تتعدد آراء الفقهاء حول مشروعية “زراعة الرحم” ، بحكم أنها تعد من القضايا المعاصرة حيث يقول الباحث الشرعي الشيخ عبدالله بن زقيل ان العلماء فرقوا فيما إذا كانت الزراعة لعضو ينقل الصفات الوراثية أم لا ، ففي حكم زراعة الغدد التناسلية التي تنقل الصفات الوراثية مثل : الخصيتين والمبيضين أوضح أن أهل العلم اختلفوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
ـ القول الأول : يحرم غرس الغدد التناسلية (الخصيتين والمبيضين)، وهذا ما عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي، وتوصية الندوة الفقهية الطبية ، وهو قول الدكتور خالد الجميلي ، والدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين ، والدكتور محمد الطيب النجار ، والدكتور عبد الجليل شلبي ، والشيخ أحمد حسن مسلم ، والشيخ محمد حمد جمال ، والدكتور محمد الشنقيطي ، والدكتور عبد الستار أبو غدة ، وقد استدلوا أن المعتبر قوله في تحقيق مناط المسألة الفقهية للوصول إلى حكمها الشرعي هم أهل الاختصاص والمعرفة ، وهم في هذه المسألة الأطباء ، وبعد الرجوع إليهم وجدوا أن نقل الخصيتين والمبيضين يوجب انتقال الصفات الوراثية الموجودة في الشخص المنقولة منه إلى أبناء الشخص المنقولة إليه الخصية ، وهذه شبهة موجبة للتحريم ، وذهب بعضهم الى أن علة اختلاط الأنساب موجودة في هذه المسألة فيقاس على الزنا في الحرمة.
ـ القول الثاني : يجوز نقل الغدد التناسلية التي تنقل الصفات الوراثية ، وهو قول الدكتور محمد سليمان الأشقر ، والشيخ سيد سابق .
ـ القول الثالث : يجوز نقل إحدى الغدد التناسلية من الحي إلى الحي ، وأفتت بذلك مشيخة الأزهر ، والشيخ عبد القديم يوسف ، واستدلوا : إن نقل الخصيتين يؤدي إلى قطع نسل المتبرع ، بخلاف نقل احداهما وترك الأخرى ، ويجوز نقل إحدى الخصيتين وترك الأخرى ، كما يجوز نقل إحدى الكليتين والرئتين بجامع الحاجة في كل .
أما حكم زراعة الغدد التناسلية التي لا تنقل الصفات الوراثية فقد ، اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
ـ القول الأول : يحرم غرس الأعضاء التناسلية التي لا تنقل الصفات الوراثية ، وهو قول الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين والشيخ حمداتي الذي له بحث بعنوان: “ زراعة الغدد التناسلية أو زراعة رحم امرأة في رحم امرأة أخرى “ في مجلة الفقه الإسلامي .
ـ القول الثاني : يجوز غرس الأعضاء التناسلية التي لا تنقل الصفات الوراثية وهو قول الدكتور محمد سليمان الأشقر ، والدكتور خالد الجميلي .
ـ القول الثالث : يجوز نقل الأعضاء التناسلية عدا العورات المغلظة ، وهذا ما عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي ، وهو توصية الندوة الفقهية الطبية الخامسة. وكانت الدكتورة وفاء فقيه استشارية أمراض النساء والولادة قد رأست فريقاً طبياً لزراعة أول رحم لامرأة في مستشفى الملك فهد بجدة عام 2002 م ، انتهت بإزالة الرحم المزروع بعد 99 يوماً من زراعته نتيجة جلطة في أحد أوردة الدم في الرجم المزروع ، وقد أشارت الدكتورة وفاء أن هناك العديد من المراكز في العالم تجري دراسات وتجارب على زراعة الرحم.
نتائج تعوض التعب
ويشير الأستاذ الدكتور وجيه شبيلان الى أنه في فترة الخصب تنتج معظم النساء بييضة واحدة كاملة النمو خلال كل دورة حيض وتنمو البويضة داخل جراب صغير يشبه البثرة فوق سطح أحد المبيضين حتى اليوم الرابع عشر من دورة الحيض( اليوم الأول هو اليوم الأول للنزف) وينمو الجراب إلى أن يبلغ قطره (23) مليمتراً فينفتح لتخرج منه البييضة وتغادر المبيض وصناعياً تتم عملية التلقيح داخل الأنبوب في مناخ مشابه لمناخ الأم ثم تزرع البييضة الملقحة في رحم الأم البديلة حيث تصبح جنيناً خلال (36) ساعة وقبل ذلك تعطى الأم البديلة هرمونات تشابه إفرازات الغدد الصماء لاستقبال البييضة الملقحة داخل الرحم البديل
يتم هذا بحرص شديد وعناية فائقة وهو يتطلب الجهد والصبر لكنّ النتائج تعوض كل هذا التعب فأنت تساهم في سعادة أبوين انتظرا بشوق قدوم وليد من نسلهما ليستمر بعدهما وهي حالة يقرها الطب ويرى أنها إحدى إنجازاته الهامة بعد بحث استدعته الحاجة .
مشروعية الرحم البديل
ويؤكد عضو مجمع الفقه الإسلامي الفقيه الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي أنه من المعلوم أن خلق الإنسان يبدأ في مرحلة الإجتنان (بدء تكوين الجنين ثم ولادته ) فإذا تم العلوق باجتماع نطفة الزوجين كان الولد منسوباً شرعاً لأبيه ، وهذه هي الحالة الغالبة بين الناس ، وأما إذا نقلت( البويضة الملقحة ) الناشئة من نطفة الرجل وبييضة المرأة إلى رحم امرأة أخرى تحتضنها في رحمها ، سواء كانت زوجة أخرى للرجل أو ليست زوجة له ، أي أجنبية عنه ، فهذا الرحم الذي ينشأ فيه الجنين في مراحل تخلقه الثلاث المعروفة (نطفة ، ثم علقة – قطعة دم متجمدة ، ثم مضغة – قطعة لحم ) يسمى في علم الطب (الرحم البديل )
وقال الدكتور الزحيلي : تثار عدة مشكلات في شأن هذا الجنين : وهي مدى مشروعية الاحتضان في رحم امرأة غير أم ، أي غير صاحبة البييضة الملقحة ، ولمن ينسب الجنين المولود وما حقه في الإرث ، وما آثار ولادته من المرأة الحامل له التي زرعت البييضة الملحقة في رحمها ؟
أما مدى المشروعية : فإن زرعت البييضة المأخوذة من الزوج لا من غيره في رحم الزوجة سواء بالتلقيح الداخلي أو الخارجي في أنبوب الاختبار ، بين نطفة مأخوذة من زوج ، وبييضة مأخوذة من مبيض زوجته ، فهذا عمل مشروع للحاجة اتفاقاً ، ويثبت نسب الولد من الزوجين مصدري البذرتين ، ويستحق الميراث من أبويه ، كما جاء في قرارات المجتمع الفقهي الإسلامي في مكة المكرمة –الدورة الثامنة ص164-(1)167 وأما إذا زرعت البييضة الملحقة في رحم زوجة أخرى للزوج نفسه متطوعة بمراحل الحمل ، أو في رحم امرأة أخرى أجنبية غير زوجة للرجل صاحب البذرة ، فهذا لايجوز شرعاً كما جاء في قرار مجمع الفقه
وقرار المجمع الفقهي الإسلامي في مكة المكرمة في الدورة الثامنة ، لما يترتب على ذلك من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وجهالة التكوين الأصلي مع التكوين الفرعي اللاحق ، وغير ذلك من المحاذير الشرعية ، كانكشاف المرأة على من يقوم بتنفيذ العملية من غير ضرورة شرعية ، ولأن المتطوعة بالحمل هي أجنبية عن الزوجين مصدر البذرتين . وإذا حصلت المخالفة وزرعت البييضة في (رحم بديل ) لامرأة أجنبية غريبة عن الزوجين ، أو امرأة أخرى للرجل صاحب النطفة وهي المسماة أو الموصوفة( بالضَرَة) فإن نسب الجنين المولود يثبت للزوجة صاحبة البييضة الملقحة التي نشأت باجتماع نطفة الرجل وبييضتها ، ويستحق الولد الإرث منها كولد الزنا . أما صاحبة الرحم البديل المتطوعة بالحمل فلا ينسب الولد اليها ولا يرث منها.
جدل بين الفقهاء والطب الاسلامي حول “زراعته”
لمن يُنسب مولود الرحم البديل
26 أكتوبر 2006 - 20:38
|
آخر تحديث 26 أكتوبر 2006 - 20:38
تابع قناة عكاظ على الواتساب
طالب بن محفوظ(جدة)