-A +A
أسامة أحمد السباعي
خلق الله (سبحانه وتعالى) الإنسان وتمتلك ناصيته بذرة الخير، ويهفو إلى الصالح من الأعمال. غير أنه لايلبث أن يتسلط عليه الشيطان فيغويه، وتنازعه نفسه .. فيكتسب من السلوكيات ما يتغلب بها على قيمه وسجاياه الحميدة، وينزع إلى الشر، ويستهويه الباطل فيحيد عن الحق، وينحرف إلى الضلال.
ما الذي يدعوه إلى أن ينسلخ من رحاب الخير لينزلق إلى حظيرة الشر؟
إنها شهوات ثلاث يوقعه الشيطان في شراك إحداها.
1ـ شهوة المال فيتسلط عليه حب المال .. فيطمع في امتلاك ما أنعم الله به على غيره، فيزين له امتلاك ما ليس له، ويملأ أوداجه الجشع، ولا يرتاح له بال، ولا يسكن له ضمير إلا إذا امتلك مال غيره بالغيرة أو الحسد أو الاختلاس أو السرقة أو الاعتداء.!
2 ـ شهوة السلطة، ينزع إلى السيطرة وحب النفوذ، ويلهث ليحصل على منصب. . لا ليخدم وطنه أو ينفعه، أو يسشعر مسؤولياته، ويفي بواجباته .. بل يتخذ من المنصب سلما يحقق به مصلحته الذاتية، ويلبي في نفسه نزعة التسلط والنفوذ، ويشعل وقدة شهوة السلطة في أعماقه، ويأبى إلا أن يتشبث بالمنصب متعاليا على أتباعه، متسلطا على رقابهم، فما أسرع أن يتذمر أتباعه وينفروا من أخلاقه، وينشأ الخلاف، ويدب الصراع والنزاع بين الطرفين.
3 ـ شهوة الجنس: يتطلع إلى ما متع الله به غيره، فإن كان غير محصن .. فلا يترفع عن الحرام.. تراضيا أو سطوا أو اغتصابا.. ولو اقترن بزوجة فلا يقنع ولا يتعفف، وينصرف إلى ما وراء ذلك.
هكذا تفعل الشهوات الثلاث بالإنسان لو تعلق بإحداها وتمكنت منه. وهكذا يعيش الناس في خلاف .. بل في توجس وخوف وارتياب من بعضهم بعضا .. في حروب يطمع بعضهم بما يملكه البعض الآخر من ثروات .. فيغير بعضهم على بعض، ويحتل بعضهم بعضا طمعا فيما تحت أيديهم.
إذن .. فلا خلاف بين الأفراد، ولا مشاكل بين الأسرة ولا حروب بين الدول .. إلا بتسلط الشهوة على أحد الأطراف من الشهوات الثلاث لولا هذه الشهوات لعاش الناس حياتهم في أمان واطمئنان .. حياة خالية من الجريمة.. لأنه لايوجد من يتطلع إلى ما في يد غيره، خالية من اعتداء أو اغتصاب، لأنه لايوجد من تذله شهوته، وخالية من تجبر أو تعسف.
تلك ــ لاريب ــ طبيعة الحياة، فإذا لم يمد الإنسان يده إلى مال غيره، وإذا لم يسقه الطمع إلى أرض غيره، وإذا لم يعتد على عرض غيره .. عاشت الإنسانية في سلام ووئام، وحل بين الأفراد الاستقرار والاطمئنان .. فلا جرائم ولا سرقات، ولا حروب ولا اعتداءات.
ولكن .. هل يتحقق للإنسانية أن تعيش مجردة من هذه الشهوات أو بعضها؟
كلا، فقد خلق الإنسان هلوعا .. وخلق الإنسان جزوعا، وخلق الإنسان منوعا .. إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم والذين يصدقون بيوم الدين.
اللهم اجعلنا ممن استثناهم الخالق من الهلع والجزع من الشر، ومن المنع من الخير .. آمين.

للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 256 مسافة ثم الرسالة