image1
image1
-A +A
تركي سعد الحربي turki@turki4.com
أوصل النطق والكلام الإنسان إلى الإدراك والوعي الكامل بمحيطه وما حوله، وكان سببا من الأسباب التي جعلت الإنسان يرث الأرض ويسخر جميع المخلوقات عليها لخدمته، مع أنه ليس أقوى الكائنات ولا أكبرها.

ومنذ ذلك الحين مر على الإنسان زمن ليس بالقصير قد يقدر بقرون طويلة والله أعلم، لكنه بعد ذلك وصل إلى أنه اكتشف الزراعة وكان هذا الاكتشاف عبارة عن قفزة حضارية كبيرة، لأنه أسس الحضارات الإنسانية التي حولت المجموعات البشرية المتفرقة، إلى مجتمعات متحضرة، قدمت اكتشافات عظيمة في مجالات المعرفة والثقافة والفن.


وكانت أولى الحضارات -حسبما هو مكتشف حتى الآن- حضارات بلاد ما بين النهرين، وتعاقبت الحضارات في مصر والهلال الخصيب وبلاد فارس وآسيا الصغرى، كالحضارة الفينيقية، وحضارات حوض النيل والإغريقية والفارسية وبلاد السند والهند والصينية. نلاحظ من ذلك أن جميع الحضارات القديمة التي اكتشفت كان موقعها الجغرافي يقع حول شبه الجزيرة العربية، وكما أوضحت دراسات الأنثروبولوجيا أن الإنسان البدائي قبل أن يكتشف الزراعة كان يعيش في قارة أفريقيا.

لذا فإنه ليس من المنطقي أن تقفز البشرية في سلم التطور الحضاري من مجموعات بشرية بدائية تعيش على قطف الثمار، إلى مجتمع حضاري يقدم علوما ونقوشا وتدوينا وفنونا مثل فن النحت الذي نراه في الآثار السومرية!

ولأجل ذلك أعتقد أن هنالك حلقة مفقودة وهي عبارة عن حضارات نشأت قبل الحضارة السومرية والحضارات المصرية القديمة، وأرجح أن هذه الحلقة موجودة في أرض شبه الجزيرة العربية. ومن الأسباب التي تدفعني لذلك الترجيح ما هو جغرافي لأن مضيق باب المندب هو المخرج الوحيد والصالح من القارة الأفريقية، أي أن الإنسان البدائي خرج من أفريقيا إلى أرض الجزيرة العربية، ومن هذه الأسباب أن ربع مساحة الجزيرة العربية منطقة خالية، وباقي المساحة لم يتم فيها التنقيب والبحث والحفريات المكثفة.

لقد تم اكتشاف قرية الفاو التاريخية عاصمة مملكة كندة التي تقع جنوب وادي الدواسر على حدود الربع الخالي، عن طريق الصدفة من قبل موظفي تنقيب آبار النفط في أرامكو! وقد كان اكتشافا أثريا كبيرا وهو بالصدفة فكيف لو كانت هنالك دراسات وبحوث وحفريات؟ وأرجو من الجهات المعنية أن تركز وتخصص مشروعا في هذا الشأن وتفتح فيه الأبواب بالتعاون مع القطاع الخاص والشباب السعودي المتخصص، لتتضافر الجهود التي أتوقع أن تصل فيها النتائج إلى اكتشافات عظيمة تعيد كتابة تاريخ البشرية من جديد.