تستعد اللجنة الوزارية المكلفة بوضع حد لظاهرة انتشار الجامعات الوهمية لعقد أولى اجتماعاتها هذه الأيام. ويشارك في عضوية اللجنة التي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتشكيلها في أغسطس الماضي وزراء (التعليم العالي، الداخلية، الثقافة والإعلام، التجارة والصناعة، والعمل).
إضافة إلى رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والتي تم إشراكها في اللجنة، بهدف ملاحقة الشهادات غير المعترف بها التي تروج عن طريق الانترنت. وطبقاً لإحصائيات معلنة، فإنه يوجد بالمملكة قرابة 18 فرعاً لجامعات وأكاديميات خارج البلاد التحق بها قرابة 5 آلاف طالب وطالبة، وهي أرقام تعكس الخطر الذي تشكله هذه الجامعات.
لجنة مشتركة
وذكر مدير إدارة معادلة الشهادات الجامعية في وزارة التعليم العالي الدكتور عبدالله القحطاني أن موضوع الجامعات الوهمية وغير المعترف بها تتداخل فيه التخصصات، الأمر الذي دعا إلى تشكيل لجنة مشتركة لتقدم كل جهة اختصاص من خلالها رؤاها للمشكلة والحلول المقترحة. وكشف النقاب عن أن عمليات معادلة الشهادات الجامعية التي جرت عام 2007 أسفرت عن اكتشاف نحو 28 شهادة مزورة، من جامعات خارج البلاد ومعظم من يحملونها من غير السعوديين. وحذر الطلاب من مغبة الانسياق وراء بعض الجامعات التي يروج لها، وتلك التي غير معترف بشهادتها محليا. معربا عن قلق وزارة التعليم العالي من حملة الإعلانات التي تروج لجامعات غير معترف بشهاداتها في المملكة وليس مرخصا لها. وقال إن الوزارة تشعر بقلق إزاء تزايد أعداد الجهات التي تحاول التغرير بالطلاب لصالح جامعات وهمية، أو غير معترف بشهاداتها.
وأشار القحطاني إلى أن الوزارة تتابع بشكل يومي ما يعلن في الصحف حول الجامعات الوهمية، وجرت خلال السنوات الماضية عشرات المخاطبات بين وزارة التعليم العالي والوزارات المعنية، أسفرت عن إغلاق عشرات المكاتب في مختلف مناطق المملكة.
وطالب الصحف بضرورة التنسيق مع وزارة التعليم العالي، من أجل التثبت من صحة الجامعات المعلن عنها خلال الفترة التي تشهد إقبال الطلاب السعوديين على الالتحاق بالمؤسسات التعليمية الداخلية والخارجية.
وأرجع إقبال الطلاب على تلك الجامعات إلى عدة أسباب منها ضعف تأهيل الكثير من خريجي الثانوية العامة وحصولهم على معدلات متدنية لا تؤهلهم للحصول على مقعد في الجامعات السعودية، فضلا على محدودية القبول في هذه الجامعات خلال السنوات الماضية، بالإضافة الى فشل بعض الطلبة في مواصلة دراستهم الجامعية ومن ثم تكون الجامعات الوهمية بمثابة البوابة الخلفية للحصول على الشهادة دون عناء.
ومن الأسباب الأخرى، إصرار بعض الخريجين على دراسة تخصصات معينة تتطلب معدلات عالية للقبول في الجامعات السعودية، لذا فإن عدم توفر هذه المعدلات يدفع الطالب إلى تلك الجامعات الوهمية التي تتيح له القبول في التخصص الذي يرغبه دون شرط أو قيد.
فاكس للتبليغ
ونصح القحطاني من أخطأوا ودفعوا الرسوم وبدأوا الدراسة أولا بالتبليغ عن المكتب أو المؤسسة التي غررت بهم وتزويد الوزارة بعناوين وأرقام وهواتف تلك المؤسسات أو المكاتب وإرسالها إلى الإدارة العامة لمعادلة الشهادات الجامعية على الفاكس (012107537). وطالبهم بسرعة الانسحاب والمطالبة باسترداد المبالغ التي دفعوها.
مؤكدا أن النظام يتيح لهم استعادة أموالهم، لأن تلك المكاتب والمؤسسات لا تملك الترخيص النظامي لممارسة أية أنشطة تعليمية.
ودعا الطلاب الذين يريدون مواصلة دراستهم الجامعية أو العليا في جامعات أجنبية خارج المملكة، الى التأكد من أن هذه الجامعة معتمدة من قبل وزارة التعليم العالي، وذلك بالرجوع إلى قائمة الجامعات الموصى بها المدونة على موقع الوزارة الإلكتروني.
وطالب عدد من الأكاديميين والباحثين بضرورة التصدي لظاهرة الجامعات والأكاديميات الوهمية التي تتخذ من الشقق والمكاتب مقرا لنشاطاتها المزيفة في امتهان بيع الشهادات المزيفة، مؤكدين أن وجودها أصبح يشكل ظاهرة مسيئة بحق أبناء المجتمع.
وحذر الدكتور عدنان المزروع عميد كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز من مخاطر وضرر الانسياق وراء تلك المكاتب الوهمية التي تعطي الشهادات المزيفة.
وقال: أعتقد أن الضرر كبير جدا على المجتمع، لأسباب عدة، منها ضياع الوقت والجهد والمال لكثير من شبابنا الذين يغرر بهم.
واعتبر ما يحدث كارثة، فالطالب يحصل على مؤهل جامعي أو درجة عليا في تخصص ما، بينما هو لا يجيد مبادئ هذا التخصص، مما يعني أنه يغش المجتمع، وقد يتسبب في كثير من الأضرار عند ممارسته لهذا التخصص، لاسيما في الطب والهندسة، أضف إلى ذلك أن هذه الظاهرة تؤدي إلى نشوء جيل يبحث عن الشهادة بأقصر وأسهل الطرق، دون الاهتمام بالتحصيل العلمي والبحث عن المعرفة.
وعلل الدكتور أحمد درباس أستاذ علم الاجتماع في كلية المعلمين بجامعة الملك عبدالعزيز سبب الإقبال على الدراسة بالجامعات الوهمية، إلى رغبة هؤلاء الملحة في تحقيق ذواتهم بالحصول على الألقاب الرنانة، مشيرا إلى أن أمثال هؤلاء لديهم شعور بعقدة النقص، ومن ثم لكي يطفو إلى السطح الاجتماعي، فإنهم يحتاجون الى مثل هذه الشهادات.
أما الدكتور فهد الجهني أستاذ الدراسات العليا الشرعية بكلية الشريعة - جامعة الطائف، فحذر من الحصول على الشهادات المزيفة الصادرة من الجامعات الوهمية، مؤكدا أن فيها مخالفة صريحة للأنظمة ولولي الأمر .
وأشار إلى أنه مع كون التعلم أمرا مشروعا، فلابد أن تكون وسيلته أيضا مشروعة، فهنالك قاعدة أصولية تقول: (الغاية لا تبرر الوسيلة)، بالإضافة الى ان تلك الشهادات الوهمية نوع من الغش والتزوير، خاصة إذا علمنا انها لم تضف لصاحبها علما، بل هي حبر على ورق، وفيها من التدليس والكذب على الناس الشيء الكثير .
واعتبر أن الأمر يزداد سوءا وجرما، إذا حصل صاحب الشهادة الوهمية على منصب وأمور لا تحل له من جراء اللقب، معربا عن مخاوفه من ان الحاصل على الشهادات المزيفة، ربما يقع في النهي الوارد في الحديث الشريف، الذي أخرجه الامام مسلم في صحيحه، عن ابي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه – ذكر ثلاثة منهم – ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فؤتي به، فعرّفه نعمه، فعرفها، قال: فما فعلت فيها؟ ، قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم، ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار».
من جهته أكد القانوني والمحامي عمار نحاس أن النظام يكفل للمتضرر في حال كون المكتب له مقر بالمملكة استرجاع كامل المبلغ وفق الإجراءات النظامية المتبعة، مبتدئا خطواته بتحرير خطاب أولي إلى المكتب, يشير فيه الى رغبته باسترجاع ما دفعه من أموال، ويمهله عدة أيام في خطابه للرد، فإن انقضت المدة ولم يتجاوب، فله وقتها رفع شكوى ضد المكتب.
عبدالعزيز بخاري أحد الحاصلين على شهادة الدكتوراه عن طريق المكاتب الوهمية اعترف قائلا: الدعايات المستمرة لإكمال دراستي العليا أغرتني، وبالفعل حصلت على شهادتي الماجستير والدكتوراه عن طريق تلك الجامعات غير المعترف بها لدى وزارة التعليم العالي، ومنذ ذلك الحين أصبح الكثيرون ينادونني بالدكتور.
فيما أشار فهد الحربي إلى سيل دعايات الجامعات التي تعطي الشهادات في الدراسات العليا عبر مواقع الانترنت وفي بعض الصحف المحلية، مشيرا إلى أن إحدى الصحف نشرت قبل مدة إعلان وزارة التعليم العالي التحذيري من الجامعات الوهمية، إلى جانب إعلان عن جامعة في إحدى الدول العربية غير معترف بشهادتها.
نتائجها كارثية والدعايات أغرت الباحثين عن الألقاب الرنانة
خمس وزارات تطارد الجامعات الوهمية
28 أكتوبر 2008 - 19:57
|
آخر تحديث 28 أكتوبر 2008 - 19:57
خمس وزارات تطارد الجامعات الوهمية
تابع قناة عكاظ على الواتساب
فهد الشيخ- جدة