قص الأثر أو من يصفهم القدماء بـ «المري» نسبة إلى قبيلة مرة التي كان يكثر فيها قصاصون الأثر، وقصاص الأثر شخص موهوب ويعرف اتباع أثر كل مايدب على الأرض.
وتمكن عدد من الموهوبين في هذا المجال من التعرف على المسار والطريق التي سلكته دوابهم في الصحراء، وأغلب المتمتعين بهذه الموهبة من البدو سكان الصحراء، وقد لعبوا على مدى التاريخ دورا مهما للغاية في التحقيقات الجنائية، إذ تمكنهم هذه القدرة من التعرف على الطريق الذي سلكه سارقو الدواب, إضافة إلى تحديد أجناسهم وأطوالهم وأوزانهم، ما يمكّن من تحديد الفاعل بيسر وسهولة، ولا تزال العديد من أجهزة الأمن الحديثة تعتمد على أصحاب هذه الموهبة الفريدة في التتبعات العدلية والتحقيقات الجنائية.
وفي أقصى الشمال الغربي وتحديداً في محافظة القريات شائع اسم رجل يعرف بقص الأثر وله إنجازات كبيرة بهذا المجال، إنه فلاح منسي الشراري البالغ من العمر 53 عاما يقول: عندما كنت صغيرا كنت أرعى أبل والدي وكنت أعرف أثر الإبل التي نملكها وكنت أتابع اثر إخوتي وأميزه بين الآخرين ومنها اكتشفت نفسي.
وأضاف؛ إنه ليس للوارثة دور، حيث إنه لا يوجد أحد من عائلتي له معرفة بهذا العلم حتى والدي كنا نستغرب أنه لا يعرف أثر الإبل الخاصة به رغم أنه كان بدويا ولكن يوجد أحد إخوتي لديه معرفة في الأثر ولكن بشكل خفيف.
وعن أسرار المهنة يقول«نعتمد على معرفة كم يوم مضى من مدة الأثر ونعتمد على الأرض لأن بعض الأراضي لا تساعد على قص الأثر وبعض الأثر له مدة معينة إذا تجاوزها يصعب عليك قص الأثر أو الاستدلال عليه كما نعتمد على عدم وجود رياح بالمكان الذي يوجد به أثر».
وتابع القول «أعرف أن أميز الأثر بين مجموعة أشخاص، حيث إذا شاهدت الأثر لوحده أحفظه ويعلق في ذهني وكل أثر له طابع خاص في الممشى وسبق أن استخرجت أثر شخص من بين مجموعة».
وفيما يخص الاكتشافات يذكر الشراري «أول حالة اكتشفتها كانت لمهربي مخدرات في سنة 1402هـ، في مركز حالة عمار وتم القبض عليهم، كذلك اكتشفت القاتل في قضية الطفل محمد العازمي في القريات قبل سنة».
ويستطرد قائلا «تم الاتصال بي لكي أحضر إلى شرطة القريات لتطبيق أثر القاتل على الأثر الموجود في موقع الجريمة وبعد أن حضرت وشاهدت الأثر الموجود في الموقع وتم إحضار المتهم وبعد أن رأيت أثره كان أثره مخالفا للأثر الموجود، حيث المشية اختلفت وأثر السيارة اختلف، حيث إن أثر الإطارات يشير إلى أن القاتل أتى إلى الموقع مرتين بينما المتهم ذكر أنه حضر مرة واحدة ورفضت التوقيع على المحضر مع الشرطة».
وأضاف «أفدتهم أن هذا ليس من تبحثون عنه وبالفعل بعد 17 يوما أتى المتهم الحقيقي وتم مطابقة أثره وشاهدته وكان مطابقا بنسبة 95 % وبالنسبة للسيارة نسبة 100 %، حيث أحضرت الشرطة من نوع السيارة المشتبه بها عدد 207 سيارات من نفس النوع وتم التعرف عليها وتم اعتراف الشخص بجريمته».
ونفى المري الشراري الاستعانة بالجن في عمله، مؤكدا أنها موهبة من الله، وأضاف «روج بعض الناس عني شائعة أني أقص الأثر على الأسفلت وهذا غير صحيح ولكن عندما يتم قطع الأسفلت نحصل على الأثر في الجهة الأخرى منه فنتابع الأثر».
وعن شعوره أثناء تأدية عمله يقول «حين أقص أثرا للمتسللين فإني أشعر بفرح لأني سأنجز عملا بطوليا لحماية ديني ووطني وأتحمس للقبض عليه وكشفه».
وأشار إلى أنه تعرض لعدة مواقف بلغت التهديد، مضيفا «تم تهديدي من قبل بعض البدو الذين يقطنون بين الحدود، حيث كان بعض هؤلاء الأشخاص يقومون بعملية التهريب وتم كشفهم والقبض على بعضهم وعندما أتاني التهديد أرسلت برقية إلى مقام وزارة الداخلية لحمايتي من هؤلاء الأشخاص».
وفيما يخص المتاعب يقول «من أهم المتاعب وأبرزها أن تكون الأرض غير مساعدة على تقفي الأثر» وأضاف «أذكر أني قطعت مسافة 36 كم أقص أثرا، حيث كان الأثر في منطقة جبلية وبعض الأحيان يختفي فنعرفه عن طريق وطء الحجر».
قاهر المتسللين:
أقدام الجناة تقود إلى رقابهم
13 يونيو 2013 - 20:07
|
آخر تحديث 13 يونيو 2013 - 20:07
أقدام الجناة تقود إلى رقابهم
تابع قناة عكاظ على الواتساب
زياد الدمجاني «خيبر»