من الأقوال المأثورة:«ما ضاع حق وراءه مطالب» وهو قول يُردد لبث الطمأنينة في نفوس أصحاب الحقوق الضائعة ودفعهم الى الاجتهاد في المطالبة بحقوقهم. إلا أن هذا القول، حتى وإن افترض صدقه، لا ينبغي أن يكون هو القاعدة، فالأصل أن يحصل الناس على حقوقهم دون مطالبة وبلا مشقة، أما الكدح والركض وراء نيل الحق فهو الاستثناء الذي لا ينبغي أن يعوّل عليه.
إن كثيرا من الناس يفضلون التخلي عن حقوقهم المستلبة على أن يمضوا في المطالبة بها، لعلمهم أن المطالبة بالحق تقتضي منهم بذل جهد ووقت طويل وتفرغ تام وهم لا يملكون ذلك، فليس لديهم وقت فائض كما أنهم قد لا يكونون قادرين على خوض المعارك وتحمل المشاق النفسية والبدنية التي عليهم مواجهتها قبل أن يستعيدوا ما سُلب منهم من حق. وبذلك تضيع كثير من الحقوق، ومع الأسف فإن اللوم غالبا ما يُوجه الى صاحب الحق المفقود فيُعاب عليه أنه سكت عن المطالبة بحقه. وفي مجتمع مثل مجتمعنا، لو أن كل من ضاع له حق أصر على ملاحقته والمطالبة به لربما تعطلت الأعمال وتوقفت الحركة لما سيحدث من انشغال الناس بمطاردة حقوقهم المسلوبة، وذلك لكثرة ما يشيع من ضياع للحقوق.
وفي رسالة المواطن عمار جالي السلمي مثال حي على ضياع الحقوق والزام الناس بالركض وراءها إن رغبوا استعادتها، يقول هذا القارئ انه متقاعد يصرف راتبه من البنك، وعندما أراد سحب مبلغ من المال من الصراف الآلي التابع للبنك سجلت الآلة المبلغ على انه مقتطع من حسابه لكنها لم تسلمه شيئا لعطل كان فيها، ولما راجع البنك لتصحيح الخطأ طلب منه تعبئة استمارة خاصة بذلك ففعل، لكنه منذ ذلك اليوم وإلى اليوم بعد مرور ما يزيد على شهر لم تتم اعادة المبلغ المقتطع الى رصيده، وقد اضطر ان يكمل شهر رمضان وشهر شوال بما تبقى في حسابه من رصيد زهيد. أي أن هذا المواطن إن رغب حقا في استعادة ما اقتطع من ماله بالباطل، عليه أن يعطل كل أعماله ويتفرغ لخوض معركة يطارد فيها ذلك المال المسلوب.
وهذه الحادثة ليست أمرا شاذا ولا استثناء فلها أشباه كثر ونظائر، فمن المسئول عن هذا الخلل؟ من يحمي العميل من مثل هذا الاهمال والتهاون في اعادة الحق لصاحبه؟ هل هي مؤسسة النقد أم وزارة التجارة أم أن على الناس أن يتفرغوا لخوض المعارك في كل مرة يُسلب فيها حق لهم؟
ص . ب 86621 الرياض 11622
فاكس 4555382
المطالبة بالحق
11 ديسمبر 2006 - 19:48
|
آخر تحديث 11 ديسمبر 2006 - 19:48
تابع قناة عكاظ على الواتساب