-A +A
إعداد: محمد المشرعي mmashraee2@
كانت اللغة العربية لغةً محكيةً مرتبطةً بسليقة أهل الجزيرة العربية وفطرتهم، تثريها بيئتهم بما يناسبها من تعابير وألفاظ. ومع بزوغ نجم الدين الإسلامي قادت فتوحاتهم شعوباً لم تنطق العربية قط، فأصبحت جزءاً من المجتمع العربي، فصارت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفظاً لها مما يخالطها من الشوائب.. وقد كان ذلك أمراً شبه مستحيل، لولا وجود عدد من علماء اللغة الذين رهنوا حياتهم لها، ومنهم: أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي النيسابوري، (350هـ - 429هـ)، صاحب كتاب «يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر»، وله أكثر من 80 كتاباً في مختلف علوم اللغة؛ أهمها كتاب «فقه اللغة وسحر البلاغة وسر البراعة»، و«فقه اللغة وسر العربية»، و«النهاية في الكناية».

لقّب بالثعالبي لأن والده كان فرَّاء يخيط جلود الثعالب.


كان كثير الحفظ، فعرف بحافظ نيسابور، وأوتي حظاً من البيان بزَّ فيه أقرانه، فلقب بجاحظ زمانه، وعاش بنيسابور حجَّة فيما يروي، ثقة فيما يحدِّث، مكيناً في علمه، ضليعاً في فنه، فقصد إليه القاصدون، يضربون إليه آباط الإبل، بعد أن سار ذكره في الآفاق سير المثل.

قال عنه ابن بسام صاحب الذخيرة: «كان في وقته راعي تلعات العلم وجامع أشتات النثر والنظم، رأس المؤلفين في زمانه وإمام المصنفين بحكم أقرانه، سار ذكره سير المثل وضربت إليه آباط الإبل، وتواليفه أشهر مواضع وأبهر مطالع وأكثر راوٍ لها وجامع، طلعت دواوينه في المشارق والمغارب طلوع النجم في الغياهب».