-A +A
عبدالله المحيميد
التحدي الدائم الذي يواجه الدول والمنظمات الكبيرة لا يأتي من البرامج المُخططة والاستراتيجيات المُعدّة، وإنما يأتي من الأزمات والأحداث الطارئة والمفاجئة، وانتشار فايروس (كورونا) المستجد، شكل تحديّاً صعباً وقاسياً لكافة الدول باختلاف مستوياتها الاقتصادية وتصنيفاتها التنموية، وغني عن القول بأن المملكة نجحت في اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب، فلم تنتظر ما الذي ستفعله دول العالم لمواجهة الوباء الذي بدأ يتفشى في عدد من دول شرق آسيا، وإنما بادرت -وقبل أن تُعلن منظمة الصحة العالمية بأنه وباء عالمي- باتخاذ الإجراءات الوقائية الصارمة، وبَدَت الاحترازات التي اتخذتها المملكة للوهلة الأولى وكأنها تنطوي على شيء من المبالغة والتضخيم، لكن ما إنْ تزايد انتشار الفايروس وأعلنت منظمة الصحة العالمية بأنه وباء عابر للحدود، ويسجل أرقاماً مرتفعة في مواقع مختلفة من العالم، إلا وسارعت الدول لاتخاذ تدابير مماثلة لتلك التي اتخذتها المملكة في وقت مبكر.

هذه الأزمة أو التحدّي العابر -بإذن الله- أبرزت أن الأنظمة التعليمية والصحية في المملكة تتمتع بمستوى جيد من الكفاءة والجاهزية، وأن الاستثمار في الإنسان هو الرصيد الحقيقي للدول والمجتمعات، فالموارد البشرية في قطاع الصحة وقطاع التعليم برْهنَت على كفاءتها وتأهيلها وقبل ذلك انتمائها الوطني، فالأعمال الطارئة المتواصلة التي ينجزها قطاعا الصحة والتعليم في هذه المرحلة هي أعمال استثنائية مميزة، يقف خلفها كفاءات بشرية تتمتع بدرجة عالية من التأهيل والخبرة والمهارة المهنية، فالكوادر الطبية على امتداد الوطن وفي القطاعات الصحية المختلفة أبْدت جاهزية مرتفعة وأداء متفانياً وحماساً مستمراً منذ بداية الأزمة وحتى هذه اللحظة، ورغم مخاطر عدوى الوباء التي يواجهها هؤلاء الأبطال رجالاً ونساء، ومع خوفهم على أبنائهم وأُسَرهم إلا أنهم ظلّوا يمارسون مهامهم بكل مسؤولية وحماس واقتدار، في حين أثبت رجال التعليم ونساؤه أنهم على مستوى التحدي لخوض غمار تجربة التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ورغم أن هذا النوع من التعليم لم يحْظ بالأهمية التي يستحقها في الفترة الماضية إلا أنهم استطاعوا خلال فترة قصيرة التفوّق على أنفسهم وتذليل العقبات والصعوبات التي واجهت برامج هذا التعليم وتطبيقاته، بل تجاوز نجاحهم توفير التعليم الإلكتروني إلى تغيير المفاهيم تجاه أساليب هذا النوع من التعليم وأقنيته، إضافة إلى كسر الحاجز النفسي لدى الأسر والمعلمين والطلاب في التعامل مع برامج التعليم الإلكتروني ومتطلباتها، وهو ما ستقطف ثماره وزارة التعليم مستقبلاً في التهيئة والتمهيد لأن يكون هذا النوع من التعليم جزءاً من المنظومة التعليمية لطلاب وطالبات المملكة في كافة المراحل التعليمية بدءاً من الطفولة المبكرة وليس انتهاء بالدراسة الجامعية.


كل الشكر والعرفان لأبطال الصحة والتعليم على امتداد الوطن، وحمى الله بلادنا المملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها من كل مكروه.

* كاتب سعودي

Firas1414@hotmail.com