تابعوا عكاظ على
Google News Account
كثيرا ما سمعت من عرب من مختلف الجنسيات نكاتا عن كسل السودانيين، وسمعت أيضا من عرب من كل الجنسيات، إن السودانيين يتميزون عن الآخرين بتكاتفهم وتكافلهم واحترامهم للروابط العائلية والاجتماعية.. نعم فرغم كل المتغيرات السياسية والاقتصادية التي خلخلت النسيج الاجتماعي في بلادنا، لا يزال الجميع يحترم الأسرة الممتدة، وما زال في كل أسرة “كبير” قد يكون رجلا أو امرأة كلمته/ها نافذة، والسودانيون عموما يحترمون التراتب بحكم السن فتجد في عائلة ما بنتا عمرها 25 سنة لديها سلطة إعطاء الأوامر لشقيقها البالغ من العمر 22 سنة.. وعلى المستوى الشخصي فإنني ورغم صلاحياتي الدكتاتورية، احرص على إبلاغ زوجتي بأنني ذاهب الى المكان الفلاني او أنني سأتأخر عن مواعيد العودة المعتادة الى المنزل، وبنفس القدر فإنها لا تذهب الى بيت جارتها الملاصق لبيتنا دون ان تبلغني بذلك، ومن ثم تعلم عيالي أدب الاستئذان.. لي ولد يعمل مدير إدارة طبية ومتزوج ويقيم في بيت خاص به ولكنه حافظ على تقليد ابلاغنا بتحركاته، وما زال يعرف أنني لا أسمح له بالتسكع الليلي فلا يبقى خارج بيته لما بعد العاشرة مساء إلا لسبب وجيه (من وجهة نظري أنا وأمه).. هذه ديكتاتورية حميدة لأنني التزم بنفس الشروط والضوابط التي افرضها على عيالي. كان لابد من هذه المقدمة واللف والدوران قبل أن أكتب عن ثلاث فتيات سودانيات اشتركن مع أمهن في قتل أبيهن بوضع السم له في كوب القهوة.. ولماذا استحق الرجل القتل؟ لأنه يمنع بناته من السهر خارج البيت، والذهاب الى الحفلات الغنائية..هذا ما قلنه للمحققين،.. في كل قطيع ماعز أجرب وفي كل مجتمع عائلات وأفراد فالتون لا يقيمون وزنا للقيم والمثل والأخلاق.. الجريمة حدثت في مدينة اقليمية صغيرة في شرق السودان.. سمعنا عن زوجات استعن بعيالهن لقتل زوج/أب باطش او سكير او مدمن مخدرات، ولكن لا دين ولا عرف يسمح بمثل تلك الفعلة، فما قولك في امرأة تحرض بناتها على الاشتراك معها في قتل أبيهم لأنه يحرمهن من الصياعة والصرمحة .. من حقي ان استنتج ان تلك الزوجة/ الأم فاسدة في نفسها ومن ثم أفسدت بناتها.. لا،.. هي فاجر وإلا لما رأت في منع بناتها من السهر خارج البيت جريمة تستوجب القتل! وقتل من؟ الأب! ولماذا حرص الأب على منع بناته من قضاء الليل حيث الغناء والرقص؟ لأنه يعتقد ان في ذهاب البنات الى حفلات “من طرف” لا تخص عائلتهن، نوعا من الصياعة التي تقود الى المفسدة.. لعلم القارئ لا توجد عندنا في السودان أندية للرقص حتى في الفنادق الكبرى.. ولكن أعراسنا يكون فيها طرب ورقص وهناك حشريون طفيليون من الجنسين يذهبون الى بيوت الأعراس دون ان يكونوا مدعوين إليها.. هذه ظاهرة معروفة في كل البلدان وتسمى هذه الفصيلة بالانجليزية gate crashers أي الذين يقتحمون الأبواب بدون إذن.
هل أنا مخطئ في تحميل الفضائيات العربية قسما كبيرا من وزر إفساد الأخلاق؟ لا أظن ذلك.. تابعوا يوميا المضحكات المبكيات عن مهند ونور بطلي المسلسل التلفزيوني التركي، وآخرها عن محمد الذي تقدم لخطبة فتاة فقبلت به بشرط ان يغير اسمه الى مهند.. ولأنني عكننت مزاجكم اليوم سأختم مقالي بطرفة سائق التاكسي المسطول الذي ركبت معه ثلاث فتيات وقلن له بأدب: ممكن نروح فندق هيلتون؟ فقال لهن: ممكن، بس ما تتأخروا كتير... مسطول ولكنه لم ينس مسؤولية الأب!


jafasid09@hotmail.com

للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 151 مسافة ثم الرسالة
أخبار ذات صلة