكون الواقع الفعلي؛ لأنّ زوايا النظر والرؤية تختلف باختلاف الكاتب والمكتوب عنه !

بقي أن أشير إلى أنّ هذه المجموعة القصصية لم تخل من مسحات فنيّة، لكنها لم تكتمل، ولعلّ الحمولات الفكرية التي أثقلتها كانت سبباً مباشراً في غلبتها على النصوص الإبداعية، التي طغت فيها الفكرة على الحالة الإبداعية !

alma3e@
01:55 | 7-01-2020

عبدالعزيز السبيل: القيمة والقامة

أشياء عرفتها عن الدكتور عبدالعزيز السبيل الإنسان الذي تولى وكالة الوزارة للشؤون الثقافية وحقق فيها العديد من الإنجازات التي يشكر عليها، فكرمه نادي الرياض الأدبي الأسبوع الماضي، ولعلّ هذا المقال يتّسع لذكر أهمّ تلك الأشياء التي عرفتها عنه، منها أنه لم يكن يتحدث عن نفسه، لا بصفته ابناً لإمام الحرم المكي الشريف، ولا بصفته حاصلاً على درجة الشرف الأولى في قسم اللغة العربية في ثلاث سنوات ونصف، ولا بصفته الدارس في جامعات الغرب، ولا بصفته الناقد والأستاذ الجامعي الذي يشهد له طلابه بالعدل، والأمانة، وحسن التدريس، والوفاء بمتطلبات العمل، والتواضع الجمّ، والشعور بالمسؤولية، وتشجيع طلابه، والدفع بهم للقراءة والاطلاع، وإبداء الرأي، دون تبرّم، وتمكينهم من الحوار والنقاش دون ضجر أو ملل. والدليل على أنّ الدكتور عبدالعزيز السبيل (الذي سعدت بأن كنت أحد تلاميذه) لا يتحدث عن نفسه، أنني تفاجأت وأنا أقرأ في الكتاب الذي أعده الدكتور عبدالله الحيدري عن الدكتور السبيل بمناسبة تكريمه، بالعديد من المعلومات المهمة والمثيرة في حياته كعمله في الإذاعة السعودية معداً ومقدماً للعديد من البرامج الإذاعية التي حاور فيها أدباء كباراً كمحمد حسن فقي وحسين عرب ومحمد أحمد جمال في سنّ مبكرة من حياته، إضافة إلى تقديمه برنامجاً إذاعياً بعنوان «أغنية وشاعر» وهو ابن إمام الحرم المكي الشريف، وكان يختار في هذا البرنامج الإذاعي إحدى الأغاني الشهيرة باللغة العربية الفصحى ويعرّف بشعرائها.

لقد كان الدكتور عبدالعزيز السبيل أنموذجاً فريداً من أبيه الذي كان يستعين به في البحث عن موضوع داخل كتاب

أو معنى كلمة في القاموس المحيط، كما قال الحيدري في كتابه لقد كانت الثقافة بالنسبة للدكتور عبدالعزيز السبيل همّاً، وعليه فقد كان يبحث عن منتج ثقافي جاد إبّان عمله وكيلاً للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة والإعلام؛ ولعلّ أهمّ تجربة خاضها في هذا الجانب كانت ملفّ الأندية الأدبية التي اصطدم فيها بمزاجية الأديب السعودي، فخُذِل كما أظنّ، لأنّ الأنشطة الثقافية في هذه المؤسسات الرائدة تحوّلت إلى ما كان يصفه الدكتور السبيل في إحدى مقالاته بالألعاب النارية التي تبهر وتسعد للحظات، لكنها سرعان ما تتلاشى من الوجود، فلا تثير أسئلة في الواقع ولا تضع لبنة صغيرة في البناء الثقافي الذي يطمح إليه المشتغلون بهذا الهمّ.

alma3e@
01:47 | 24-12-2019