من يعود إلى بدايات الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي في بلادنا يجد المهنية الإعلامية متجسدة في جيل الريادة وهم لم يدرسوا الإعلام ولم يتخرجوا من جامعة، ولكن الذي حفر أسماءهم نجوماً في سماء الإعلام هو مهنية الانتاج وما داخل نفوسهم من تفاعل مع المهنة، ولذا فإن انتاجهم مكتوباً او مسموعاً أو مرئياً فاق من بعدهم لانه كلُّ مُيسر لما خُلق له، وهؤلاء قد سرى الاعلام في دمائهم فأنتجوا ما وصل الى المتلقي وما جعلهم أعلاماً في الإعلام. في سماء المهنية حلّق عبدالعزيز بن سعد الغامدي المدير العام لوكالة الأنباء السعودية الذي فقدناه يوم الاثنين 22/4/1429هـ، 28/4/2008م تاركاً إرثاً إعلامياً في الإعلام المكتوب بعد عمر قضاه في وكالة الانباء السعودية (واس) وكان واحداً من الرواد المهنيين في العمل الاخباري مثله مثل الاسماء الرائدة في بدايات الصحافة والاذاعة والتلفاز او الجيل الذي لمع بجودة انتاجه لا بحصوله على مؤهل اعلامي في سماء الإعلام، فكان نجماً يسبح في فضائها من عام 1390هـ لم يغادرها إلى عمل آخر بل لم يغادر صالات التحرير الاخباري ولن أبالغ ان قلت ان آلاف الأخبار مرت بين أصابعه وعينيه على مدى ما يقارب 4 عقود أعيت عينيه ولم تتعب أصابعه وان كانت أنهكت ذهنه الذي ظل يتابع أحداث العالم لمتابعة تلك الأحداث المتسارعة.
عبدالعزيز مهني يأخذ عناصر الخبر ثم يصنع منه خبراً مهنياً، وهي مقدرة من السهل الممتنع وكان الاستاذ عبدالله هليل (المدير العام المؤسس لوكالة الانباء السعودية اخبارياً وفنياً) يقول: الصحفي الذي اذا قرأ الصحيفة أبعدها ثم حرر الخبر، وكان عبدالله هليل من هذا النموذج يحرر الخبر وهو يشاهد الحفل في التلفاز، وكان عبدالعزيز الغامدي من هذا النوع المهني ومثلهما كثر في عالم الصحافة الخفي.
سهر عبدالعزيز الليالي الطوال، ولازم مكتبه ساعات النهار، ولاحقه الهاتف في كل مكان وقد يضع اللقمة من فيه لاجازة خبر لأن تلاحق الأخبار أسرع من التهام الطعام ومع هذا فما أكثر ما تلقاه من مكالمات تلوم أو تؤاخذ وأكاد أجزم أنه لم يتلق هاتفاً شاكراً وعاش القلق مما تقذف به وكالات العالم من أخبار المآسي أمامه، وكثيراً ما صمت وهو يرى جهده يُحذف من اسم (واس) في الصحف الا ما نشر من أجل اخلاء المسؤولية وكنت أخفف عنه ذلك اننا نعمل من أجل تقديم خدمة صحفية وعلينا تقبل اختلال الأمانة الصحفية في العالم الثالث حتى في عهد الانترنت، ذلك عالم عشته واصطليت به وسمعت كلام غير المهني واعرضت عنه ومع ذلك بقي عبدالعزيز صامداً يُسر إذا حقق سبقاً صحفياً على كثرة معوقات هذا السبق وقد يختطفه آخر وينسبه لوسيلته الاعلامية. سنون عشتها وعاشها عبدالعزيز ويعيشها زملاء في عالم وكالات الأنباء طابعها السهر والقلق ولكن المهني يجد متعته في التعب.
فاكس 012311053
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM
للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 123 مسافة ثم الرسالة
عبدالعزيز الغامدي.. مهنية الإعلام
4 مايو 2008 - 21:00
|
آخر تحديث 4 مايو 2008 - 21:00
تابع قناة عكاظ على الواتساب
