غسيل الدماغ
28 أكتوبر 2012 - 21:41
|
آخر تحديث 28 أكتوبر 2012 - 21:41
تابع قناة عكاظ على الواتساب
هذا العنوان.. لا يعني الغسيل المادي بمفهومه العام، ولكنه يعني (استخدام أي طريقة من شأنها التحكم في الفكر الإنساني ضد رغبة وإرادة وعلم شخص ما) بمعنى أن كل تحكم أو سيطرة على فكر فرد أو جماعة ضد ما يخصهم من إرادة أو قناعة أو رغبة يعتبر غسيلا دماغيا (Brain washing). هذا الغسيل المقيت يعتبر من أسوأ أنواع الغسل الذي عرفه الإنسان من حياته، ففيه يتلاشى دور الإرادة وتنطفئ جذوة التفكر ويتحول الكائن من خلاله إلى آلة تطوعها إرادة الآخرين الحاقدين وذلك نحو الشر والخراب والتدمير وإلى كل ما يخالف المنطق ويغالطه أو إلى كل ما يجانب الصواب والعقل. السيكلوجيون يصفون (غسيل الدماغ) بأنه محاولة لتحطيم الكيان الفكري للفرد أو الجماعة ويصفه علم النفس الحديث بالنزعة العدوانية، وليس هناك عدوان إلا ويقف خلفه قدر أكبر من الكراهية والمقت، ويصف عالم النفس الألماني «وليم ستيكل» حياة الإنسان منذ طفولته العبقة بروح الفطرة مرورا بقناعاته المكتسبة والتغيرات التي تطرأ على نمطيته التفكيرية ومدى تأثير البيئة الخارجية عليه وعلى يقينه حين يكتمل رجلا. ومن خلال ذلك الوصف ــ الذي يطول شرحه ــ يتبين لنا مدى الخطورة التي قد يواجهها الإنسان الذي يترك زمام فكره في يد العبث، هذا الفكر الذي قد يصاب بداء الانغلاق والنزعة الأنانية المرتبطة بالشر أيا كان توجهه، ومشكلة هذه النزعة أنها غير مؤقتة بل هي دائمة بدوام حياة الفرد ولا تنتهي إلا بنهايته أو بمعجزة كبرى لا تأتي إلا من السماء. وعلى ذكر التأثر بالمحيط الخارجي أورد لكم قصة (جوتابوذا) الذي ولد عام 560 قبل الميلاد لرجل بالغ الثراء .. هذا الرجل عندما استوى عوده، رأى ثلاثة رجال أثرت حالتهم فيه أثرا شديدا.
فقد كان الأول رجلا فقد عقله من كبر السن .. والثاني رجلا مشلولا، والثالث كان محمولا في جنازة حزينة.. وقد دفعته هذه المشاهدات الثلاثة إلى التفكير الشططي، فترك بيته وأخذ يبحث عن طريقة لمساعدة الناس!. حتى توصل إلى تأسيس عقيدة تقوم على أسس أخلاقية وإنسانية ولكنها فيما بعد أخذت تختلط بعبادة الأصنام.. ! ليعتنقها سكان الهند غير الأريانيين.
لاحظوا مدى تأثر الجوهر بالمحيط وكيفية التغير كامل الدرجة من المفهومين الفكري والعاطفي لدى بوذا ومأساة ذلك التأثر العفوي وتبعاته على شعب بأكمله لتعرفوا حجم المصيبة التي قد تحل بالمجتمعات الآمنة وما قد يخلفه الفكر المغسول من إنقلاب في الموازين.