* عندما كنت ألوِّح بيد الوداع للعام الراحل (2006)، كانت تحار في عيني دمعة عجزت أن أصنفها: هل هي دمعة حزن على عمر مضى وبقيت أصداؤه: ذكريات، أم تراها دمعة فرح لفراق عام كانت أشواكه هي كل حصيلتنا منه؟!.
وكانت ترتسم على شفتي ابتسامة تراوح ما بين الثبات والاختفاء، وهي تتموه بطريقة الأشياء التي صارت تفرحنا مؤقتاً.. أما «الدمعة»: فهي تلك التي تبدو مثل مفتاح لبوابة «الألفة» التي غادرت الكثير من عواطف الناس، أو أن هذه العواطف: قحلت وجفت فصارت تعاني من الوحدة والنقع في الحدة!.
وكعادتي مع الناس والأشياء والأمكنة التي ارتبط بها عاطفيا، ويبقى من الصعب العسير علي جدا أن افارقها أو اهجرها، أو ترحل عني حتى ولو آلمتني وجرحتني.. فقد تعاملت مع رحيل العام (2006) بحزن طاف جوانحي و «اقتنص» دمعة من عيني، برغم أن الكثير مما فقدناه: مضى وهو لا يشكل قيمة ولا يستحق ثمنا، طالما انه خضع للبيع والشراء، لكن «القليل» الذي أبكانا -وهو الأكثر في قيمته- كان يتمثل في: وطن يخرب تنميته محتل طامع، وفي: شهيد يسقط على درب النضال ومقاومة المستعمر المستبد، وفي: حلم يفسده لنا كل هؤلاء الذين حصروا الحياة في المكسب المادي، وفي التفوق الذاتي، وفي التضخيم للأنا!!.
لهذا طفرت دمعة من عيني في لحظة كانت فاصلة ما بين رحيل العام الفارط وميلاد عام غامض لا نعرف كنهه.. ولم تكن دمعة فراق بقدر ما شعرت بها: دمعة «حظ» فقد هو الآخر مع عالمنا الذي يضمنا: متعة الأمن والسلام والاستقرار و.... الحلم!.
* **
* أما «الابتسامة» التي صاحبت انبثاق اللحظة الاولى في العام الجديد، فلا أظنها تختلف كثيرا عن هذه الابتسامات الجاهزة التي صرنا نراها دائما على شفاه الناس، مثلما نراها على شفاه الممثلين في السينما حين يؤدون أدوارا لها شوك في القلب ووردة على الشفاه!.
وإذا كانت «الابتسامة» في العام الفارط مجرد: تابلوه على جدار زمننا أو وقتنا طوال العام، فإن هذا «التابلوه»: شكل لنا الواقع المظهري، أو المظهر الذي حاولنا ان نمتطيه كواقع، فاعتسفنا الابتسامة على شفاهنا وشفاه الآخرين!.
والبعض تخطى العام الراحل منذ دقيقة فراقه الأولى ليقفز الى العام الجديد بالأمنيات، ولعل أهم امنية اشرأب إليها هذا البعض، تمثلت في: أن يستعيد الناس (الأخلاقيات) التي ربما اضطروا الى التفريط فيها بسبب: فساد الحلم، والركض الى الكسب المادي، والتفوق الذاتي، وتضخيم الأنانية!!.
إن اضمحلال «الأخلاقيات»: أهم خسائر الإنسان الذي ودع العام الراحل، ونريد من الإنسان في عامه الجديد: ان يستعيد الاخلاقيات التي اهدرها أو سلبت منه، حتى يكسب نفسه وطمأنينتها!!.
* **
* آخر الكلام:
* للشاعرة السورية/ سهام الشعشاع:
- من ألف عام لي كل شيء ليس لي
ودم يضيق وريده، وهوى يضيق بدمعه
ونوى يضيق بلون منديل الوداع
في وداع العام؟!
30 ديسمبر 2006 - 22:01
|
آخر تحديث 30 ديسمبر 2006 - 22:01
تابع قناة عكاظ على الواتساب