جلسوا في غرفة كبيرة.. أقدر أقول إنها صالون وأنا مطمئن.. حسب وصف الراوي لها.. كانوا مجموعة من الأصحاب.. رغبوا أن يجتمعوا بعد غياب طويل.. مرقت سنوات دون أن يلتقوا.. افترقوا بعد الثانوية.. لكن الأخ الكريم والجميل حمود.. أنا أقول إنه كريم وجميل حسب وصف الراوي له.. وإلا أنا فما أعرفه.. أحب أن يجمعهم عنده.. فالدنيا لذتها ورونقها لقاء الأصحاب.. لأنها ما تسوى عشرة قروش بدون مثل هذه اللقاءات.. كما يقول الأخ الكريم الجميل حمود.. بعد أن تعشوا وغسلوا أيديهم رجعوا إلى أماكنهم.. ليكملوا سواليفهم وأسئلتهم لبعضهم عن أخبار الدنيا معهم.. فبدأوا.. وهم جلوس.. صوت مزيكة تخرج من مناخر الأخ سلطان.. وكان فاتحا فمه ومغمضا ومسندا رأسه إلى الخلف.. فضحك الصحاب منه وهم مندهشين ومستغربين ( أدري أن مندهشين خبر مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم.. يعني المفروض يكون مندهشون.. لكن أنا دايما أحب النصب.. النصب أحسن من الرفع).. ثم أيقظوه.. وحسب كلام الراوي أنه غفا عندهم بسبب التعب لأنه يعمل فترتين.. في الصباح حتى الظهر في إدارة حكومية ما وبعد الظهر في شركة حتى الساعة التاسعة.. والراوي وهو الأخ عثمان أكد لي أن السبب هو التعب بعد ما قلت له إنه.. يمكن.. أكثر من الأكل.. ونومة الأخ سلطان حوّلت سواليفهم إلى النوم.. بعضهم يذكر أنه ما يقدر ينام إلا في فراشه.. وأنه يتعجب من الناس اللي ينامون في الطائرات أو في المطارات أو في الأماكن العامة.. وبعضهم يذكر أنه لا يمكن يجيه النوم وهو لابس ثوب.. مثلا.. ثم ذكر بعضهم إنه فيه ناس ينامون وهم يسوقون السيارة.. وأنه فيه ناس يتكلمون وهم نايمين.. وفيه ناس يمشون وهم نايمين.. وبعد عشرين دقيقة أو ربما بعد ثلاثين دقيقة.. بصراحة لم أتأكد من الراوي الأخ عثمان في هذه المسألة.. المهم بعد أقل من ساعة بدأ صوت المزيكة يرتفع من جديد.. بدأ خفيفا هادئا ثم بدأ يرتفع أعلى وأعلى حتى صارت مزيكة صاخبة وصار مصدرها المناخر والفم.. وصاحبتها إيقاعات.. إيقاعات البراطم.. فصمت الصحاب يصغون لهذه المزيكة اللي تشبه مزيكة الجاز.. ثم حرّكه الأخ مبارك.. وكان يجلس بجواره.. ونادى عليه « سلطان.. سلطان.. قم رح لبيتكم.. . «.. فتحرّك الأخ سلطان مستديرا ناحية الأخ مبارك.. وطوّقه بذراعيه وهو يحرّك فمه.. كأنه يعلك علكا وقال « اتركيني.. اليوم عندي إجازة.. . «.. فلكزه الأخ مبارك وهو يصرخ به « قم.. رح.. نم عند مرتك.. . تنام عند الرجال !.. قم.. . «.. فقفز الأخ سلطان واعتذر من الصحاب و ودّعهم ومشى إلى بيته.. وبعد أن غادر سحب الأخ مبارك جسمه إلى الأمام وصار على طرف الكنبة.. وبدأ يحرّك يديه في الهواء يطلب من الأخوة أن يسكتوا ويصغوا لحكايته.. يبدو أنه عنده حكاية لها علاقة بالنوم.. وربما شبيهة بما جرى للأخ سلطان.. يروي لي الأخ عثمان.. يقول.. قبل أن يحكي الأخ مبارك حكايته سمعنا طرقا خفيفا على الباب الداخلي.. العائلي.. فقام الأخ حمود.. ورجع إلينا ومعه الرأس.. رأس الشيشة.. وضعه على الشيشة.. وحرّكه وهو واقف منثنيا.. أداره يمينا وشمالا.. ثم وضع الولاّعة فوقه وجلس ثم قال للأخ مبارك « ايه.. وش تقول إنت ؟.. هات سالفتك «.. فبدأ الأخ مبارك يحكي:
فلان الفلاني أستاذ في الجامعة.. أستاذ مساعد وتمت ترقيته إلى أستاذ مشارك.. نوّام.. ما فيه أحد مثله في النوم.. كان نايم.. في الصباح الباكر دقّت الساعة المنبّهة الخرّاشة.. ترررررن.. ترررررن.. فهزّته زوجته وهي تقول له.. قم يا فلان.. قم.. فقال لها.. قولي له إني مسافر.. أو طالع للبر ولا رجعت.. قولي له أي حاجة.. قالت له وهي تهزّه.. قم يا بن الحلال.. قم رح لشغلك.. لا تتأخّر.. فقمز من فراشه.. ولبس ملابسه و أخذ حقيبته وركب سيارته وانطلق للجامعة.. عنده اختبار.. وجد الطلاب في القاعة.. نادى على أسماء الطلاب ولمّا شافهم مكتملين.. وزّع عليهم أوراق الأسئلة.. وطلب منهم أن يبدأوا الإجابة بعد ما يكتبون أسماءهم.. ثم جلس.. وطلب منهم أن لا يسألوا.. وبدأ السكون.. وبدأ ينعس فأخرج نظارة سوداء ولبسها.. ويبدو أنه دخل في غفوة.. في نومة.. بعد عشر دقايق رنّ تلفون أحد الطلاب.. فقال الأستاذ فلان.. قولي له يا بنت الحلال إني مسافر.. أو قولي له إني انزلقت وطحت البارحة وانكسرت رجلي.. وإني توني أنام لأني ما نمت البارحة.. قولي له إني طول البارحة وأنا في المستشفى ما رجعت إلا وجه الصبح.. عند الفجر.. فترك الطلاب أوراقهم وصاروا يطالعون فيه مستغربين و يبتسمون.. بعد قليل رنّ تلفون طالب آخر.. فقال الأستاذ فلان.. يا هو بلشة.. أبلشنا.. ليتني ما واعدته.. يا شين اللقافة.. روحي قولي له.. أو أحسن خلّي الشغّالة تطلع له وتقول له إني البارحة تعشيت في مطعم ويوم رجعت مسكني اسهال مزمن.. وإني مثلا من ساعتين في الحمّام.. ويمكن يقول للشغّالة مثلا.. أخاف إنّه مغمى عليه في الحمّام أو سقط ميّتا وإنتم ما إنتم عارفين.. خلّوني أدخل وأكسر الباب.. حتى نطمئن.. إذا قال كذا قولي للشغّالة تقول له.. لا.. ما نظن إنه مغمى عليه ولا ميت.. لأننا.. أنا والمدام نسمع من حين إلى آخر أصوات.. أصوات متقطّعة.. لكنها تطمّنا على كل حال..
كان الطلاب يضحكون.. فأيقظه أحد الطلاب الممتازين.. فقال لهم.. هاه.. انتهيتوا.. فقالوا له.. وين انتهينا يا أستاذ !.. إنت تركتنا نبدأ !.. فقال لهم.. إنتم تحسبوني نايم ؟.. أعوذ بالله.. أنا جالس أراقبكم..
المهم انتهى الوقت.. وجمع الأوراق.. وضعها في مكتبه وركب سيارته.. للبيت.. في الطريق.. عند الاشارة.. أخذ غفوة.. حتى جاءه رجل المرور.. فنغزه وهمزه بأصابعه وهو يناديه.. يا أخ.. يا أخ.. فا ستدار ناحيته ولفّ ذراعيه خلف رقبته.. وهو يقول.. ما جاني أحد.. روحي صلّحي لي قهوة.. خرمان قهوة تريني.. ثم استدار إلى الناحية الثانية وهو يقول.. حكّي يا روحي ظهري.. على الخفيف..
في إحدى المرّات نام في المسجد.. لمّا جلسوا للتحيات الأخيرة نام.. ولمّا سلّم الخطيب.. وقال جاره ملتفتا.. السلام عليكم.. قال فلان وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. .
قال الصحاب للأخ مبارك.. حسب رواية الأخ عثمان.. إنت تعرفه يا مبارك ؟.. أجابهم.. لا والله.. شفته مرتين عند البقالة.. كان جاي يبي يشتري جرايد الصبح.. ولمّا قال له البايع.. ما وصلت.. يمكن تجي بعد خمس دقايق.. جلس ينتظر وأخذ غفوة في البقالة.
للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548
تبدأ بالرمز 139 فراغ ثم الرسالة
فـلان الـفـلانـي
24 أبريل 2008 - 22:05
|
آخر تحديث 24 أبريل 2008 - 22:05
تابع قناة عكاظ على الواتساب
فهيد الحماد «أبو هايس»