قرأت ما كتبه الأخ سلطان العامر في ملحق “ الدين والحياة “ (الخميس 18 / 04 / 1429هـ العدد 15216) تحت عنوان “ هل يقتل المرتد ؟ “، وعجبت من طريقة طرحه الخالية من الطرح العلمي المستند إلى الأدلة من الكتاب والسنة وبفهم علماء الأمة، إلى جانب التبريرات العقلية التي يوحي كلامه فيها بعدم وجود دليل صريح واضح في المسألة ! وحقيقة لن أخوض في التبريرات العقلية التي ذكرها الأخ سلطان وجعل دليله من ختم كلامه به، وسأدخل مباشرة في الأدلة من الكتاب والسنة وفهم علماء الأمة لهما لأن فيهما الكفاية لمن أراد الله له الهداية . ولا ريب عند من أنار الله بصيرتهم بالكتاب والسنة أن الردة من كُبرى الجرائم في نظر الإسلام، لأنها خطر على المجتمع المسلم وكيانه، ولعلي أضع بعضا من أدلة حكم الردة وشواهد من فعل الخلفاء الراشدين بالمرتدين :
أولاً : دور الحكام والعلماء في حفظ الدين :
إن من أهم مقاصد الشريعة بل هو لب المقاصد كلها، وأُسها مقصد المحافظة على الدين، قال تعالى : “ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ “ [ آل عمران : 19 ]، وقال تعالى : “ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ “ [ آل عمران : 85 ]، والله قد تكفل بحفظ دينه كما قال تعالى : “ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ “ [الحجر: 9]، ومن الوسائل التي شرع الله المحافظة عليه ما يقع على عاتق العلماء والحكام، فالعلماء هم حُراس الشريعة وحماتها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في “ الفتاوى “ (28 / 187) : “ فالمرصدون للعلم عليهم للأمة حفظ الدين وتبليغه، فإذا لم يبلغوهم علم الدين، أو ضيعوا حفظه كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين “ .ا.هـ.
وأما الحكام فإنهم يطبقون أحكام الله، ولذا قرر أهل العلم إن من أولويات الواجبات على الحاكم المسلم : حفظ الدين، قال الماوردي الشافعي في “ الأحكام السلطانية “ (ص 15): “ والذي يلزمه من الأمور العامة عشرة : أحدها : حفظ الدين على أصوله المستقرة، وما أجمع عليه سلف الأمة... “ .ا.هـ. فالمحافظة على الدين مقصد أساسي من مقاصد الشريعة، لا يمكن التفريط فيه بحال من الأحوال .
ثانياً : أدلة حكم المرتد من الكتاب والسنة :
أدلة الردة جاءت في الكتاب والسنة متعددة، وأجمع عليها أهل العلم، فمن القرآن:
1 – قال تعالى : “ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ “ [البقرة : 217] .
فهذه الآية صريحة في كفر المرتد، قال القرطبي : “ وَمَنْ يَرْتَدِدْ “ أَيْ يَرْجِع عَنْ الْإِسْلَام إِلَى الْكُفْر ... أَيْ بَطَلَتْ وَفَسَدَتْ ... فَالْآيَة تَهْدِيد لِلْمُسْلِمِينَ لِيَثْبُتُوا عَلَى دِين الْإِسْلَام “ .ا.هـ.
وقال الطبري : “ وَمِنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينه “ مَنْ يَرْجِع مِنْكُمْ عَنْ دِينه ... “ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِر “ يَقُول : مَنْ يَرْجِع عَنْ دِينه , دِين الْإِسْلَام , فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِر , فَيَمُتْ قَبْل أَنْ يَتُوب مِنْ كُفْره , فَهُمْ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالهمْ “ .ا.هـ.
أما قتله بسبب ردته فيؤخذ من نصوص السنة كما سيأتي ...
2 - عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : “ أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ : “ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “ لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ “، وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ “ .
أخرجه البخاري (6922)، وأبو داود (4351)، والترمذي (1458)، والنسائي (7 / 104)، وابن ماجه (2535)، وأحمد (1 / 217، 282) .
ولفظ الترمذي : “ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيًّا حَرَّقَ قَوْمًا ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ ... “ . وقال عقب الحديث : “ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمُرْتَدِّ “ . يعني قتل المرتد .
فهذا نصٌ واضحٌ من فعل عليّ بنِ أبي طالب عندما قتل المرتدين في خلافته، وأقره ابنُ عباس مع اختلافه معه في طريقة قتلهم، وليس في أصل الحكم .
3 – عَنْ أَبِي مُوسَى قَال : أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي رَجُلَانِ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِي، فَكِلَاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ، فَقَالَ : “ مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى ، أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ “، قَالَ : فَقُلْتُ : “ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ “، قَالَ : “ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ، وَقَدْ قَلَصَتْ ”، فَقَالَ : “ لَنْ، أَوْ لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى، أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ”، فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ : “ انْزِلْ “، وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قَالَ : “ مَا هَذَا ؟ “، قَالَ : “ هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ، فَتَهَوَّدَ “، قَالَ : “ لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ “، فَقَالَ : “ اجْلِسْ، نَعَمْ “، قَالَ : “ لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ “، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرَا الْقِيَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا مُعَاذٌ : “ أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي “ .
أخرجه البخاري (6923)، ومسلم (3 / 1456 – 1457 رقم 15) .
قال النووي : “ فِيهِ : وُجُوب قَتْل الْمُرْتَدّ , وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْله ... “ .ا.هـ.
وقال الصنعاني في “ سبل السلام “ : “ الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ، وَهُوَ إجْمَاعٌ “ .ا.هـ.
فهذه القصة أيضاً نص واضح في المسألة، ومن فعل الصحابة .
4 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ
أخرجه البخاري (6878)، ومسلم (1676) .
قال الإمام النووي الشافعي عند قوله صلى الله عليه وسلم “ وَالتَّارِك لِدِينِهِ الْمُفَارِق لِلْجَمَاعَةِ “ : “ فَهُوَ عَامّ فِي كُلّ مُرْتَدّ عَنْ الْإِسْلَام بِأَيِّ رِدَّة كَانَتْ , فَيَجِب قَتْله إِنْ لَمْ يَرْجِع إِلَى الْإِسْلَام ... “ .ا.هـ.
وقال المباركفوري في “ التحفة “ : “ أَيْ الَّذِي تَرَكَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَخَرَجَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَانْفَرَدَ عَنْ أَمْرِهِمْ بِالرِّدَّةِ الَّتِي هِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا أَوْ اِعْتِقَادًا فَيَجِبُ قَتْلُهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ “ .ا.هـ.
5 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : “ لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ ، قَالَ عُمَرُ : “ يَا أَبَا بَكْرٍ ؛ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ “، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : “ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا “، قَالَ عُمَرُ : “ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ “ .
أخرجه البخاري (6924، 6925)، ومسلم (20) .
6 - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَخَذَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَوْمًا ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَكَتَبَ فِيهِمْ إلَى عُثْمَانَ، فَرَدَّ إلَيْهِ عُثْمَانُ : أَنْ اعْرِضْ عَلَيْهِمْ دِينَ الْحَقِّ، وَشَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِنْ قَبِلُوهَا، فَخَلِّ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوهَا، فَاقْتُلْهُمْ - فَقَبِلَهَا بَعْضُهُمْ فَتَرَكَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْهَا بَعْضُهُمْ فَقَتَلَهُ .
أخرجه الخلال في “ أحكام أهل الملل “ (1213) بسند صحيح .
وهذا في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه .
وأورد ابن حزم في “ المحلى “ (11 / 191) آثاراً كثيرة عند كلامه عن حكم المرتد من أراد الاستزادة فعليه الرجوع إليها .
وفي هذه النصوص كفاية لمن أراد الحقّ، وأذعن له، ولم يردّها لبعض الحجج الواهية التي لم يقل بها أولئك الأئمة الأعلام ممن شرحوا أحاديث الردة، وبوبوا لها في كتبهم بأحكام الردة، أو حكم المرتد، ولولا خشية الإطالة لأتيتُ بكل ترجمة ترجم بها أولئك الأئمة للأحاديث الآنفة .
ثالثا : الإجماع على قتل المرتد:
انعقد إجماعُ أهل العلم سلفاً وخلفاً على قتل المرتد، وفي قصة قتالِ الخليفة أبي بكر الصديق للمرتدين، وموافقة الصحابة له دليل على إجماع الصحابة على ذلك، وهو قول فقهاء المذاهب الأربعة . قال الإمام النووي الشافعي في “ شرح مسلم “ (12 / 208) : “ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْله ... “ .ا.هـ. وقال ابن القطان في “ الإقناع “ (2 / 271) : “ وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن الكافر إذا قال : “ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن كل ما جاء به حق، وأتبرأ من كل دين خالف الإسلام، وهو بالغ صحيح يعقل أنه مسلم، فإن رجع بعد ذلك فأظهر الكفر كان مرتداً يجب عليه ما يجب على المرتد “ .ا.هـ.
وقال ابنُ قدامة الحنبلي في “ المغني “ (10 / 74) : “ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَخَالِدٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ، فَكَانَ إجْمَاعًا “ .ا.هـ.
وقال الصنعاني في “ سبل السلام “ عند شرحه لحديث ابن عباس : “ من بدل دينه فاقتلوه “ : “ الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ عَامٌّ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْأَوَّلُ إجْمَاعٌ . وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ . ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ الْمُرْتَدَّةُ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ “ مَنْ “ هُنَا تَعُمُّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ... “ .ا.هـ.
وغيرهم كثير ممن نقلوا الإجماع على قتل المرتد .
رابعا : هل يستتاب المرتد قبل قتله ؟
بعد تقرير قتل المرتد من الكتاب والسنة والإجماع، فقد اختلف أهلُ العلم في استتابة المرتد .
قال الصنعاني في “ سبل السلام “ : “ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ هَلْ تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ قَبْلَ قَتْلِهِ، أَوْ لَا ؟ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ لِمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد هَذِهِ وَلَهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَدَعَاهُ أَبُو مُوسَى عِشْرِينَ لَيْلَةً، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا وَجَاءَ مُعَاذٌ فَدَعَاهُ فَأَبَى فَضَرَبَ عُنُقَهُ . وَذَهَبَ الْحَسَنُ وَطَاوُسٌ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَآخَرُونَ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ فِي الْحَالِ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ “ يَعْنِي وَالْفَاءُ تُفِيدُ التَّعْقِيبَ كَمَا لَا يَخْفَى “ .ا.هـ.
خامسا : مَنِ المخولُ بقتل المرتد إذا ثبت في حقه حكم الردة ؟
لا يكون قتلُ المرتد إلا للإمام، وليس لكل أحد، لأنه لو كان لكل أحد لأصبح الأمر فوضى .
قال ابنُ قدامة الحنبلي في “ المغني “ (10 / 80) : “ وَقَتْلُ الْمُرْتَدِّ إلَى الْإِمَامِ، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا . وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا الشَّافِعِيَّ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْعَبْدِ، فَإِنَّ لِسَيِّدِهِ قَتْلَهُ ... “ .ا.هـ.
سادسا : وماذا بعد ؟
بعد التقريرات الآنفة فإن فيها الكفاية لمن أراد الله له الهداية، ورداً على أولئك الذين يريدون إرضاء الغرب بإسقاط حكم الردة، ورداً على أتباع كل مدرسة فكرية معينة فسروا نصوص الكتاب والسنة بحسب أهوائهم، ومن غير رجوع إلى من سبقهم، ورداً أيضا على من أتوا بقيود باطلة في حكم قتل المرتد لم يأتِ بها سلف الأمة .
وأخيراً : من أراد أن يعرف حقيقة هذه المسألة وخطورتها فما عليه إلا الرجوع إلى كتب الحديث، وفقهاء المذاهب، وكيف اعتنوا ببيانها وتوضيحها ؟!، ولم يتركوا شاردة ولا واردة فيها إلا أتوا عليها بالبيان والتوضيح .
جزاهم الله عنا خير الجزاء على ما بينوا وقرروا ووضحوا .
* باحث شرعي - الدمام
ردا على سلطان العامر..مبارك المصلح:
اختلاف أهلُ العلم في استتابة المرتد .. لا في حكم قتله
30 أبريل 2008 - 19:39
|
آخر تحديث 30 أبريل 2008 - 19:39
اختلاف أهلُ العلم في استتابة المرتد .. لا في حكم قتله
تابع قناة عكاظ على الواتساب
بقلم: مبارك عبدالله المصلح *