معلوم أن المملكة ربما تكون من أكثر الدول التي تعاني من راغبي الزيارة والإقامة نتيجة دعوة أبينا إبراهيم ــ عليه السلام ــ في الآية الكريمة «ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون».
ولكن كلمة (الكفيل) أساءت إلى سمعة المملكة في الخارج والداخل.. وما زالت، وقد استغلها بعض ضعاف النفوس ممن كانوا يتاجرون بالتأشيرات، وحيث إن المشكلة التي تشغل الرأي العام في الوقت الراهن في المملكة ومن المملكة هي تصحيح أوضاع العمالة المستقدمة (العاملة) بالمملكة المهلة التي مددت جزى الله مانحها وممدها ألف خير، والسؤال: لماذا وجدت هذه المشكلة وكيف نقضي عليها، بحيث لا تتكرر، وفي رأيي المتواضع أن السبب هو التشدد في منح التأشيرات؛ لأننا لو أعطينا المحتاج للعمالة التأشيرات التي يطلبها عددا أو نوعا، فلا يحتاج إلى تصحيح أوضاع العمالة التي تعمل لديه ولا يحتاج أن يأخذ من العمالة السائبة في السوق.
وإذا سمح لي بأن اقترح للدراسة بعض الحلول، لعل الله أن يكون بها ما يفيد في المستقبل؛ لذا ــ باختصار ــ أقترح التالي:
1 ــ يجب أن تكون هناك تعليمات تسهل زيارة المملكة برسوم عالية خلاف زيارة الحج والعمرة، وتعطى لأي طالب القدوم أو الزيارة بعد التأكد من إمكانيته المادية؛ مثل باقي الدول في العالم؛ لأن التشدد في منح تأشيرات الدخول يجعل عددا ممن يهمهم زيارة المملكة بأن يحتال ويحصل على تأشيرة عمل ويأخذ خروج وعودة لمدة ستة أشهر متعددة الزيارات، ويعمل إقامة ويحسب أنه عامل وهو خلاف ذلك. ولا يصلح إلغاء تأشيرة الخروج والعودة المتعددة بدون إعطاء تسهيلات لراغب الزيارة مثل بعض الدول المتقدمة، ولمدة عدد من السنوات وبرسوم عالية، ليس لحاجة المملكة، ولكنها تمنع العابثين.
2 ــ تترك عملية الاستقدام للأفراد والشركات والمؤسسات باختيار الجهة وشروط الاستقدام دون دخول الدول في ذلك، حتى لا يتضرر العامل وصاحب العمل، وتباع التأشيرة بمبالغ؛ لأن الاستقدام من جهة معينة مغلقة!!
وتترك العلاقة حرة بين العامل وصاحب العمل مثل صاحب العقار حر ويحكم القضاء في أي خلاف بين العامل وصاحب العمل.
3 ــ يعطى صاحب العمل ما يطلبه من عمالة عددا ونوعا، ومن الجهة التي يحددها بعد دراسة احتياجاته وإمكاناته المادية الفعلية على أرض الواقع، وهذا يقطع الطريق على العمالة السائبة بأن تجد عملا، وتريحنا من مشكلة التصحيح الذي أرهق الجميع.
4 ــ تكون العلاقة بين القادم (العامل) والسلطات علاقة مباشرة، بحيث يتحمل هو مسؤولية أي مخالفة أو أخطاء في البيانات ويتابع من جهات الأمن، وقد يسمح لبعض المكاتب بأن تقوم بأعمال التعقيب، وهذه يتعامل العامل معها مباشرة وليس عن طريق الكفيل.
وغدا نكمل.
5 ــ يجب أن يتحمل القادم للعمل مصاريف الاستقدام حسب نوع التأشيرة التي يرغب إذا كان لديه ما يسوغ حصوله على تلك التأشيرة، وإن تحملها عنه مستقدمه (صاحب العمل) تبقى عهدة عليه يسددها إما من مستحقاته أو من رواتبه إن رغب العمل في جهة أخرى، وهذا ينهي مشكلة الهروب والتبليغ وأخذ خطاب يحصل بموجبه المبلغ على تأشيرة جديدة، والغريب أنه وجد في الجوازات أن هناك مواطنا على كفالته خمسون سائقا خاصا، وهو قد لا يكون عنده سيارة أصلا، والسبب عدم ارتباط القادم بالجهات الأمنية مباشرة.
6 ــ تسهل عملية الانتقال للعامل من جهة لأخرى حسب نظم وأسس يكون هو مسؤولا عنها أمام مكتب العمل والجهات الأمنية الأخرى، وعلى أن لا يضيع حق صاحب العمل الذي استقدمه إن كان لا يزال له حق بذمة العامل.
7 ــ تعمل تأشيرات لعمالة فنية وغير فنية يكتب عليها عمالة مؤقتة، بحيث لو أن سائقا أو فنيا أخذ إجازة، فيمكن أن يحل محله من يحمل تأشيرة عامل مؤقت بدون كفيل أو صاحب عمل، وهذه توضع لها لضوابط ورسوم مالية وتتابع.
8 ــ العمالة في القطاع التجاري، وهذه مشكلة المشاكل، فالمواطن لا يستطيع أن ينافسها؛ لأن تكاليف حياتها بسيطة ترضى بأقل القليل ولا يمكن منعها، وحتى نمنع التستر القائم الآن يجب أن تكون هناك رسوم على من يعمل بالتجارة، بحيث يمنع عملية التستر وكذلك أصحاب المهن الخدمية مثل (الحلاق وأصحاب المهن اليدوية... إلخ) يعمل لهم نظام ورسوم ويظهروا إلى النور بدل ما هو قائم من تستر.
أعتقد إذا درست المقترحات السابقة وطبقت فسنقضي على الكلمة سيئة السمعة. وفي الختام أورد القصة الطريفة التي سمعتها من زوجتي عن امرأة لبنانية كانت تقيم في باريس أثناء الحرب الأهلية في لبنان، ولها ابنة متزوجة من سعودي وأصرت الابنة بأن تأخذ أمها معها خادمة حبشية تجيد اللغة الفرنسية لتعيش معها، ورغم أن الوالدة العائشة في باريس أخبرت ابنتها بأنها لا تحتاج إلى خادمة، فكل احتياجاتها تتم عن طريق شركات، بمعنى النظام هناك شركة تقوم بالنظافة وأخرى بالغذاء، وكذلك الغسيل تأخذه وتحضره شركة أو مؤسسة، فأصرت الابنة بأن تأخذ الأم الخادمة حتى تكون مرافقة معها في الشقة، فلو حصل لها أمر كمرض مفاجئ ــ لا سمح الله ــ يكون هناك من يسعفها، المهم اقتنعت الوالدة وأخذت الخادمة الحبشية، وثالث يوم من وصولها اتصل قسم البوليس القريب من الشقة بالوالدة وطلب منها الحضور، واستغربت لأنها لم يتصل بها هذا القسم طوال السنوات العديدة التي تعيشها بالقرب منه، ذهبت ووجدت ما كانت تعتقد أنه السبب وهو الخادمة الحبشية واستعاذت بالله في نفسها من الشيطان الرجيم وأخذت تفكر بما عملته هذه الخادمة من مشكلة أدت إلى جلبها إلى قسم الشرطة، وأول ما بدأ الحديث من المسؤول بالقسم سألها: هل تعرفين هذه (الخادمة)؟ قالت: نعم هي تعمل عند ابنتي في السعودية وأحضرتها للإقامة معي تؤنس وحدتي. فسألها المسؤول: هل أنت محتفظة بجواز ها؟ قالت: نعم؛ لأن عليها تأشيرة عمل على كفالة زوج ابنتي. فطلب المسؤول منها أن تسلم الجواز لصاحبته وأخبرها أنها والحبشية على كفالة الحكومة الفرنسية.
نسأل الله أن يخلصنا من الكلمة السيئة السمعة.
الكفيل المشكلة والحلول (1)
16 يوليو 2013 - 19:34
|
آخر تحديث 16 يوليو 2013 - 19:34
تابع قناة عكاظ على الواتساب