الأديب محمد النعمي يقول ان جازان مليئة بآدابها وفنونها الشعبية، وان فنونها جميلة كجمال جبالها، وقد عرفت جازان بخصبها وخيراتها الزراعية، التي أهلتها لأن تكون ذات حضارة عظيمة في جنوب جزيرة العرب، وهذا أمر معروف، وهذا الجو الحضاري المستقر المسترخي أدى لوجود ونشوء مثل تلك الفنون المتنوعة في ايقاعاتها الشعرية، والرقصية ولأن جازان كانت ومازالت كل أرضها خصبة، فقد استدعى ذلك لأن تسكن كل ارضها، وشمولية الاسكان أدت ايضا لتنوع ساكنيها، ذوقا وطبيعة، وتبعا لاختلاف طبائع اماكن السكنى فالسهول ليست كطبائع الجزر، وهذا ما جعل جازان تختلف عن بقية مناطق المملكة، في تعدد ايقاعاتها، وتنوع نغماتها، تبعا لاختلاف تأثير تنوع تضاريسها وبيئتها المتميزة سهلا وساحلا وجبلا، وهذا التميز أدى لأن يكون هناك ما يشبه التخصص المكاني، بالنسبة لتنوع فنون المنطقة ورقصاتها جبلا وسهلا، وكما وكيفا، بل تجد التخصص في مسمى الايقاع نفسه، فلكل ايقاع شعري ايقاع رقصي خاص به، نوعا وأداء ومكانا، ان كانت متداولة في عموم المنطقة، الا ان خصوصيتها تبقى مرتبطة بجهة الشقيق، وحلي بن يعقوب، ومحايل، لكونها أكثر الأماكن تخصصا فيها، وهناك رقصة السيفي والزيفة، وان كانت هي اكثر خصوصية بمدينة جازان، الا انك تجدها تتداول في عموم المنطقة، اما الدانة والزامل، والسيف، وخصوصيتها فرسانية وان كانت قد تتداول في بعض الاماكن الاخرى، اما المعشي فمكانه الأصيل وتربة منبتة القفل وأبو حجر وصامطة وما حولها كما ان رقصة الجحلي مقرها البيض والمجصص وما حولها، اما الدلع فهو حمار الرقص الشعبي، كما كان الرجز حمار الشعراء قديما لانه بايقاعه الرقصي والشعري موجود في كل مدن المنطقة وقراها وجزرها جبلا وسهلا وبحرا ومثله الزامل وان اختلن في بعض شكلياته الادائية وما يصاحبها في الجهات الجبلية كالدلع من حيث تواجده في كل اجزاء المنطقة.
ويعود ليركز على قضية التخصص المكاني في الفنون الشعبية في المنطقة قائلا: ان ما سبق سرده من اسماء ايقاعات فنون الرقص الشعبي كانت متخصصة مكانيا انها لا تتعدى اماكنها السهول والشواطئ والجزر، بدليل انك اذا اتجهت صوب المواقع الجبلية وان اشتركت مع السهول والشواطئ في بعض ما سبق كالدلع والزامل.. الا انها لها مسمياتها النابعة من طبيعة بيئتها الجبلية كالهصعة، والمغرد والمرعى، والدورية والمتلوث وغيرها وهذا التنوع والشمول في فنون هذه المنطقة، يخرجها من التخصص الجزئي، تعريفا ويدخلها في عموم مدلول الأدب الشعبي لأن ايقاعاتها الرقصية لا تقتصر على دلالة الرقص فحسب، بل كما رأيت ان كل ايقاع رقصي يدخل تحت مسماه ايقاع آخر شعري بنفس التسمية فالدلع له ايقاع شعري يسمى الدلع والزامل والدانة والزيفة والعزاوي الخ.. وارتباط الايقاع الرقصي بالايقاع الشعري، ادخل فنون المنطقة جميعا في مدلول عموم الأدب الشعبي بل ولكونه، ايضا نوعا من العادات والتقاليد.
اذن فما هو الأدب الشعبي كي تتضح رؤية ما سبق قوله. وأضاف الرفاعي الكثير ان الكثير من الباحثين يرى ان الأدب الشعبي لأي امة من الأمم، انما هو موروثها الذي خلفته الاجيال المرتبطة بما قبلها، جيل بعد جيل ويشمل ما خلفته من لهجات وأشعار وعادات وتقاليد، وشمولية هذا التعريف فيه نظر اذ ان ما تتركه الأمة يشمل ادبها الخاص وفنونها، الى جانب ما يسمى بالأدب الشعبي وما يشمله، وذلك رأي بعضهم أن تضاف كلمة المحلي ليصبح التعريف(الموروث المحلي) الذي خلفته تلك الأمة، وهذا ما أراه لانسجامه مع كلمة الشعبي من جوانب كثيرة منها ان كلمة الشعبي تعني الفرقة، الطائفة او القطعة من الناس، وهذا يعني ان فيها خصوصية، وهذه الخصوصية، هي ما تعنيه كلمة المحلي، اذ قد تكون الأمة مجموعة طوائف وكل طائفة لها أدبها المحلي الخاص ببيئتها، والذي يختلف عن موروث الطائفة الاخرى، والخاص ببيئتها التي قد تكون تشترك معها بها وان تقاربت معها حتى في اللهجة المحلية، حول التخصص المكاني للايقاعات وان اشتركت في عموميتها، كالدانة خاصة بفرسان وتؤدي في اكثر جازان وكذلك الزيفة والسيفي والمعشي وغيرها، ومما يؤكد حقيقة هذه المحلية فن الزامل، فهو وان كان خاصا ببيئة فرسان تجده ايضا خاصا بالشريط الجبلي كفيفا وبني مالك والعبادل وبني غازي وبني معين والعمر ورازح وغيرهم، أي ان طقوس ادائه وتقاليد تلك الطقوس تختلف في فرسان عنها في الشريط الجبلي، حتى ايقاع الدلع الذي تكتنفه العمومية الا ان الخصوصية المحلية لا تفارقه، وذلك بسبب العادة التي ارتبطت بوجوده وما يرتبط به من تقاليد محلية ترتبط بخصوصية المكان الذي سيؤدي به هذا الايقاع، الدلع وهذه العادة، هي عادة الختان فعادة الختان وان كانت عامة في كل انحاء المنطقة، ومن هنا جاءت عمومية الدلع، الا ان في كل ناحية من جازان لها طقوسها الخاصة بها. وأشار الرفاعي الى ان الأدب الشعبي بمنطقة المخلاف السليماني مرتبط بفنونه ولا يمكن لأيهما ان ينفك عن الآخر، بل رأينا وسنرى ان لكل نوع منها اسمه وخصائصه، وطرق ادائه انشادا، او رقصا مصحوبا بالغناء، ومناسبته التي يرتبط بها، اذ ما يتميز به ادب جازان الشعبي ان لكل نوع من شعره رقصة تسمى باسم الشعر حتى الأنواع التي ليس لها رقصات تؤدى مع شعرها، تجدها تؤدى اداء غنائيا بأصوات عذبة متخصصة، بل قد لا أبالغ ان قلت ان المتحلقين حول المنشط تجدهم يتمايلون بأجسادهم بحركات هادئة لا تخرج عن مفهوم الرقص وان كانت بدون طبول، وكما هناك ايضا فنون رقصية تؤدي اداء صامتا، اي انها تؤدى مع الطبول وآلات الرقص دون ان ينشد معها شعر، وسنرى أن من هذه الفنون ما يؤدى اداء فرديا او ثنائيا ومنها ما يؤدى اداء فرديا او ثنائيا ومنها ما يؤدى اداء فرديا او ثنائيا ومنها ما يؤدى اداء جماعيا متحركا الى الامام، اما بطينا او بحركة رمل.. ومنها ما هو جماعي ايضا ويؤدى اداء دائريا حركيا.
تمايز ثقافي وتاريخي يشبه خصوبة أرضها
الزامل والدانة والزيفة والعزاوي أشهر الفنون الشعبية في جازان
3 نوفمبر 2006 - 22:42
|
آخر تحديث 3 نوفمبر 2006 - 22:42
الزامل والدانة والزيفة والعزاوي أشهر الفنون الشعبية في جازان
تابع قناة عكاظ على الواتساب
علي عماشي (بيش)