-A +A
محمد المطيري mohamedh_00@
«سنعبر الجسر عندما نصله»، إنها ألمانيا التي تمتلك تاريخا كبيرا في عالم كرة القدم، على مستوى المنتخب والأندية واللاعبين والمدربين، منتخبها الذي حقق ٤ كؤوس عالم و٣ كؤوس أوروبية، وأنديتها المتمرسة في بطولات القارة العجوز.

تلقت ألمانيا في عام 1998 هزيمة ثقيلة من كرواتيا 0 - 3 في دور الـ8 في مونديال فرنسا وبعدها بعامين خرجت من يورو 2000 من الدور الأول بمستوى وصفته الصحف الألمانية بـ«المخجل»، حينها شعر الألمان بأن كرتهم تدخل نفقاً مظلماً، وفي 2001 عُيّن جيرهارد ماير فورفيلدر رئيساً للاتحاد الألماني، ولم يخرج رئيس الاتحاد بوعود بعد المستويات المخجلة، وطبق فورفيلدر الحكمة الألمانية التي تقول «الأفعال قبل الكلمات» واجتمع مع ممثلي الأندية المحترفة من درجتي الأولى والثانية وأجبرهم على إنشاء أكاديميات لكشف مواهب ترفع اسم ألمانيا مرة أخرى، وسنّ قوانين مالية هدفها حل مشكلات الأندية مالياً وكان نادي بروسيا دورتموند العريق مهدداً بالإفلاس بين عامي 1999 - 2005 وبفضل قوانين فورفيلدر المالية نهض النادي الأصفر والأسود وحقق الدوري وسط سيطرة عملاق بافاريا بايرن ميونيخ المحلية في دوري 2011 - 2012، وتواجه الفريقان بنهائي الأبطال في عام 2013 بعد هزيمتهما لقطبي إسبانيا بهزائم ثقيلة في نصف النهائي، وهذه دلالة واضحة على النهضة الكروية بألمانيا.


كانت الكرة الألمانية تعتمد على الأسلوب البدني واللعب بأقل حركية والكرات الهوائية، وهو لا يناسب اللعب الحديث، فكرة القدم الآن أصبحت أكثر حركية وذهنية وتكتيكية، لذلك أرسل فورفيلدر بعثات لدول متقدمة في كرة القدم لدرجة ذهابهم إلى اتحادات أفريقية وآسيوية وكانت هي اللبنة الأولى لمشروع فورفيلدر للنهوض بكرة القدم في بلاده، وافتتح مراكز تدريبية للمدربين، لتطويرهم فنياً والاستفادة من أفكارهم وقُدمت هذه الدورات بأسعار رمزية مقارنة ببلدان مجاورة، هدفها دمج الفكر الألماني مع الفكر الحديث بكرة القدم، حتى أصبحت الكرة الألمانية مثالاً يحتذى به في المرونة التكتيكية، أتقنوا اللعب البدني واللعب بطريقة سريعة في بناء الهجمة ودقة التمريرات القصيرة «تيكي تاكا»، وبسبب هذه الأكاديميات ألمانيا حققت بطولة كأس العالم 2014 بسواعد ألمانية خالصة، بقيادة المدرب الألماني يواخيم لوف وأبناء الأكاديميات أمثال نوير، هاميلز، خضيرة، أوزيل، مولر، غوتزة وغيرهم من اللاعبين المهرة تكتيكياً وذهنياً.

ألمانيا الآن النموذج الأمثل لإدارة مؤسسات كرة القدم، السؤال كيف يمكننا أن نستفيد من هذه التجربة؟ وما نسبة تمثيل الحضور الفكري في تشكيل الصورة الرياضية؟