ماتزال البرامج التي كان أثير الإذاعة السعودية يقدمها كل يوم مع بدايات التأسيس لإعلامنا المسموع والمرئي تحتل موقعا راسخا في ذاكرة الكثيرين لما قدمته من مخزون ثقافي وتوجيهي وتغيير لأنماط السلوك.. وظل أبطال هذه البرامج من مذيعين وممثلين يعملون في الخفاء لعدة عقود دون أن يعرفهم أحد عن قرب، فمات من مات وغادر بعض الأحياء كل هذا الصخب دون تكريم، فيما حظي البعض الآخر بفتات من ذلك، ولعل الإذاعي والمؤرخ عبد الكريم الخطيب صاحب برنامجي (الأرض الطيبة) الذي كان موجها للمزارعين ويضبط عليه الناس ساعات خروجهم إلى مدارسهم وأعمالهم كل صباح و(مجلس أبوحمدان) الاجتماعي النقدي والذي دخل عقده التاسع كان يمثل ظاهرة تتجاوز في شهرتها نجوم كرة القدم والفن في ذلك الوقت وما يزال الرجل صامدا رغم دخوله دائرة النسيان ولكن لم تتجاوزه أحداث التطور الإذاعي والتلفزيوني.. تأسف كثيرا إلى حد البكاء على واقع الإذاعة اليوم ووصفها بالرجل المريض، وكشف عن مؤامرة اغتيال برامجه الناجحة على يد أحد تلامذته.. الخطيب هاجم شعر نزار وغادة السمان ووصفه بالإسفاف ودعا إلى عودة المثقفين والأدباء لانتشال الإذاعة والتلفزيون من السقوط.. وليته توقف عند هذا الحد ففي ثنايا الحوار ماهو أبعد من ذلك.
• بداية.. رشحت للابتعاث ولم تذهب في فترة كان يتمنى الجميع فيها ذلك؟
قبل تخرجي من المدرسة الابتدائية في ينبع حضر إلينا كبير المفتشين في مديرية المعارف الشيخ إبراهيم نوري ـ يرحمه الله ـ فقال له مدير المدرسة وجدي طحلاوي: عندنا طالب نجيب ويكتب بشكل مميز، فطلبني وقال: أكتب لي في موضوعين: الصحافة والإذاعة وأثرهما في المجتمع، وبعد قراءته لما كتبت شكرني وقدم لي استمارة للالتحاق ببعثة خارجية في مصر، ولكن لم يشأ الله لي أن أذهب لأن والدي رفض ذلك لكوني ابنه الوحيد، فجلست عنده فترة في ينبع تعلمت خلالها فن اللاسلكي واشتغلت سكرتيرا لإدارة البرق والبريد، ولكنني بعد ذلك أصررت على السفر وكان عمري أربعة عشر عاما، فوافق الوالد بعد عناء وتم التنسيق مع بعض أقاربه وأصدقائه في السويس حيث كان يعمل تاجرا، وكانوا يتفقدون أحوالي ويرسلون لي راتبي الشهري، فذهبت لدراسة الصحافة في معهد في جامعة القاهرة، حيث لم تكن هناك كلية للإعلام والصحافة في تلك الفترة، وكان النظام المصري التحضيري يعطي المتوسطة في سنة والثانوية في سنة أخرى، وعدت بعد سنتين بشهادة دبلوم الصحافة.
• عاصرت سنوات ازدهار الثقافة في مصر؟
يكفيك وجود العقاد وطه حسين والتمتع بشراء الكتب والمجلات من سوق الأزبكية، وكنت أقرأ الرسالة والمختار والهلال وأخبار اليوم وروايات الهلال وسلسلة اقرأ وروايات الجيب وقصص للجميع، وتأثرت شخصيا بما كنت أقرأه لطه حسين من أسلوب تجديدي وبرسائل أمير البيان محمد حسن الزيات كثيرا.
• كانت هذه الكتب والمجلات تأتيكم في ينبع؟
وتوزع لدينا قبل أن تذهب إلى الأقاليم المصرية لأن باخرة البوستة (البريد) الخديوية، كانت ترسو كل يومين في ميناء ينبع، وكان الشيخ ياسين أفندي الجداوي رائدا للثقافة في ينبع، وحرص على تثقيف الشباب من خلال إعطائنا الصحف والكتب والمجلات، وهو الذي أثر فينا وعلمنا كيف نحاضر في الناس وصنع لنا شخصية ثقافية.
• وهذا ما دفعك بعد العودة للالتحاق بالإذاعة؟
في تلك الفترة كنت أعمل متعاونا في المساء مع فؤاد شاكر في صحيفة البلاد السعودية قبل الاندماج، وأحسست بميولي أن فرصتي في الإذاعة أفضل لعدم وجود كوادر سعودية كافية في هذا المجال، ولم أحدد وأنا أقدم طلبي أن أعمل مذيعا ولكن عبد الله بلخير ـ يرحمه الله ـ أرسله لمدير الأخبار وكتب على عريضتي أو استدعائي «هذا شاب متميز فاهتموا به» فقضيت فيها شهرا ونصف تحت التدريب مع حسين العسكري وعبد الله دمنهوري، ونجحت في ذلك ولكن مدير الأخبار في تلك الفترة ـ سامحه الله وقد انتقل الآن إلى جوار ربه ـ اعترض على وجودي، وقال لي: أريد (درعميين) ويقصد خريجي دار العلوم في مصر، فأوضحت له أنني أثبت وجودي عمليا، وحررت النشرة بمفردي وسلمتها للمذيعين فأصر على رأيه ولم أرغب في الذهاب إلى عبد الله بلخير لإخباره بما حدث، فقررت العودة إلى ينبع واتصلت بقريبي منصور عبد الغفار، وهو ابن خالة أبناء عمومتي وكان نائبا لمدير عام الجمارك الشيخ محمد نور رحيمي ـ يرحمهما الله ـ فأخبرته برغبتي في العمل، ولم تكن هناك إلا وظيفة الإحصاء وكنت أضيق بفلسفة الأرقام ولكن أمام حاجتي قبلت، فعدت إلى جدة وعملت لمدة ستة أشهر، وخلال هذه الفترة تعرفت بالصديق نبيه عبد القدوس الأنصاري ـ يرحمه الله ـ وقلت له بعد فترة: إن مكاننا ليس في هذا المجال، فاقترح أن نذهب إلى الإذاعة فرحبت بالفكرة، ومن محاسن القدر خرجت في نزهة بجوار فندق البحر الأحمر في مساء ذلك اليوم، فالتقيت عباس فائق غزاوي الذي تعرفت عليه عندما كان يزور أكثر من مرة أحد أعمامه في ينبع، والذي كان متزوجا من هناك، وفي تلك الفترة أكتب في البلاد وأضواء عمودا بعنوان (نقط وحروف) وكان ملاصقا لعموده الكتابي، فسلمت عليه وعندما عرف أنني أعمل في الجمارك طلب مني الحضور إلى مكتبه صباحا في مبنى الإذاعة، فأخبرته بأننا قريبون منكم في حوش (كوفينكو) في حي الكندرة وسأحضر ومعي زميلي نبيه الأنصاري، وكان مبنى الإذاعة في منطقة البلد في الأرض المواجهة لمبنى مؤسسة النقد حاليا.
• عملتم تجربة صوتية لاختبار قدراتكم؟
اتصل بعد استقباله لنا عبر هاتف (الهندل) بعبد الله راجح وأجرى لنا اختبار صوت بطريقة الارتجال ومن خلال قراءة الصحف، ولم يكن لدى الإذاعة في تلك الفترة سوى أربعة استوديوهات، ثم طلب منا عباس غزاوي أن نكتب له برنامجا ونقدمه في صباح اليوم التالي، فاتفقت مع نبيه أن نجتمع في منزلهم في حي الشرفية بجوار نادي الهلال البحري لكتابة الموضوع، وفي صباح اليوم التالي قدمنا فكرة لبرنامج أسميناه (من هنا وهناك) فأعجب به عباس غزاوي ثم طلب مذيعا لبنانيا اسمه جمال عباس ليعلمنا كيفية تسجيل البرنامج، وبعد حلقتين من البرنامج قلنا للمذيع اللبناني «كثر الله خيرك» وعرفنا الطريق واستمررنا نقدم البرنامج لمدة أربعة أشهر، ثم طلب مني نبيه أن نفترق لرغبته في الاتجاه إلى المطبوعات والصحافة، واستمررت متعاونا مع الإذاعة منذ عام 1377هـ ولمدة سنتين، وكنت أتقاضى ثلاثين ريالا كمكافأة عن كل حلقة.
حارة الرابغي
• ما سر علاقتك ببدر كريم؟
جئت إلى الإذاعة عندما كانت مديرية عامة عام 1377هـ وكان مديرها الشيخ إبراهيم الشورى، وكان من رواد المؤرخين السعوديين، ووجدت ابن أختي بدر كريم قد سبقني للإذاعة بسبعة أشهر وهو أصغر مني بسنة، وتربينا سوية في حارة الرابغي في ينبع والتي أسسها رجل من رابغ، وتحولت الآن إلى أطلال، ولا أنكر أنه ساهم في توجيهي بحكم القرابة، وكان يشاركني في زاوية الصحة وركن الرياضة وكان معه في تلك الفترة محمد حيدر مشيخ وعبد الله راجح وبكر يونس وصدقة حسنين.
• ومن غير السعوديين؟
محمد غنيم وسعدي بصبوص وغانم الدجاني جمال عباس ورشيد علامة من لبنان وكان معنا من مصر أحمد عبدالحليم وحسن الطوخي وإسماعيل عبدالمجيد ومحمود عصمت، وهؤلاء الذين جاء بهم عبد الله بلخير بعد العدوان الثلاثي على مصر عندما أضربوا في إذاعة الشرق الأدنى في قبرص.
• قيل أن بدر كريم توسط لك لكي تخرج لأول مرة على الهواء؟
ماحدث خلاف ذلك فقد كنت في فترة التدريب، وقبل أن أصبح مديرا لمكتب عباس غزاوي ذهبت له في إحدى الليالي لأسلم عليه فقال لي: اصعد إلى استديو1 واستلم الفترة من بدر كريم، فصعدت ولم يكن بدر قد قرأ سوى نشرة الأخبار، فاستلمتها منه، وقال لي وهو يغادر: شد حيلك وسأتابعك من المذياع وأنا ذاهب للبيت، وبعد أن أنهيت الفترة لم أنم إلى الصباح، وعدت مبكرا إلى العمل لأرى انطباع المسؤولين عني فقابلني ناجي مفتي مدير مكتب مدير الإذاعة آنذاك، والذي أصبح سفيرنا في لبنان بعد ذلك فسلمت عليه، وفاجأني بكلمة «مبروك» وفي ذلك الوقت كان حسين صابر ـ يرحمه الله ـ مراقبا متجولا للإذاعة (بالترانزيستور) وقد كتب تقريرا قال فيه: سمعت صوتا جديدا ومتميزا في النطق والأداء واللغة على الهواء.. ومن هنا بدأت أنطلق.
• اتجاهك للبرامج الزراعية جاء بعد ذلك؟
قدمت فكرة برنامج (ركن المزارع) في منتصف عام 1378هجرية، وكنت مازلت متعاونا حتى صدر قرار تعييني كمذيع في 15 رمضان عام 1379هجرية، ومن شدة فرحتي قضيت العيد كله في (الاستوديوهات) أتابع كيفية إعداد ونقل وإذاعة البرامج والنشرات الإخبارية.
• لم تكن قد تدربت على ذلك من قبل؟
لكي أكون مذيعا للأخبار خضعت لاختبار مدته ستة أشهر على يد الإذاعي المصري إسماعيل عبد المجيد، الذي كان أول من قدم برنامج (على الناصية) في الإذاعة المصرية، ثم جاءت بعده آمال فهمي، وكان مخرجا للبرامج الدرامية أيضا، وأضفت هذه الاختبارات على أدائي ثقة وتمكنا لدرجة أنني في أثناء حرب اليمن، كانت تأتيني أخبار مفاجئة مكتوبة باليد وكنت أقرأها ولا ألحن فيها.. ومن توفيق الله لي في أحد الأيام وأنا أستعد لقراءة النشرة، طلب مني مدير إدارة الأخبار الذي كان قد رفضني في البداية، أن أزوره في مكتبه، فذهبت إليه متخوفا من تكرار الموقف السابق، فإذا به يفاجئني بالعناق، ثم قدم لي دعوة عشاء في كيلو عشرة وقال لي: رب ضارة نافعة، فبدلا من أن تكون محررا للأخبار أصبحت الآن مذيعا لامعا، فقلت له: عفا الله عما سلف، وأصبحنا أصدقاء منذ تلك اللحظة.
• كنتم تحاسبون على أخطائكم ؟
طبعا، النشرة تسجل علينا في (الكنترول) والشيخ أبو تراب الظاهري يحاسبنا حسابا عسيرا، وبالرغم من دراستي للنحو الواضح لعلي الجابر بأجزائه الأربعة، حينما كنت مذيعا في جدة، كنت أذهب لمجلس الأديب محمد حسن عواد ـ يرحمه الله ـ وكان رجلا متميزا في عبادته وروحه وأخلاقه يوما بعد يوم، وأحضر عنده بعد صلاة العصر، لأقرأ عليه الوعد الحق والأيام لطه حسين وكان يوقفني إذا لحنت.
الأرض الطيبة
• بدأت بتقديم برنامج ركن المزارع لفترة قصيرة؟
كان برنامجا اجتهاديا أعددته بمجهودي بشكل أسبوعي واستمر إلى عام 1384هجرية، وبعدها قدمت مقترحا لإعداد برنامج يومي لتوجيه المزارعين بعد لقائي بوزير الزراعة آنذاك الشيخ إبراهيم السويل، والذي أبدى إعجابه وسروره ببرنامج (ركن المزارع) وتم قبول الاقتراح وقد بلغتني الموافقة من ابن أختي خالد زارع ـ يرحمه الله ـ فأخبرته بأنني سأسميه (الأرض الطيبة) وستكون مدته عشر دقائق، وطلب مني عباس غزاوي إعداد مقدمة خاصة فما رأيك أن تكتبها، فقال لي: أريد كأس شاي (سنكريس) ينبعاوي يعني ثقيل وأحمر، وقد ولدت عنه (أحرث وازرع أرض بلادك بكرة تمطر وتروي ولادك) فأدخلتها لعباس غزاوي، فطلب مني كتابة مذكرة لمؤسسة الاتحاد الفني في بيروت لتلحين هذه الكلمات، فأعطيت للعازف اللبناني عبد الفتاح سكر، فجاءت بهذا اللحن الرائع وقمت بعدها مع محمد الشعلان بأول زيارة لمنطقة القصيم مرافقين لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان ـ متعه الله بالصحة والعافية ـ لتدشين افتتاح مطار بريدة، وعملت جولة كبيرة بين المزارعين، وتلقيت دعما من الرجل المتبسط والمثقف الشيخ عبد الله بن حميد -يرحمه الله- كفتني مؤونة شهرين وهكذا انطلق البرنامج.
• استقيت فكرة البرنامج من برامج مشابهة أم هي فكرتك الخاصة؟
أول من قدم برامج زراعية عربيا المذيعة فوزية المولد ببرنامج (الريف) من إذاعة القاهرة، ثم جاء برنامج (ركن المزارع) الذي قدمته وكانت له مقدمة موسيقية اسمها الركن الضاحك لعطية شرارة، ثم قدم مازن القبج من إذاعة الأردن نسخة بنفس اسم برنامجي اليومي (الأرض الطيبة).
• من كان يرافقك كفريق عمل؟
عادة ما يكون مهندسا الصوت عطا الله الطعيمة وكذلك مطر الزهراني.
• ولماذا توقف البرنامج فجأة بعد انطلاقه لمدة ثلاثة أشهر؟
بسبب افتتاح إذاعة الرياض في عام 1385 هجرية، حيث صدر قرار نقلي من وزير الإعلام الشيخ جميل الحجيلان إلى هناك مع الزميل محمد الشعلان ـ يرحمه الله ـ وهو من افتتح بث إذاعة الرياض، وعندما جاء للإذاعة في جدة استقبلته عند قدومه وكان من خيرة المذيعين المرتجلين في الإذاعات ويملك حنجرة ذهبية، وقد احتفت بي الوزارة بأن نقلت لي عفشي، وكان قد سبقني إلى هناك زميلي خميس سويدان لنفس المهمة وكنت قبلها في إجازة فتوقف لهذه المدة.
• بدأتم في مقركم الأول في الملز؟
الإذاعة كانت في الفرزدق والملز كان آخر نقطة في الرياض، وأتذكر أنهم كانوا يبنون في شارع الوزير عمارة العزيزية ولم يكن بالخزان سوى عمارة واحدة، وكنا نبعث المراسل في الصباح ليشتري لنا فطورا من الشارع العام بجوار فندق اليمامة، وكنا نلف الرياض في عشر دقائق من العطايف والثميري إلى حراج بن قاسم القديم.
المجلس
• نال مجلس أبو حمدان من الشهرة أيضا ما ناله برنامج الأرض الطيبة؟
هذا له قصة فقد كانت البرامج المسجلة تأتينا متأخرة من جدة، مما يعرضنا للإحراج بسبب تكرار إعادة بعض الموضوعات فاتصلنا بالشيخ عبدالرحمن الشيباني وكيل وزارة الإعلام، وشرحنا له الوضع فطلب تشكيل لجنة، وفي تلك الفترة استقال خميس سويدان وتولى إدارة البرامج زهير الأيوبي فعملنا دورة إذاعية متميزة شارك فيها إلى جواره كل من ماجد الشبل وأديب العسلي والمخرج عبد الرحمن المقرن وأنا، فقدمت مقترحا لأول برنامج درامي ينطلق من إذاعة الرياض بمسمى (مجلس أبو حمدان) لمناقشة ووضع حلول لمشاكل المجتمع وتمت الموافقة عليه.
• سبقكم في هذا الطرح الفنان عبد العزيز الهزاع؟
أم حديجان كان شخصا يقلد الأصوات وليس دراما تمثيلية ويكفي أن جميع الممثلين السعوديين مثل علي المدفع ومطرب فواز وحمد المزيني وعلي إبراهيم كانوا خريجي مدرسة مجلس أبو حمدان.
• قدمته بلهجة تقريبية امتدحها محمد الشعلان آنذاك؟
بين العامية والفصحى وهذا كان أحد أسباب نجاحه، ولعلمك فالمذيع علي المشهدي قدم بحث تخرجه في الجامعة في هذا البرنامج.
• كنت تكتبه بشكل يومي؟
على مدى اثنتي عشرة سنة دون انقطاع واستطعنا من خلال مجلس أبو حمدان أن ننتزع من المجتمع رواسب اجتماعية كثيرة، وكنا السبب في دخول النقل الجماعي إلى مدن المملكة، بعد أن تحكم بعض سائقي السيارات في الناس إثر هطول أمطار غزيرة على مدينة الرياض آنذاك، فجاءت التوجيهات بإيجاد حل لهذه المشكلة، وهناك الكثير مما لا أتذكره الآن، كما كتبت أكثر من مائة تمثيلية إذاعية وحصلت عام 1400 هجرية على جائزة مادية كأفضل (معد برامج) بالأمر السامي.
توقف النجاح
• بعد ثماني عشرة سنة من النجاح الجماهيري (للأرض الطيبة) لدرجة أن الناس كانوا يوقتون خروجهم في الصباح على موعد بثه، توقف البرنامج.. لماذا؟
برغبة مني، وقد تستغرب ما حدث لأن أحد تلاميذي ترأس دورة إذاعية في إدارة البرامج، فأوقف لي برنامج مجلس أبو حمدان بعد اثني عشر عاما من النجاح، فرددت عليه بمذكرة إعفائي من برنامج الأرض الطيبة، وكنت وقتها مدير إدارة المطبوعات فتوقفت حفاظا على كرامتي.
• وما مبررات إيقافه لبرنامجك ؟
الحقد ومحاربة الناجحين.
• ألم يتدخل أي مسؤول لمعالجة هذا الموقف؟
سألوني، فقلت لهم أنني مشغول في عملي الجديد ذلك الوقت.
• لكن البرنامج استمر؟
بثوب آخر ولمدة ست سنوات أخرى بعد مغادرتي مع تلميذي الزميل فائز المنصور، ثم اشتركت معه وفاء بكر يونس، بعد ابتعادي وتوقف الآن بعد اغتياله، وتغيير مقدمته، وأنا متأمل خيرا بمجيء الوزير الدكتور عبد العزيز خوجة، فهو أعرف بخفايا هذا البيت، وما يحتاجه من ترميم.
• انسحابك بهدوء أمام إيقاف برنامجك الذي يعد مكتسبا جماهيريا بُني على مدى ربع قرن تقريبا، بماذا يفسر؟
هذا المكتسب ينبغي أن تدافع عنه وزارة الزراعة فأنا كنت مجرد مقدم له.
• لكن الكل يعرف أن البداية الحقيقية له فكرة وإعدادا وتقديما مسجلة باسمك؟
هذا في البداية فقط ولكن بعد نجاح البرنامج، أصبح لقمة سائغة لوزارة الزراعة، فنسبوه لأنفسهم مع أنني حصلت على جائزة أفضل معد لبرنامج زراعي في الشرق الأوسط، من منظمة الفاو، ولكن الأمور تحسنت بعد ذلك، فأصبحت كأنني أحد منسوبي وزارة الزراعة، لكن هذا لم يوقف تمسكهم به.
مسلم البرازي
• يقال أنك جاملت كثيرا صديقك الشاعر مسلم البرازي في برنامج الأرض الطيبة؟
مسلم البرازي كان شاعرا جميلا والتحق بالإذاعة عندما التقى عباس غزاوي في بيروت عام 1382 هجرية، فطلب منه أن يعمل معنا وكنت مديرا لمكتب عباس إداريا إضافة لدوري الفني كمذيع ومقدم برامج فطلب مني استقبال البرازي في المطار وفي طريق ذهابنا إلى الفندق أحببت أن أضيفه فمررت على كشك صغير وقلت لصاحبه: لوكلفت عليك تعطيني حبتين كولا، فولدت منذ تلك اللحظة لدى مسلم البرازي مقدمة أغنية (لوكلفت عليك تقوللي درب الطائف وين) التي غناها الفنان وديع الصافي، فقلت لمسلم هذا لا يكفي، وأريدك أن تذهب معي إلى ينبع، فذهبنا إلى ينبع النخل وزرنا قرية الجابرية فولدت أغنية (غزال رضوى) وردنا العين عين الجابرية التي غناها فهد بلان.
• لكنك اتهمت فهد بلان بالسطو على الفلكلور الساحلي؟
هذا صحيح فهو قد حرف الكسرة الشعبية المعروفة التي سمعتها في طفولتي من الشاعر حسن المدرجي الجهني، وكان دلالا وألقاها على مسامع ياسين أفندي الجداوي مدير البوستة الخديوية وعم الفنانة المصرية رجاء الجداوي، فكان يقول له: ايوه يابو المدارج، وكانت تقول كلماتها (ولد الهوا دائما تعبان مكتوب عليه قلة الراحة .. مثل السفينة بلا ربان يلعب بها الموج في الباحة) فحرفها لتكون (يلعب بها الموج سباحة) وغناها، وليس بعيدا عن فهد بلان، بليغ حمدي أيضا سطا على الفلكلور الينبعاوي من خلال أغنية النيل.
• المعروف أن الفن الينبعاوي متأثر بالفن المصري السائد في السويس وغيرها؟
توضيحا للحقائق فالبحر الأحمر السعودي والمصري كانا في يوم من الأيام تحت حكم الدولة العثمانية، وعندي وثيقة تؤكد أن محكمتي القصير وقنا كانتا تابعتين لمحافظة ينبع، والرحالة الينبعاوي ابن واصل قال بأنه عام 1303 هجرية، رحل من أسكلة الوجه إلى أسكلة القصير فوجد كل سكان القصير قادمين من ينبع، وللعلم فجهينة وبلي والأشراف في مصر أكثر منهم في الحجاز خصوصا في الوجه القبلي، ولحروب ينبع دور في تجارة مصر في القرن التاسع خصوصا في سوق السلاح وبين الدربين، وهناك عائلات الشواربي التي انتقلت لمصر من وادي الصفراء وسمي شارع الشواربي في القاهرة بأحدهم، وكذلك عائلة الظواهري في مصر فأصلهم من فخذ الظاهري الحربي وفي يوم من الأيام تولى مشيخة الأزهر ظاهري، كما أن رئيس الحكومة المصرية محمد محمود باشا سليمان من سليم من حرب.
• ولهذا الارتباط مع مصر دوره في تميز أبناء ينبع ثقافيا في تلك الفترة وتوليهم مناصب مختلفة في الدولة؟
بدون شك كانت هناك ثقافة قوية قادمة من مصر أثرت على جميع سكان ينبع لدرجة أننا فتحنا أعيننا على رسائل محمد حسن الزيات، بل وقرأنا الشوقيات والقوافي ونحن صغار رغم عدم وجود مكتبات في تلك الفترة.
• ولا أندية رياضية تشغلون فيها فراغكم؟
الكورة جاءت لينبع مع إنشاء نادي رضوى عام 1372هجرية، ولعبتها خمس سنوات ثم اتجهت للسباحة خمس سنوات أخرى ثم تفرغت للعمل الإذاعي.
الرجل المريض
• تعتقد أن الإذاعة استنزفت كل وقتك دون أن تشعر؟
كنت عاشقا (للمايكروفون) ومازلت، ولن تصدق أنني كنت أغيب عن أولادي باليومين والثلاثة وأنا مشغول داخل الاستوديوهات وقد أعطيت الإذاعة مجهودي بإخلاص وتفان، وضحيت كثيرا بعلاقاتي مع الأقارب والمعارف والأصدقاء، وهي في المقابل أعطتني السمعة والشهرة، لدرجة أننا إذا نزلنا إلى الأسواق يحاصرنا الناس مثل نجوم الكرة حاليا، وفي إحدى المرات ركبت تاكسيا وأصر السائق على عدم أخذ الأجرة لأنه عرفني من صوتي.
• هل كان المقابل مجزيا ؟
بصراحة لا، ومع أنني دخلت الإذاعة على راتب الجامعيين بالمرتبة الخامسة وكان راتبي عندما جئت للرياض (1200) ريال شهريا، وكنت أوفر منه، إلا أن الأوضاع تحسنت كثيرا مع مجيء الشيخ إبراهيم العنقري وزيرا للإعلام عام 1398 هجرية، فأصبحت أتقاضى على برنامج (الأرض الطيبة) ألفي ريال شهريا، وعلى برنامج (مجلس أبو حمدان) ثلاثة آلاف شهريا، وكلها فوق الراتب فكانت رافدا ساعدني على العيش في بحبوحة وبناء بيت لأولادي.
• الإذاعة كانت أشبه بالجامعة لما تضمه من مثقفين؟
الإذاعة كانت كلها أدباء وشعراء مثل الشعراء حسن عبد الله قرشي ومحمد عامر الرميح وإبراهيم علاف وهاشم زواوي، وقد خدمت وثقفت المجتمع، قبل أن تكون هناك ثانويات وجامعة في بلادنا، وكان من مخططها في تلك الفترة عدة أركان مثل ركن المزارع والطالب والمرأة والشرطة والصحة.
• طموحكم كان كبيرا رغم الإمكانات المحدودة ؟
يكفيك أن تعرف أنه لم يكن لدينا مؤثرات صوتية، فإذا أردنا صوت ريح كنا نأتي بصفيح ونضرب فيه، وإذا أردنا تليفون نضع ورقة شفافة على فم الممثل، ولم تدخل المؤثرات الإذاعية إلا عام 1386 هجرية، عندما تم شراؤها من البي بي سي.
• ساهمت في إنشاء مسرح الإذاعة ؟
كنت مسؤولا عن التذاكر، أما أبو المسرح محمد حيدر مشيخ فقد ساهم في بروز ممثلين معروفين مثل حسن دردير ولطفي زيني وأبو خداج وتخته، وكل هؤلاء كانوا في مسرح الإذاعة عام 1383هجرية.
• والمرأة ؟
كان دخولها إلى الإذاعة عن طريق امرأة اسمها سميرة أحمد وكانت تعمل أخصائية اجتماعية بمركز تنمية وادي فاطمة، وكنا نغطي افتتاح الجمعية التعاونية الزراعية لصالح برنامج (ركن المزارع)، وفوجئنا بإلقائها كلمة في الحفل فسجلناها وبعد عودتنا إلى جدة، عرضنا الشريط على عباس غزاوي، وكانت مدة الكلمة ثلاث دقائق فأعطى موافقته على إذاعتها في البرنامج، وبعدها أخذت ابن أختي خالد زارع وذهبت إلى بيته تحسبا لأي تساؤل، ورغم التخوف من الموقف الذي كان يحاصرني، إلا أنني كنت مدركا في داخلي لما كان يجرى من تمهيد مسبق لهذا الأمر فقبل إذاعة تسجيلنا بأسبوع، عقدت ندوة شارك فيها محمد حسين زيدان وعزيز ضياء ومحمد أحمد جمال وفي اليوم الثاني، رأيت اسطوانات على مكتب عباس غزاوي فسألته عن ذلك، فقال لي: «طالع» للأستديو لكي أعمل مقدمة لبرنامج (البيت السعيد)، وكأنني أرى الآن فاتن أمين شاكر، مع والدها في مكتب عبد الله راجح مدير التنفيذ، وأشرف على تسجيل أول حلقة، ثم سجلت الحلقة الثانية عائشة حماد، ثم جاءت نجدية حجيلان، وقدمت أول حلقات برنامج ركن المـرأة، ثـم ســجـلـت مـامـا أســمى، أول برنـامـج للأطـفــال وكــل هذه البـدايات كانت عام 1382هـ.
• مامدى متابعتك لها حاليا ؟
بصراحة الإذاعة رجل يحتضر حاليا وأرجو أن لا يغضب مني أحد، والإذاعات كلها تردت وتأخرت فلا أصوات جميلة ولا لغة ولا مادة جيدة وهناك حالة من الملل ومن غير المعقول أيضا أن تستمر بمثل هذا الضعف في الدعم، فعندما تأتي بمحدث وتعطي له مائة ريال فهذه لاتكفي قيمة «التاكسي»، وعندما تأتي بممثل وتعطي له ثلاثين ريالا فهذا مثار تساؤل، وأطالب بتغيير التعرفة القديمة التي صدرت عام 1389هجرية، لأن هذا الأمر تسبب في اتجاه الممثلين والمذيعين الجيدين للقطاع الخاص وهجرة الإذاعة، ولا أريد أن أجرح أكثر فالخبرة غائبة وساهم في موت الدراما الإذاعية، التي تقوم على متعة الاستماع والتخيل في هذا التردي، وأسأل الله أن ينفخ فيها الروح قريبا.
• حتى المذيعين؟
المذيعون القدامى المتعاونون مع إذاعة جدة مثل علي بعداني، لايزال لهم بريق.
• ما الشيء الذي تتمنى عودته فيها ؟
الأناشيد التصويرية الصباحية التي تحث الطالب على الدراسة، وتشجع على العمل وتنمي حب الوطن، ويكفي أن لا يكون لدينا حتى الآن أغنية أو نشيد عن العلم.
• تعتقد أن ظهور التلفزيون أعادها إلى الوراء؟
الإذاعة سيارة ولن تموت، والتلفزيون لا يلغيها والفضائيات العربية، لم تنفع المشاهدين، بل زادت من تيههم، كما أن الدراما العربية، أصبحت غير توجيهية وتعلم العنف والانحراف أما الأغاني، فتحولت إلى أذرع وسيقان بإسفاف وبلا حياء، ورأيي أن مستمع الإذاعة يظل إيجابيا وليس سلبيا كمشاهد التلفزيون، والجديد لايمكن أن يلغي القديم.
• والتلفزيون السعودي ؟
يحمد له أنه محافظ نوعا ما ويحتاج إلى دعم كبير.
علاقة استثنائية
• علاقتك بملوك المملكة من خلال العمل الإذاعي؟
علاقة جميلة وفيها مواقف وكلمات لاتنسى، فقد شاهدت الملك عبد العزيز عندما زار ينبع وكنت في الصف الثالث الابتدائي وشاركت يومها في إلقاء نشيد (على الرحب يا رمز فخر العرب) الذي ألقي أمام جلالته في بيت سيبيه وصاحب هذا النشيد نور الدين فلمبان مدير مدرستنا ذلك الوقت، وبعد أن غادر جلالته من ينبع تمت دعوتنا لثكنة عسكرية وأعطى كل طالب خمسة ريالات هدية من الملك، أما الملك سعود فسلمت عليه في الطائف، وكنت برفقة بكر يونس، فقدمني له فقال يرحمه الله: يابكر رفيقك هذا شفته من قبل، فأخبرته أنني سلمت عليه عندما زارنا في ينبع، أما الملك فيصل ـ يرحمه الله ـ فقد سلمت عليه وكنت برفقة عزيز ضياء وعباس فائق غزاوي ـ يرحمهما الله ـ قال لي بعد أن عرفوني: ( احرث وازرع .. الله يبارك) ، أما الملك خالد ـ يرحمه الله ـ فقد زرته عندما كان وليا للعهد مع الشيخ منديل الفهيد وإبراهيم اليوسف، وكان يناقشني في الأشياء الشعبية التي يحبها، وقد أسرنا بحبه عندما كان يصلي بنا المغرب على التراب والحصى، وكان رجلا عطوفا ولطيفا، أما الملك فهد ـ يرحمه الله ـ فزرته برفقة عباس فائق غزاوي لرغبتي في السفر إلى مصر، عندما كان وزيرا للداخلية عام 1384هجرية، وكان السفر وقتها ممنوعا بسبب أحداث اليمن، والتقيناه ـ يرحمه الله ـ ونحن نودع أهالينا في ساحة المطار، فطلب منا أن نزوره في بيته بعد عودته، وعندما ذهبت له قال لي: إحنا خايفين عليك لأنك تقرأ ضدهم في الإذاعة، فاتفقنا على حذف اسم الخطيب من الجواز، وتمكنت من إنهاء عملي في مصر والعودة سالما.
• ألم تأتك عروض بعد التقاعد؟
جاءتني عروض من إذاعات الشارقة وسلطنة عمان، ولكن من غير المعقول أن أنتقل إلى هناك لأقدم برامج لأن مايشغلني الآن، من بحوث ومذكرات أكثر أهمية بالنسبة لي.
• هاجمت شعر غادة السمان كثيرا؟
وما زلت، لأنه شعر يحمل الكثير من الإسفاف وهو أشبه ما يكون بما قاله نزار قباني في المرأة.
• ومن يعجبك من الشعراء ؟
محمد حسن فقي ومحمد علي السنوسي ومحمد حسن عواد يرحمهم الله .
• ومن المؤرخين ؟
علامة الجزيرة حمد الجاسر ـ يرحمه الله ـ الذي جاء إلى ينبع مدرسا، ثم أصبح مدير مدرسة، ودرسني في أول مدرسة روضة في ينبع عام 1358 هجرية وكنت في الرابعة من العمر، وكان يرسم لنا على السبورة الجبال والأنهار ونحن نهرول حوله ونتعلق فيه، عندما تخرجت من القاهرة التقيته فقدمت له الدبلوم الذي حصلت عليه، وعندما عرف أنني عائد إلى ينبع عينني مراسلا لمجلة اليمامة، وكان أهالي ينبع فرحين بهذه المجلة، وكنت أنقل أخبار ينبع الرياضية والتعليمية ووصول البواخر، وعلاقتي كانت متصلة بمشرف صفحة المدن والأقاليم الأديب عمران محمد العمران، الذي كان مدير مصلحة المياه فأصبح فيما بعد عضوا في مجلس الشورى، وكنا نبيع أكثر من سبعين نسخة باشتراكات مقدمة نقدا وهذا كان رقما كبيرا.
• رسالتك الأخيرة توجهها لمن؟
عشت في الإذاعة أكثر مما عشت مع أولادي وستظل حتى بعد خروجي للتقاعد بيتي الأول، وأتمنى على الوزارة عندما يكون لديها مناسبات أن تدعو أبناءها، كما لن يضيرها أن تستضيف ثلاثة أو أربعة من أبنائها المتقاعدين في كل عام ليكونوا ضمن المدعوين من خارج المملكة لأداء فريضة الحج وهو الأمر الذي أثق أنه سيلقى اهتماما من الدكتور عبدالعزيز خوجة، لما أعرفه من وفاء فيه، كما أتمنى أن يقيم الجيل القديم ويكرمه مثل: ماجد الشبل ومحمد حيدر مشيخ وعبدالله راجح وبدر كريم وغيرهم ممن وراء الكواليس ولا يعرفهم أحد.
قال له الملك فيصل «ازرع واحصد والله يبارك».. صاحب «الأرض الطيبة» عبدالكريم الخطيب لـ«عكاظ»:
الإذاعة «اغتيلت» وتوقفت حفاظاً على كرامتي
2 أبريل 2009 - 19:33
|
آخر تحديث 2 أبريل 2009 - 19:33
الإذاعة «اغتيلت» وتوقفت حفاظاً على كرامتي
تابع قناة عكاظ على الواتساب
حــــوار : بـــدر الغانمـــــي