موت ماجد: خطأ أم إهمال ؟!
6 سبتمبر 2013 - 19:35
|
آخر تحديث 6 سبتمبر 2013 - 19:35
تابع قناة عكاظ على الواتساب
أثار موت ماجد الدوسري في مستشفى الدمام المركزي، الأسبوع الماضي، موجة غضب عارمة بين أوساط متداولي ( تويتر)؛ ولم يكن الموت هو سبب هذه الغضبة القوية وإنما الإهمال الشديد الذي أدى إلى الوفاة، وهو نفس الإهمال الذي أدى إلى وفاة والدته وفي المكان نفسه قبل حوالي ثلاث سنوات، وهو ــ أيضا ــ الخوف من تكرار الخطأ الذي قد يؤدي إلى وفاة شقيقته الموجودة في المستشفى نفسه وبسبب ذات المرض الذي أدى إلى وفاة ماجد وأمه!!
ماجد وأخته أدخلا مستشفى الدمام المركزي بسبب السمنة المفرطة، والتي يصاحبها عادة مجموعة أخرى من الأمراض التي قد تؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم التعامل معها بدقة وسرعة ومتابعة دقيقة، ويبدو أن هذا كله لم يتوفر لماجد، كما لم يتوفر لأمه من قبل، والخشية أن لا يتوفر لأخته من بعد!!
الواضح أن المستشفى لم يكن لديه الإمكانات اللازمة لعلاج مثل هذه الحالات، والواضح أيضا أن هناك من أبلغ خادم الحرمين عن وضع ماجد وأخته، فأمر بعلاجهما في أمريكا، وكان هذا قبل حوالي سنة من وفاة ماجد، لكن الجهة التي كان ينبغي عليها أن تتحرك لإنفاذ توجيه خادم الحرمين لم تفعل شيئا، ما تسبب في وفاته!! وأعجب ــ كما فعل كثيرون غيري ــ عن سبب هذا التقاعس الذي لا مبرر له، والذي يشكل خطورة بالغة ــ كما حصل ــ على حياة مريضين، بينما هناك توجيه ملكي بسرعة علاجهما في مركز متخصص لمثل هذه الحالات في أمريكا!!
وكالعادة، خرج مصدر مسؤول في الشؤون الصحية في المنطقة الشرقية معللا ما حدث بأن سببه تعرض ماجد لأزمة حادة في التنفس، وأن هناك فريقا متخصصا قدم من أمريكا للكشف عليه وإجراء الفحوصات اللازمة ونصحه بتخفيف وزنه، لكنه مات في اليوم التالي مباشرة!! هل نفهم من هذا الكلام أن الفريق المتخصص قدم من أمريكا لمجرد نصحه بتخفيف وزنه؟! ألم يكن هذا معلوما لمن يشرف عليه في المستشفى، وإذا كانت النصيحة كافية، فلِم لم ينصحه معالجوه وهم أولى بذلك؟! ثم إن المريض ــ بحسب المصدر ــ توفي في اليوم التالي لوصول الفريق المعالج!! أي أن الفريق لم يستدع إلا والمريض قد أوشك على الموت! لكن المصدر لم يشرح وبالتفصيل للجمهور الغاضب ما حدث، ولماذا لم ينفذ أمر خادم الحرمين ولمدة سنة كاملة؟! ألم يكن ذلك إهمالا متعمدا أسهم في وفاة المريض؟ في ظني أن ما حدث لماجد ليس خطأ طبيا ــ مع سوء هذه الأخطاء ــ ولكنه إهمال يصعب تبريره ومشاركة فعلية في تسريع وفاته!! سمعت من يقول: إن الوزارة لم تجد طائرة إخلاء طبي تستطيع نقل ماجد وأخته طيلة تلك المدة، وأن هذا هو سبب عدم نقلهما وعلى مدى سنة كاملة من الأمر الملكي!! شخصيا، لا أستطيع معرفة صواب أو خطأ هذا القول، ولكنني أعجب أن لا يكون في بلادنا ذات الإمكانات المادية الكبيرة طائرة إخلاء قادرة على نقل مريضين مهما كانت أوزانهما!! مأساة ماجد تقود إلى الحديث عن الأخطاء الطبية ــ إذ ربما سيقول أحدهم إن ما حصل له خطأ طبي ــ فقد كثرت تلك الأخطاء وأصبحت تشكل ظاهرة مزعجة لكثير من المواطنين، ومعروف أن كل وسائل الإعلام تتناول هذه الظاهرة ما بين آونة وأخرى بالنقد والتحليل واقتراح الحلول، ومع هذا كله ما زلنا نسمع عن خطأ هنا وآخر هناك وثالث في مكان آخر وهكذا، وكنا نود أن نعرف ما قامت به وزارة الصحة لتلافي هذه الأخطاء قدر الإمكان، نعرف أن كل دول العالم تعاني من أخطاء طبية، ولكننا نعرف أيضا أن لديها قوانين صارمة تحفظ حق من وقع عليه الخطأ، وهذا ما نفقده في بلادنا، وهذا هو الذي أدى الى كثرة هذه الأخطاء وعدم مبالاة بعض الأطباء بها.
أعداد يموتون بسبب تلك الأخطاء وآخرون يفقدون جزءا من أعضائهم إلى غير ذلك من أنواع الضرر الذي يصيب المريض، ونجد بالمقابل تقصيرا واضحا في أخذ حق المصابين، وأحيانا يتم الوقوف إلى جانب الجاني ضد الضحية!!
يقال إن الوزارة تدرس زيادة الدية المقررة شرعا، وحتى إن صح ذلك، فلا يكفي لأن الدية مقابل القتل الخطأ، وأعتقد أن الأخطاء الطبية من نوع القتل شبه العمد، وأحيانا تكون عمدا إذا مارس الطبيب عملا يجهله بسبب شهادة مزورة ــ وقد اكتشف عدد من ذلك ــ أو بسبب قيامه بعمل في غير تخصصه، أو أسباب أخرى ذات علاقة.
وفي ذات السياق، فإن المحاكم التي تنظر في الأخطاء الطبية تستغرق وقتا طويلا كي تنهي إجراءاتها، وهذا يزيد معاناة المتضرر وربما يشجع المخطئ، ولو أن الوزارة أوجدت محاكم طبية فلربما تغير الحال كثيرا، ولو أنها ألزمت المستشفيات الخاصة وأيضا مستشفياتها بتوظيف أطباء أكفاء وأمنت عليهم لقلت الأخطاء الطبية، وعمل الجميع في أجواء مناسبة.
الصحة والتعليم هما الأساس القوي الذي يعتمد عليه أي مجتمع في قوته وتقدمه، والدولة أولت هذين القطاعين عناية كبرى وخصصت لهما ميزانيات ضخمة، ولهذا فالمجتمع ينتظر منهما ما يوازي ذلك الاهتمام، ولهذا نراه يضيق ذرعا من حالات الإهمال التي يراها من هذين القطاعين ما بين آونة وأخرى، فهل يتجاوب العاملون فيهما مع ما تقدمه لهما الدولة وأيضا مع آمال المواطنين؟ هذا ما أرجو أن يراه كل فرد منا قريبا.
malharfi@hotmail.com
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة