-A +A
عبدالله الداني ـ جدة
دأب بعض أهل الأموات على فعل عادات فيها شيء من بذخ وإسراف في العزاء، فيتكلفون في الولائم ويعمدون إلى دعوة الأقرباء والمعارف وغيرهم للأكل من الذبائح بعد مرور سبعة أو 40 يوما من الوفاة، ناهيك عن أن بعض المدعوين إلى هذه الوليمة ليسوا في حاجة إليها، كما أنهم يخصصون ثلاثة أيام للعزاء أمام منزل المتوفى ويحضرون قارئا للقرآن يتلو في مجلس العزاء، إلى كثير من العادات المعروفة، التي لا تخلو منها كثير من مراسم العزاء.

محاذير شرعية
الدكتور عبدالله بن جبرين (يرحمه الله):
لا بأس بجلوس أهل المتوفى في بيتهم أو بيت أحدهم لاستقبال من يعزيهم، فإن التعزية سنة، وفيها مواساة وتخفيف عن أهل الميت وتسلية لهم وحثهم على الصبر، ولا يجوز جلوسهم في المسجد، بل يجلسون في منزل أحدهم، ومن أتاهم يعزي فعليه أن يسلم عليهم ثم ينصرف ولا يطيل الجلوس عندهم، ولا يجوز ذبح الذبيحة من مال المتوفى، لكن يجوز إصلاح طعام لهم من أحد أقاربهم أو جيرانهم، وذلك في اليوم الأول أو الثاني، ويكون بقدر كفاية أهل الميت كأولاده ومن معهم، ولا يجوز ــ أيضا ــ جلوس الناس لقراءة القرآن على روح الميت.
مشروع بضوابط
الشيخ عبد العزيز الشبل (عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام):
العزاء مشروع، وإنما الخلاف في حكم الاجتماع من أجل العزاء، فهل يجوز أن يجتمع المعزون عند أهل الميت. بعض أهل العلم منع من الاجتماع عند أهل الميت وعده من النياحة، وقال الشافعية بكراهة الجلوس للعزاء وعدوه من البدع، والحنابلة في المشهور عنهم وقالوا أيضا: التعزية مستحبة، والجلوس وسيلة للتعزية، والوسائل لها أحكام المقاصد؛ لأنه يصعب ــ خاصة في المدن ــ أن يعزي الشخص أهل الميت إذا لم يجلسوا في مكان معروف. وعلى فرض صحته فالممنوع هو الاجتماع مع صناعة الطعام لما فيه من التباهي وغيره من المحاذير، أما إن كانوا يجتمعون ويصنع الطعام غيرهم فليس فيه محظور. وحتى على القول بالجواز، لا يجوز أن يصاحب ذلك بعض الأمور المحدثة، كما أن المشروع صناعة الطعام لأهل الميت.
المذاهب الأربعة
الدكتور عبد العزيز البجادي (عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام):
التعزية تجوز في مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم في كل موضع، سواء كانت في المقبرة، أو الطريق، أو المنزل، أو غير ذلك، وإنما كره الشافعي وأصحاب أحمد جلوس أهل الميت للتعزية في بيت أو غيره، فالتعزية جاءت في الشرع مطلقا فلم يجز لأحد تقييده إلا بأمر من الشارع، فينبغي في ذلك الرجوع إلى ما يتعارف عليه الناس، فكل عصر له عرفه، وكل قطر له عرفه، ما لم يترتب على ذلك محظور شرعي، كالندب، والنياحة، وصنع الطعام من قبل أهل الميت للمعزين.